الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هُنا طولكرم ..!!

وفا ربايعة

2012 / 12 / 9
الادب والفن


في الأفقِ ..
حيثُ الأضواءُ التي تنسدِلُ صفراءَ كَحُلمٍ أرهَقَ الغيمَ ، وبحثَ عن معالِمَ للحياةِ في خِضمِّ ماتركهُ لنا الاحتلالُ مِنْ خيباتْ ، أنتظِرُ ظلّاًّ لَمْ أدعُهُ ولَمْ يأتي ، في هذا المقهى بالذات .. وعلى بُعدِ طوابِقٍ ثمانيةٍ ، أفترِضُ أنني الأوفرُ حظّاً بينَ الجالسين ، لأنني أستمعِ - ولو سرّاً - لهديرِ البحرِ البعيدِ عن ضجيجِ حبيبٍ يُثرثِرُ ، حبيبٌ يُخبِرُني بأنني أُنثاهُ الوحيدة .
. وبأنني أجمَلُ مِن تلكَ السماءِ التي تضجُ بالدعواتِ المُبهمةِ والغريبةِ ، والتي قد لا تُجابُ أبداً ..!

في كُلِّ مَرَّةٍ أختلي بِها مع نفسي ، في محاولةٍ هادئةٍ لحصْرِ الأفكارِ التي تُنهِكُ رأسي ، وتبعثُ فيَّ احتمالاتٍ عديدة ، لإجاباتٍ قد تكون مُرضية ، أقرأُ بنظرةٍ سريعةٍ ، الوجوهَ التي تنهشُني مُستغرِبة . فحتى في طولكرم ، الأسئلةُ ذاتُها تقتُلُ رُوّادِ المقهى ، فطولكرم لا تختلِفُ إطلاقاً عن جنين في نمطيّةِ النظراتِ المُبهمةِ ، وتتابُعِ الأسئلةِ التي تُفتِّشُ جاهدةً ، عن بصيصِ أجوِبة .

وفي الرَكبِ الأوَّلِ مِنْ أفكاريَ التي أُشرِكُ بِها البحر ، البحرُ الذي يَبعُدُ عشراتِ الكيلومِتراتِ عن مقعَدي ، أفتَحُ مُغلَّفَ التحوّلِ الذي أرهَقَ مضجعي في الأيامِ الماضية ، والذي أسفَرَ عن حِقدٍ يكادُ يَكونُ أبدياً تجاهَ الرِجالْ ، صدمةٌ تكوَّنَتْ بفعلِ تجارُبَ لَمْ أخُضها ، ودموعٍ لَمْ أذرُفها ، رَدّةُ فِعلٍ لِخطوةٍ لَمْ أبدأها بعد ، فعلى الرغمِ مِن حداثةِ قلبي ، إلاّ أنني اكتسبتُ ملاييناً مِنَ المشاعِرِ القميئةِ ، تجاهَ أشخاصٍ لا أعرِفُهم ، فكُنتَ مَكبَّ نفاياتٍ ، يحمِلُ قذارتَهمْ التي ألقتها في جوفي ، عشراتُ الفتياتِ في الأيامِ القليلةِ الماضية ..

هُنا في طولكَرمْ ، أُحاوِلُ للمرّةِ الأخيرةِ أنْ أستعيدَني ، وأستعيدَ تلكَ الفتاةَ التي أحبّتْ الحياةَ في جوفي ، ولوّنتْ شفاهها بالأحمرِ أو الورديّ ، ورقَصتْ أوقاتاً كثيرةً على أنغامِ " محمد منير " ، وجلستْ ساعاتٍ طوال ، تلوِّنُ أظافِرها بلونٍ يصرخُ بأنّها حيّة . أمّا الآن ، فقد كبُرَتْ وشاختْ ، وجلَستْ تنتظِرُ "حُسنَ الخِتامِ " على حدِّ زعمِهِم . وبالرُغمِ مِنْ صعوبةِ العَيشْ ، ًوبالرغمِ مِنَ الفشلِ الكبيرِ في محاولاتِ الاندماجِ الكثيرةِ في مُجتمَعٍ لا يَقبَلُني ، وبالرغمِ مِنَ التناقُضاتِ والإحباطِ المُزري الذي يُزرَعُ في دَربي ، كُلّما صعدتُ دَرجةً في سُلّمِ النجاح ، إلاّ أنني أتقنتُ بناءَ شخصيّةٍ باسمةٍ ماكرة ، تُخفي انكساراتِها في عُمقِ بئرٍ بلا نهاية ، أرتدي قناعاً يختفي ، كُلّما أسلمتُ روحي للكتابةِ مُغمضةَ العينينِ ، وحيدةً وحزينةً وضعيفة .

لا أعلَمُ - إلى الآنْ - كيفَ أجِدُني ، وكيفَ أُمسِكُ خيطاً يتيماً يدُلُّني على البداية ، فأنا وبعدَ ساعاتٍ ثلاثٍ مِنَ التأمُّلْ ، لَمْ أنجح في الكشفِ عن سَببٍ واحِدٍ أُلصِقُ إليهِ سلاسَلَ خيبتي ، ومزاجيّتي التي أرهَقتني ، وأرهَقتْ كُلَّ مَن حاولَ النظرَ في وجهي . وفي لحظةٍ ألتفِتُ مِنَ النافِذةِ إلى القمرِ المختبيءِ وراءَ الغيمِ الأسوَدْ ، فبالرغمِ مِن أنَّ الأُفقَ يمتلئُ بغيمٍ يُشبِهُ لونَ قلبي قديماً ، إلاّ أنهُّ اختارَ تغييرَ ثيابِهِ وراءَ ستارٍ مِن سواد ، ذاكَ السوادُ الذي أخفاهُ الآنَ كُليّاً عنّي ، وجعلني أغرَقُ في بحرِ أفكارِيَ المُعرِضةِ مَرَّةً أُخرى ، بِلا عودة !


مع اعتذاري للجميع .. فما زِلتُ في عُزلَتي ..
هُنا طولكرم ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو


.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس




.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي