الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر ، دكتاتور صغير و حلم كبير !!!!!

عبدالله صالح
(Abdullah Salih)

2012 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


الدكتاتور الإخواني الصغير محمد مرسي لم ينتظر طويلا قبل أن يكشف عن أوراق جماعته، ففي خضم نشوة النجاح بوقف الحرب العدوانية لحكومة اسرائيل على الأبرياء في غزة، وبعد أن نال الرضا وانهالت عليه آيات المديح والثناء من أمريكا والغرب بنجاح دبلوماسيته، أستغل هذه الاجواء ليعلن عن نيته ونوايا جماعته في التحكم بالسلطة إذاناً منه ببناء " دولة الخلافة الاسلامية " مستقبلاً !. ذلك الحلم الذي راود ويراود قادة حركة الأخوان المسلمون منذ أن تأسست في مدينة الاسماعيلية عام 1928 على يد (حسن البنا )، وهو الذي استمد فكره من فكر معلمه (محمد رشيد رضا) الذي يشرح بدوره وبوضوح في كتابه ( الخلافة أو الإمامة العظمى ) فكرة إنشاء دولة الخلافة الإسلامية. لا شك بأن تأسيس دولة كهذه تحتاج الى ركيزتين أساسيتين السلطة والمال، سنأتي الى توضيح هاتين الركيزتين لاحقا.
لا يخفي على أي متابع للشأن المصري بأن الاخوان المسلمين التحقوا بالثورة المصرية بعد أن تأكد لهم نجاحها على يد الثوار من الشباب والشابات والقوى الاشتراكية والثورية، فبادروا الى الاحتماء تحت عباءة العسكر بتأييدهم للمجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد رحيل حسني مبارك، كان هدفهم الوحيد هو الاستحواذ بالسلطة وبأية وسيلة كانت بعيداً عن أهداف ثورةٍ راح ضحيتها المئات، ثورةٌ استهدفت إنتشال البلاد من براثن دكتاتور حكم مصر لاكثر من ثلاثة عقود وبناء دولة الحرية والمساواة. هكذا التحق الإخوان المسلمون بالثورة ومن أجل نفس الأهداف دخلوا معترك الانتخابات الرئاسية، تلك الانتخابات التي لو لم يكن فيها رمز النظام السابق ( أحمد شفيق ) منافسا قويا أمام مرشح الإخوان، لما فاز الأخير بنسبة ضئيلة من الأصوات. اليوم نرى المتحدثين باسم هذه الجماعة لا يتحججون سوى بكون مرشحهم مرسي خرج من صناديق الاقتراع وان الاصل في العملية " الدمقراطية " هو خضوع الأقلية لأرادة الأكثرية ، بهذه الحجة ينتقدون الثوار باعتبارهم لا يحترمون قواعد " اللعبة الدمقراطية "، بالضبط كما فعل أتباعهم في حركة حماس إبان فوزهم في الانتخابات التشريعية الفلسطنية.
لقد كان الاعلان الدستوري الذي أعلنه محمد مرسي يوم 22- نوفمبر 2012، القطرة التي أفاضت الكأس، فخلال حكمه الذي بدأه بتهميش قادة الجيش وعزل بعضهم وتنصيب آخرين، بمباركة من أمريكا والغرب بالطبع، أعطى هذا الدكتاتور إشارة واضحة الى نياته خصوصا بعد أن التحق بمحور قطر- تركيا – أمريكا ، ذلك المحور الذي تكفل ولا يزال بأجهاض ثورات الربيع العربي والإتيان بسلطات تراعي المصالح الامريكية والغربية كما كان الحال في السابق وتعطي لقطر وتركيا دورا إقليميا أكبر كمنافس قوي للدور السعودي دافعاً إياه الى حافة التهميش. دولة الخلافة الاسلامية لا تعني بالنسبة لأمريكا وحلفاءها ذلك الخطر مادامت هذه الدولة تحافظ على مصالحها ولا ترتبط بتنظيم القاعدة، بل وربما ستعمل لاحقاً على ترويض بعض من التيارات المتشددة داخل الاسلام السياسي، وهي بذلك، أي أمريكا، وعرفانا منها بالجميل، سوف لن ترفع راية " حقوق الإنسان " بوجه هؤلاء كما تفعل بالنسبة لإيران.
إن موقع مصر الستراتيجي في منطقة الشرق الاوسط والعالم العربي جعلها محط إهتمام كبير ليس بالنسبة لأمريكا والغرب فحسب، بل وبالنسبة للعديد من دول العالم. اذا كانت مصر تمتلك هذه الاهمية فبالنسبة للاسلام السياسي أهميتها أكبر فهي التي كانت حاضنة هذا الاسلام السياسي منذ بداياته ولا تزال، إذا النجاح فيها هو نجاح لمجمل حركة الاسلام السياسي في العالم والعكس صحيح.
دولة "الخلافة الاسلامية" تحتاج الى السلطة، وهاهي الآن بيد الاخوان ورئيسهم مرسي، ولكي يتم تثبيت ركائز هذه السلطة فهي تحتاج الى دستور يُبني على أساس الشريعة الاسلامية، ولكي تكون الشريعة الاسلامية هي المصدر الاساس، لا بل الوحيد للدستور، تحتاج الى مشرعين فقهاء في الدين وهذا ما فعل مرسي بالضبط فقد أتم صياغة الدستور المطلوب على يد حفنة من أتباعه وعلى عجل، ثم اعلن بانه سيجري الاستفتاء علية اواسط هذا الشهر، اذا السلطة سوف يتم تثبيت ركائزها بعد ان صارت قرارات الرئيس فوق القانون وأصبح فرعونا آخر على مصر. أما الركيزة الثانية وهي المال، فالاخوان ورثوا خزائن مفلسة ، وإن هذا المشروع الستراتيجي بحاجة الى أموال طائلة لا تمتلكها مصر، فجاءت قطر من خلال شيخها يوسف القرضاوي عراب السياسة الدينية والإخواني السابق لتعلن دعمها المادي لمصر، هذا الوضع جاء متزامنا مع طموح قطر في لعب دور اقليمي يفوق حجمها ، بالإضافة الى ذلك فأن تحركات الاخوان المسلمين في الكويت وبدرجة ما في الامارات سوف لن تخلوا من تأثير على مد "دولة الخلافة" المرتقبة بالمال في حال اذا نجحوا للظفر بالسلطة !! هذا التحليل تظهر بوادره بوضوح من خلال موقف قناة الجزيرة القطرية من أحداث مصر.
تمخض جبل فولد فأرة ، بهذه العبارة يمكن وصف الخطاب الأخير لمرسي وسط احتجاجات ربما تكون قد فاقت تلك التي جرت أيام حسني مبارك، هذا الخطاب إن دل على شيء فإنما يدل على إن الاخوان غير مستعدين للتنازل عن سلطة حلموا بها طوال عمرهم ، لقد حاول مرسي شق صفوف المعارضة بطرحه فكرة الحوار، وجاءت مباركة الرئيس الأمريكي أوباما لهذه الفكرة بسرعة حيث دعى كل الأطراف الى الدخول في حوار دون قيد أو شرط، مدركا بأن هناك فلول انتهازية دخلت الى صفوف المعارضة يمكن استخدامها كورقة ضغط على باقي الاطراف، موقف الانتهازي ( أيمن نور ) رئيس حزب "غد الثورة" على سبيل المثال .واليوم أصدر الجيش الذي يقوده مرسي بياناً تحذيرياً للمعارضة بأنه لن يسمح بالعبث بأمن الدولة والمواطن، فجاء الترحيب بها فوراً من قبل الاخوان ووصفوه بأنه "محايد" ، إنها ورقة أخرى يستخدمها مرسي وجماعته للضغط باتجاه الإذعان للقرارات الدكتاتور وعدم المساس بـ"الشرعية "!!
المصريون ومعهم كل أحرار العالم هم اليوم على أبواب مرحلة تأريخية مهمة وحساسة ، مرحلة يجب التعامل معها بروح الثورة وإستمراريتها حتى النهاية والحذر من مساومات القوى البرجوازية، فأما العودة اربعة عشر قرن الى الوراء والاستسلام لأجندة خفافيش الظلام في فرض ارادتهم وشريعتهم على المجتمع المصري الحضاري ومن خلاله على باقي مجتمعات المنطقة، وأما كنس هؤلاء ورميهم في مزابل التأريخ ، إن شعار ( مش حنمشي، هو يمشي ) وعشرات من الشعارات المعادية للإخوان ولمرسي، تردده مئات الآلاف من الحناجر ليل نهار، شعارات تخبيء في طياتها أمل الملايين من الشباب والشابات والقوى الثورية، أمل بناء دولة الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية على أطلال هذه الدكتاتوريات.
8 - ديسمبر - 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في