الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدرس المصري

حميد المصباحي

2012 / 12 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ما الذي حدث بمصر؟
رئيس ينتخبه الثوار بعد إسقاط نظام حسني مبارك,يتم الإتفاق على صياغة دستور جديد,ينظم علاقة الحاكم بالحكام,ويؤسس لسلط تحد من صلاحيات مؤسسة الرئاسة,التي تعلم منها الشعب المصري,ضرورة وضع سلط فوقها وأخرى مستقلة عنها,لكن حركة الإخوان المسلمين,ومن خلال مرشدها العام,اقترحت توسيع سلطات الرئيس,بحجة النيل من فلول النظام السابق,والتحكم في النيابة العامة,التي أرادت استحضار القانون لمحاكمة المتهمين,وهي حجة لاتصل حد البرهان,بل مجرد مبرر لإعادة صياغة السلطة الرئاسية,لتكون لها القدرة على التحكم في المجتمع المصري,بسط نفوذها على كل المؤسسات الأخرى,وقد نسي فقهاء الجماعة,أن حيلهم لن تنطلي على جهابدة القانون المصري,وخصوصا الثوار منهم,فلا يمكن القبول بتوسيع صلاحيات رئيس,نشأ داخل جماعة دينية,ويأتمر بأمر مرشدها الديني,ذي الصلاحيات الشرعية,المعتقد أنها شبيهة بإمارة المؤمنين كما كانت في مرحلة الخلافة الدينية الإسلامية,وقد اعتقدت جماعة الإخوان المسلمين,أنها أغلبية بحكم إسلامية المجتمع المصري,وبذلك فلها حق إقامة الشرع,وأن الرافضين لذلك لن يكونوا إلا كفارا,دمه حل وأموالهم وحتى نساؤهم,وهذا ما أدركته القوى الحية,التي فطنت للعبة وقررت التصدي لها ببطولية نادرة,فما كان للرئيس غير تحريك ملشياته العنيفة لتتصدى للمعتصمين وتعتدي عليهم بالضرب والجرح والإختطافات مع الكثير من أساليب التعذيب,التي ذكرت المصريين بأيام حكم حسني مبارك ونظامه البائد,وهو ما لا يمكن القبول به من طرف المصريين,الذين أنجزوا ثورة وهم مستعدون للددفاع عنها,والذهاب بها بعيدا,أبعد مما اعتقد مرشد حركة الإخوان المسلمين وحتى الرئيس نفسه,المنتخب,والذي لم يعرف كيف يكون المعبر العاقل عن الصوت المصري الثائر ضد الظلم والطغيان,لكن المصريين نزلوا للشوارع للدفاع عن الثوار وأبنائهم,وإنجازات الثورة التي ضحى في سبيلها الثوار بحياتهم,قدمت مصر شهداء من خيرة أبناء الشعب المصري,فكان على الرئيس الدعوة للحوار السياسي مع المعارضة,التي اشترطت سحب الدستور وملحقاته التي كانت ممهدة لبناء نظام دكتاتوري ربما أكثر عنفا من النظام السابق,مما يعني أن هناك دروسا بليغة لابد من استحضارها من خلال التجربة المصرية,فما هي هذه الدروس؟؟
الدرس الأول
حركات الإسلام السياسي,ينبغي الإقرار معها بأن توظيف الدين سياسيا,يتناقض مع القيم المدنية والتنافس السياسي بين القوى المختلفة,فالإسلام ليس من حق أية حركة سياسية المتاجرة به لكسب أصوات الناس,أو تضليلهم بأنها تدافع عن الشرع,أي الإسلام,فلا أحد جدير بهذا الشرف من القوى السياسية المتصارعة للوصول للسلطة,فالدين يدافع عنه العلماء,المستقلون عما هو سياسي,من خلال مؤسسات دينية لهم حق التعبير عنها وفق القواعد الشرعية التي يجتهدون فيها وفق الحاجيات الروحية للمجتمعات العربية والإسلامية,وبذلك تكون حتى الدولة نفسها ليس لها حق البحث عن المبررات الدينية والشرعية لوجودها,فهي نتاج تعاقد بين المواطنين,وعليها خدمتهم كمواطنين,ولا حق لها عليهم من منطلق السلطة الدينية والشرعية,بل هناك حقوق عليها أن تفي بها,وعلى المواطنين واجبات محكومة بقوانين فارضة لها على الكل.
الدرس الثاني
لا تحالف لا تعاطف سياسي مع حركات الإسلام السياسي,في صيغتها الإخوانية السنية,لأنها أثبتت طمعها المرضي في السيطرة السياسية على المجتمعات العربية وعرت عن عقوقها السياسي للدولة المدنية ومعنى المواطنة التي طالما تغنت بها في مرحلة ضعفها,بل عد تصديق تغنيها بالديمقراطية,التي تستغلها من أجل السطو على السلطة السياسية,مما يترتب عن ذلك من مذابح متوقعة من مثل هاته الحركات الفاشية في تربيتها وسلوكاتها السياسية كما عاشتها الجماهير المصرية التي عذبت وسحلت من طرف ملشيات حركة الإخوان المسلمين بأمر من المرشد العام.
الدرس الثالث
أخذ تحذيرات الغرب بعين الإعتبار لحماية هويته,التي دافعت الحركات المدنية العربية عن بعض سلوكات الجاليات العربية بأروبا,من منطلق الحق في التعبير والإعتقاد,وغيرها من الحملات التي كانت مؤسات المجتمع المدني العربية تخوضها دفاعا عن اللجوء السياسي لمثل هؤلاء القتلة الذين يحتمون بفكرة حقوق الإنسان,التي سرعان ما يخترقونها عندما يصلون لدرجة القوة التي تؤهلهم لممارسة العنف,ضد المسلمين الذين يختلفون معهم في تأويل الإسلام,أو غير المسلمين من أهل الديانات الأخرى,فالغرب كما المجتمعات العربية وغير العربية من حقها حماية ثقافتها من الفكر الجهادي الإنغلاقي,السلفي الرافض للحوار والتواصل مع باقي المجتمعات الأخرى والثقافات المختلفة عنه.
الدرس الرابع
على قوى اليسار العربي,الإنتباه إلى خطورة التحالف مع الحركات الدينية الإخوانية بالخصوص,وعدم المزايدة بها على الأنظمة السياسية العربية,تفاديا لهيمنة حكم اتيوقراطي لا يعترف بما هو مدني إلا مرحليا وفي انتظار الفرص المناسبة,مما يعني أن كل الحركات الدينية ذات الجذور الإخوانية ,لها مشروع واحد,غايته سلطة دينية,تبيد كل السلط الأخرى وتتخلص منها,بل قد تلجأ للتحايل على القوى السياسية المدنية وتسخرها لتقويض بنى الأنظمة الإستبدادية ثم الإنقضاض على السلطة وتنحية الثوار لصالح دولة بديلة,تختلف جذريا عن الدولة الديمقراطية كما هي في التفكير السياسي الحداثي,الذي تعاديه حركة الإخوان المسلمين منذ زمن بعيد,وقد عملت على تشويهه,كما فعلت مع العلمانية والحداثة والإشتراكية وغيرها من القيم الإنسانية.
الدرس الخامس
هناك قوى دينية غير إخوانية,وهي قوى تحررية,سنية وشيعية,تقاوم لاسترداد أراضيها,في كل من لبنان وفلسطين,مثل حزب الله والجهاد الإسلامي,لم يثبت لحد الآن ميلها العنيف تجاه خصومها من السياسيين ولا رغبتها الإنقلابية على مجتمعاتها,لأنها طورت واجتهدت في الفكر الإسلامي,وفق الحاجات الحضارية للمسلمين,عكس حركة الإخوان المسلمين,التي بقيت حبيسة التأويلات القديمة في التعامل مع المختلفين معها ياسيا وحتى عقدديا.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ