الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس بمناسبة 13 ديسمبر إلى متى سيظل الخدامة قوة ضغط بيد قوى الانقلاب على الحركة الثورية

بشير الحامدي

2012 / 12 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



يمكن القول ودون خشية من الوقوع في الخطأ أن نضالات الحركة الشعبية في تونس ظلت تتعثر و منذ 17 ديسمبر وتدور في نفس الحلقة نتيجة تأثير عاملين ظلا غائبين على ساحة الصراع الطبقي وحكما على الصيرورة الثورية وعلى حركة الجماهير الشعبية بأن لا تتقدمّ بالقوة المفروض ان تتقدم بها إلى حدّ الآن و تعجز عن كسب أشواط من معركتها الطويلة ضد النظام و أجهزته ومؤسساته وقواه السياسية المضادة للثورة.
العامل الأول هو أن الجماهير الشعبية والتي ظلت في حركة صراع متواصل مع قوى النظام ، صراع يخفت طورا و يحتدّ طورا آخر ولم تستسلم لم تقدر على أن تفرز من داخلها قوة ثورية منظمة بإمكانها تأمين شروط أفضل للصراع ضد قوى النظام و كسب انتصارات في معركة التغيير الاجتماعي الجذري. لقد ظل عامل الأزمة كأزمة هو المحرك الفعلي للصراع ولم تصل الجماهير إلى اللحظة الفاصلة التي تحول فيها الأزمة إلى عامل للانتصار، لحظة يتحرك فيها الأفراد والفئات والطبقات وينخرطون في الصراع لا كضحايا بل كأبطال أحرار يستردون وبكل الطرق ما اغتصب منهم [حقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم بكل حرية].
قبل 17 ديسمبر كان يبدو وكأن لاشيء يمكن أن يتغيّر لفترة طويلة وسيطر اليأس والخوف المستبطن على الجماهير ولم يكن الناس يدركون أنه بمقدرهم التأثير في الأوضاع وتغييرها وجعل التاريخ يتقدم بخطى أسرع.
بداية من 17 ديسمبر بدت هذه الصيرورة تتحقق في الواقع ولكن بالقوة وكنتيجة للأزمة الشاملة التي أصبح عليها المجتمع.
بداية من 17 ديسمبر بدا التاريخ يتقدم بسرعة أخرى لم تعهدها الجماهير ولكن في الاتجاه الذي لم ترسمه. لقد بدا التاريخ كله يتقدم ضد حركتها وضد مطالبها وضد أهدافها و يطيح بها الواحدة تلو الأخرى. وبدأ ذلك يتجسم على أرض الصراع مع قوى النظام حتى بدت حركة الجماهير حتى وهي في عنفوانها وكأنها حركة بلا هدف.
لقد سيطرت قوى الانقلاب على الحركة الثورية على مفاصل الحركة ووجهت الصراع إلى الوجهة التي تضمن لها تسريع إعادة مسكها بزمام الأمور كلها وترميم ما انهار أو اختل من مؤسسات و أجهزة النظام.
هكذا هو التاريخ وهكذا هو الصراع إن غاب أبطاله الملحميون والفاعلون الحقيقيون فيه لصالح الثورة والتغيير أو ترنحوا أو ضاعت عنهم السبل أو يئسوا أو توقفوا أو تراجعوا يعتليه أبطاله المسخرة المجرمون والجلادون والتابعون من حراس النظام القدامى والجدد ويدفعونه إلى الوجهة التي يريدون.
هكذا كان الحال في كل الثورات التي عجزت فيها الجماهير الثائرة عن إفراز قوة ثورية من داخلها قادرة على خوض الصراع ضد أعدائها الطبقيين إلى النهاية و الإطاحة بهم.
إنه من سخرية التاريخ أن يعتلي مسرح الأحداث السياسية بعد 17 ديسمبر اثنان : واحد قروسطي عميل و آخر خارج من غبار تاريخ البورقيبية الإجرامي ويصيرا "المنقذين" وكأن لا بديل عنهما. إنها سخرية التاريخ في وجه الحركة الشعبية و أبطالها وجماهيرها والفاعلين فيها من الثورين. إنها سخرية التاريخ من حركة لم تقدر على أن تفرض نفسها على مسرح التاريخ كحركة قادرة على كتابة ملحمة ثورة منتصرة. إنها في الأخير سخرية من بأبطالها الحقيقيين ومن الجماهير التي لم تقدر على الانفصال على مضطهديها.
العامل الثاني وهو عامل في ارتباط كامل بالعامل الأول وهو أن الصراع مع قوى النظام ظل في حلقاته الأكثر ضعفا وتشتتا أي ان الصراع وفي كل أطواره ما عدى بعض المحطات القليلة جدا لم يكن الفاعلون الحقيقيون فيه من بقدرتهم الإجهاز على النظام أي [الخدامة] جيش الشغيلة هذا الجيش الذي لا يهزم لو ينخرط في الصراع على قاعدة طبقية وبمشروع تغيير ثوري.
لقد كان لانخراط جزء من الأجراء والخدامة بعد 17 ديسمبر في الصراع ضد الديكتاتورية تأثير كبير على تغيير ميزان قوى الصراع وفرض ذلك على القيادة البيروقراطية للإتحاد العام التونسي للشغل وهو ما عجل برحيل الديكتاتور بن علي وعوض أن يدفع هذا التجذر النسبي النقابيين و الشغيلة إلى مواصلة المعركة و خوضها أيضا في الساحة النقابية باعتبار أن البيروقراطية ليست إلا جزء من النظام تطورت الأوضاع بعكس ما كان يجب أن تتطور فيه فلقد استعادت البيروقراطية مكانتها وما خسرته من نفوذ واعتلت من جديد مسرح الأحداث لا بل أصبحت أحد المشاركين الرئيسيين في عملية الانقلاب هلى الحركة الثورية و الالتفاف على مطالب الحركة الشعبية منذ حكومة الغنوشي الأولى إلى الآن بتأييد كامل من أحزاب اليسار الإصلاحي بمختلف تشكيلاتها و اختلافاتها وتناقضاتها.
أن يظل الخدامة خارج دائرة الصراع الدائر ضد قوى الانقلاب على الحركة الثورية و أن تظل هذه القوة الطبقية خاضعة لنفوذ بيروقراطية شريكة في الانقلاب هو بقاء هذه القوة احتياطيا بيد القوى اللبرالية ولا يعني ذلك غير تجريد الحركة الجماهيرية من قدرتها على الاستمرار في الصراع وكسبه وعزل الحركة الثورية وجعلها تراوح في نفس دائرة الهامش الذي لا يقدر على تغيير شرط الصراع وتغيير ميزان القوى فيه ضد النظام.
لقد تجلى ذلك كأوضح ما يكون منذ 14 جانفي إلى اليوم فعلى امتداد هذه الأشهر لم يكن الخدامة غير قوة ضغط بيد قوى الانقلاب على الثورة فمعظم الإضرابات التي خيضت في بعض الجهات أو القطاعات لم تخرج عن لعبة التسخين والتبريد ولم تخرج عن سياق المناورة بقوة طبقية ضاربة ليس لمصلحتها بل لمصلحة أعدائها الطبقيين ولمصلحة النظام أولا و أخيرا. إنه نفس السياق يتواصل ولعله هذه المرة وبمناسبة 13 ديسمبر سيكون أكثر عمقا واتساعا وافتضاحا أيضا.
محطة 13 ديسمبر إن لم يتمكن الخدامة والحركة الجماهيرية والحركة الثورية أثناءها من تحويل الإضراب إلى فعل نضال ثوري و إعطائه طابعه العمالي المستقل فلن يستفيد منه غير جبهة أعدائهم الممتدة من اليمين الرجعي في السلطة إلى اليمين اللبرالي بكل تركيبته في المعارضة.
إنه مطلوب أن نحول الإضراب العام إلى إضراب سياسي وطني شامل و مفتوح مهمته المباشرة إسقاط حكومة الثلاثي ومواصلة تنفيذ المهام الثورية حتى إسقاط النظام فالخدامة وعموم الجماهير المفقرة والمستغلة والتي لا تملك إلا سواعدها ليس لها ما تخسر إن انخرطت في هكذا حركة. الخدامة والجماهير العريضة ليس لهم من مصلحة مع نقابيي العرض والطلب والوفاق والسلم الاجتماعي وجماعات بورصات السمسرة السياسية القذرة.
الخدامة و الجماهير العريضة مصلحتهم ليست لا مع حكومة الثلاثي ولا مع السبسي ولا مع البيروقراطية النقابية ولا مع التكتلات الحزبية الإصلاحية التي ستدفعهم لصندوق الاقتراع. الخدامة والجماهير العريضة مصلحتهم مع مواصلة تنفيذ المهام الثورية .
الخدامة والجماهير العريضة مازالوا في مربع 17 ديسمبر ومصلحتهم في تحويل الإضراب العام إلى عصيان اجتماعي شامل.
الخدامة والجماهير الشعبية العريضة مصلحتهم ضد كل القوى التي تريدهم وقودا لمعاركها على السلطة وعلى البرلمان وواجبهم يدعوهم إلى أخذ زمام المبادرة وسحب البساط من كل من يعمل على توظيف الإضراب العام لحساباته السياسية التي لا تخرج عن الوفاق والسمسرة.
الخدامة والجماهير الشعبية واجبهم ومصلحتهم تحتم عليهم أن يكون 13 ديسمبر معركة طبقية من أجل إسقاط الحكومة و الاستمرار في النضال حتى إسقاط النظام الديكتاتوري لا مجرد مناورة بهم وبحركتهم وقوتهم للتحشيد للانتخابات و للوفاق ومواصلة الانقلاب على الحركة الثورية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بشير الحامدي
09 ـ 12 ـ 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف