الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إبني المشاكس

علي فاهم

2012 / 12 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لي إبن مشاكس لا يرتاح حتى يراني انتزع ما تبقى من شعر رأسي الذي وزعته على مصائب العراق و يبدو أن رأسي سيتصحر كما هي بساتيننا التي جف و يبس ترابها و ارتحل عنها اللون الأخضر و غدت صفراء مهملة تحنُ الى تلك الايادي السمراء الخشنة التي كانت ترعاها , عندما غادرها أبنائها مرغمين الى جبهات الحروب حيث لا ناقة لهم فيها و لا جمل و سيغدو راسي بلا ادنى شك أبيض بلا شَعرٍ يواسي العراق مصائبه و ياليت العراق يواسيني كما أواسيه , ابني هذا خبير في إثارتي على السادة المسؤولين في كل زمان و مكان , رغم أني أحاول التهرب من بساميره و مطرقته للحفاظ على حياتي المتهالكة ببقاء بعض من الهدوء الزائف و المصطنع فلا هدوء مع هذا السيل العارم من الأحداث و الأخبار التي تسبب الجلطة و بسبب الأمراض التي منيت بها و يتقاسمها العراقيون بأجمعهم كالسكر و الضغط و الفقر المزمن في حب الوطن الذي لا علاج له حتى في الخارج ,

جاء متعثراً يجر خيبته في حقيبته الثقيلة , مطئطئاً رأسه و الدموع تترقرق في عينيه و يده تحمل ورقة صفراء يحاول إخفائها خلف ظهره , لأول مرة لا يحصل على درجة كاملة وهذه أول مرة يذوق طعم الخسارة المر و لا يدري أننا إنغمسنا بالمرارة حتى هاماتنا منذ قيل لنا أن وطنكم أسمه العراق و رافقتنا الخيبات تجرنا و نجرها حتى يومنا هذا ,

لماذا ؟مالذي حدث ؟ أنت السبب !!! قالها بحرقة و دموع حمراء شبعت بكاءاً.... أنا ؟ نعم ... نقلتني الى مدرسة بثلاث دوامات , و كاعد برحلة يشاركوني أربعة بالجلوس عليها , و صف مفتوح على البرد و المعلم ما ادري شبيه ؟ أنت المسؤول ... أنت ...

يا للمفارقة أخيراً أصبحت أنا مسؤول ...!! أنا الذي كان لساني كالمنشار على المسؤولين ركنت بخانتهم و أنتقلت من جهة المعارضة التي أحتلها أبني و بنقلة نوعية أصبحت في جهة المسؤولية , وقفت كأن السماء سقطت على رأسي مذهولاً أمام أبني و ترهلت أكتافي مستشعراً ثقل المسؤولية عن تلك الدموع التي قطعت نياط قلبي .

نعم لست مسؤولاً مباشراً عما حدث لابني و لكني لم أتحمل أن أقف أمام من أنا مسؤول عنه يحاسبني و يواجهني بما اقترفت يداي !! تذكرت و انا في هذا الموقف ماهو شعور الأخوة المسؤولين عندما يقصروا بواجباتهم و هم مقصرون لا محالة و لكن يبدو انه لا توجد عيون توقفهم أو أصوات تحاسبهم هذا ان لم تكن تلك الاصوات ترفعهم مرة أخرى , يا للخيبة المتكررة , و تعود حليمة الى عادتها القديمة في تقليب كفيها على بعضهما و عض أصابعها و الصراخ من الألم في غرفتها المغلقة ,

اما ابني فلم اجد حلا لي الا ان اجتر له ما بلعته سابقاً من وعود اطلقتها له و ها انا اكرر له تلك الوعود و اضيف لها وعداً أخر ان انقله الى مدرسة أخرى فيها بدل الدوامات الثلاثة دوامين أثنين و الله المستعان على ما تقترفه أيدينا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا