الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إفتراءات الدكتور وائل عبد اللطيف

عوني الداوودي

2012 / 12 / 10
مواضيع وابحاث سياسية



متى تُخرَب العقول وتُدمر الأرواح !!!؟؟؟؟ سؤال لطالما طرحته على نفسي، وجدت في الإجابة عليه بأن هناك سببين رئيسيين، والمتبقي من الأسباب فرعية، السبب الأول هو أن يفلح السياسي بوضع المثقف في جيبه الخلفي " كلاحوس " وهؤلاء يطلق عليهم إجمالاً " وعاظ السلاطين ـ حسب تسمية عالم الإجتماع الراحل علي الوردي "، أما السبب الثاني عندما تجد رجل القانون والقاضي يكذب ويبدل مهنته إلى طبال للسلطة، أو بدوافع ونعرات طائفية وعرقية، ليحرف الحقائق ويعمي بصيرة المتلقي ... لا يحتاج المرء لتعريف رجل القانون، أسمه يكفي، ويدل على أنه إنسان يحمي القانون، وعندما نقول " قانون "، هذا يعني الحياد بين الناس والسلطة، وبين البشر أنفسهم، وتبرز مهمة رجل القانون أكثر وأكثر كلما أزدادت المشاكل والخلافات بين الأطياف المختلفة في دولة ما أو في مجتمع ما، لتقويم الإعوجاج ، وإعادة الحق لأصحابه الشرعيين .. ما دفعني لإبداء رأيي في هذا الجانب هو كثرة تصريحات الدكتور وائل عبد اللطيف وهو وزير وبرلماني وقاض سابق.
هذا الرجل يتكلم في كل شئ، في القانون والإقتصاد والسياسة وعلم الإجتماع والتاريخ وعلم النفس، والفن، وغيره من العلوم والفنون، المشكلة هي ليست في التحدث في ميادين العلوم الإنسانية والعلمية، ومن الطبيعي أن يدلو المثقف بدلوه في جوانب الحياة المختلفة، لكن الإشكال هو في المزايدة، على الآخرين والطعن في وطنيتهم، والإنتقاص من أصحاب الأختصاص، وتحميل الآخرين وزر أفعال قبيحة لم يقترفوها، وهو مقيم تقريباً في قناة الفيحاء، ويبدو لي بأنه أصبح موظفاً براتب في هذه القناة التي نحترمها، ونكن الإحترام أيضاً لمديرها الدكتور محمد الطائي، والعاملين فيها، هذا الرجل السيد وائل شد إنتباهي في أكثر من مناسبة لا لأنه لبق الحديث، أو لكثرة الآراء التي يطرحها، ولا لملامح وجهه الجامد والنعسان ... بل لأنه يميل حسب متطلبات المرحلة السياسية والمصلحية، ولتحريفه الحقائق في أكثر من مناسبة ... وأذكر بأن السيد وائل كان من السباقين في رفضه للفدرالية في العراق بعد عام السقوط 2003 ، وقد هاجم فدرالية كوردستان في أكثر من مناسبة .. لكن وبعد فترة زمنية قصيرة أصبح من أكثر المدافعين عنها، وحامل لواء إعلان أقليم البصرة، مؤملاً النفس بمنصب رئيس هذا الأقليم الجديد، وواحدة من حججه القوية في محاولة منه لإقناع الرأي العام البصري، وكان يعلن عنها من على شاشات التلفزة، هي التقدم والنمو الإقتصادي والعمراني والأمان في أقليم كوردستان، وقد باشر فعلاً بجمع التواقيع، لكنه فشل في ذلك فشلاً ذريعاً لاسباب كثيرة لا مجال لذكرها هنا، لا يخفى على المتلقي الحذق كمية السموم التي يخلطها هذا القاضي في عسل كلامه عندما يأتي على موضوع الكورد وكوردستان، طبعاً لا ينسى تذييل كلامه بعبارة " أخواننا الأكراد " وقبل يومين طل علينا الدكتور من على شاشة الفيحاء ، يوزع أفكاره وآرائه كمسلمات لا بد من الأخذ بها وفي كافة المواضيع ... وبدون الشعور بأي حرج أو خجل كذب الدكتور فيما يتعلق بموضوع كركوك والتعداد السكاني، وقد أستهل كلامه كالمعتاد برش السموم، وقال: نعم فقد حصل تعريب في كركوك أبان نظام صدام حسين ... لكن الكورد مارسوا التكريد أيضاً بعد 2003 .. لذا لا يمكن إجراء الإحصاء، مدافعاً ومغازلاً السلطة، وبدون أن يطلعنا السيد رجل القانون على أي شئ أستند في إتهامه الكورد على تكريد كركوك، وما هو الدليل الذي أتكأ عليه، ألا أللهم الأعتماد على التصريحات غير المسؤولة من قبل أناس معروفين في كركوك للقاصي والداني بعدائهم الصارخ للشعب الكوردي ... أقول للدكتور ورجل القانون، بعد مرور أكثر من تسعة أعوام والأحزاب الكوردستانية لم تفلح لليوم بإعادة جميع المرحلين والمهجرين من كركوك ويقدر عددهم بأكثر من أربعمائة ألف كوردي على مدى أكثر من أربعة عقود، وقد أستقر الكثير منهم في محافظات، أربيل والسليمانية ودهوك .... كما أضاف بأن العرب الذين جلبهم صدام قد رحلوا من كركوك ولم يبقى منهم عربي واحد، ولا أعلم حقاً بأي وجه يستطيع كائن من كان أن يقول مثل هذا الكلام الفاضح في الكذب والنفاق ... على الدكتور وائل عبد اللطيف الذهاب إلى كركوك والإطلاع ميدانياً على واقع كركوك، وأكيد أنه لا يخطو بهذا الإتجاه، لذا أود تنويره بعدة أسطر لا أكثر، وأنا أبن كركوك أب عن جد، ولا أدافع عن حزب معين أو سياسي ما، بقدر ما نحاول إعادة الحقوق المشروعة لمئات الألوف من الكورد ومن التركمان الذين رحلوا وهجروا وأغتصبت أموالهم وأراضيهم ومساكنهم ضمن سياسة شوفينية مدروسة بإتقان ونفذت على مراحل.... نعم فقد عاد الآلاف من الكورد المرحلين لكركوك مع أبنائهم الذين ولدوا خارج كركوك بعد عام السقوط وهذا من حقهم الشرعي والدستوري، لكن الحقيقة التي يجب أن تقال أيضاً بأن أكثر من ثلث المرحلين لم يعودوا لليوم إلى كركوك بحكم مصالحهم ونمط عيشهم في المحافظات الكوردستانية الأخرى التي أستقروا فيها ... ومن ناحية أخرى لم يجبر أي عربي وافد إلى كركوك على ترك المحافظة كما يشاع بين الحين والآخر، والذين أختاروا العودة مستفيدين من إمتيازات المادة 140 نسبتهم لا تتجاوز العشرة بالمئة 10% وعلى أكثر تقدير 15% " وحتى في هذا الجانب ظُُلم الإنسان الكوردي المرحل مرة أخرى ... فمثلاً يحصل العربي الذي تشمله أمتيازات المادة 140 الدستورية على عشرون مليون دينار وقطعة أرض سكنية في مسقط رأسه وله حرية بيع أملاكه وعقاراته أو إيجارها في كركوك، لكن يُدفع للكوردي العائد إلى مسقط رأسه في كركوك عشرة ملايين دينار أي نصف المبلغ الذي يحصل عليه العربي، وقطعة أرض.
أذهب يا رجل القانون لحي واحد حزيران في كركوك، والعمل الشعبي، وحي البعث، وأحياء أخرى كثيرة وشاهد بأم عينك نسبة العرب الوافدين أو بالأحرى الذين جلبهم صدام كأدوات لتعريب المدينة ...
ورغم كل الجهود التي بذلتها الأحزاب الكوردستانية في تعيين العائدين الكورد إلى مدينتهم لا يزال نسبة العرب في الشرطة والجيش وفي الدوائر أكثر من الكورد والتركمان والمسيحيين بكافة طوائفهم، وفي شركة نفط كركوك لا تزال حصة الأسد من نصيب العرب نتيجة التهميش وسياسة التطهير العرقي الذي لحق الكورد والتركمان من قبل النظام المقبور، كما لا تزال آلاف قضايا نزاعات الملكية لم تحسم منها غير ما نسبته أقل من 5% خمسة بالمئة .... وأقسم بكل مقدس يا سيد وائل عبد اللطيف بأنك تعلم علم اليقين وأفضل مني بأن كركوك مدينة كوردستانية، وكانت على الدوام وفي جميع التقسيمات الإدارية في العهدين الملكي والجمهوري تقع ضمن جغرافية كوردستان، وحتى في التاريخ العربي الإسلامي كانت كركوك تقع ضمن ما يسمى بالعراق الأعجمي، ولم يتعدى حدود العراق العربي الشمالي تكريت ومرتفعات حمرين، وفي العهد العثماني التركي كانت كركوك أيضاً تقع ضمن ولاية شهرزور وهي عاصمة المناطق الكوردية ... أرحمونا يا ناس من الإفتراءات والتلفيق يرحمكم من في السماء.
فما تقدم جزء بسيط جداً من ما لحق كركوك وأهاليها من ظلم وحيف، وهو غيض من فيض ... فبالأستيلاء على أراضي الغير بالقوة والكذب والتزوير والشعارات الطنانة لا يُصنع التاريخ ... كركوك مدينة كانت ولم تزل وستبقى كوردستانية، وهي في ذات الوقت مدينة التآخي القومي والديني والمذهبي، وحل قضية كركوك لا تحتاج أكثر من وقفة جادة أمام الضمير الإنساني، وقليلاً من الشجاعة للإعتراف بالحقائق التاريخية، ونبذ سياسة الإجرام والتطهير العرقي.

عوني الداوودي
شتاء غوتنبورغ ـ السويد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز