الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَن يضطهد شعباً لا يسعى لحرية شعب آخر

صادق إطيمش

2012 / 12 / 11
مواضيع وابحاث سياسية



النضال في سبيل التحرر والديمقراطية لا يقتصر على شعب دون شعب ، فكل الشعوب تسعى لتحقيق حياة خالية من القمع والتشرذم والإلغاء لكل ما يتعلق بمفاصل حياتها السياسية والإقتصادية والثقافية والدينية والقومية . وطالما يرتبط السعي لتحقيق هذه الأهداف بنضالات تخوضها الشعوب تختلف وساءلها وتتعدد اسسها الفكرية باختلاف قادة هذه النضالات احزاباً كانوا ام افراداً . إذ ان من اولويات النضال الذي تخوضه الشعوب هو الإستناد إلى نظرية ثورية تلبي حاجة الجماهير وتبلور سبيل النضال إستناداً إلى الظروف الذاتية والموضعية التي يمر بها هذا الشعب او ذاك . وفي خضم هذا النضال يبرز في مواقع القيادة ثوريون مؤهلون سياسياً وفكرياً لتسيير وجهة العمل نحو تحقيق الأهداف بالشكل الذي يتماشى مع الواقع الذي تمر به الحركة التحررية ، ومن ثم إختيار اسلوب العمل إستناداً إلى التجربة النضالية والعمق الفكري الذي يتمتع به هؤلاء القادة ، واستناداً إلى التوجه لإبعاد هذه القيادة عن التسلط والفردية وإعطاء مفهوم الحوار بين القيادة والقاعدة بُعدَه الحقيقي كي تتبلور عنه القناعة التي تصب باتجاه اهداف النضال التحرري .
وهذا ما تحقق في خضم النضال الذي خاضه ولا يزال يخوضه الشعب الكوردي على عموم ارض كوردستان والذي إكتسب فيه تجارب نضالية وبرزت من خلاله قيادات سياسية وفكرية جعلت من نضاله هذا دروساً يمكن لحركات التحرر الوطني والقومي الإستفادة منها . وقد برز القائد الأممي عبد الله اوجالان من خلال الثورة الكوردية التي يقودها حزب العمال الكوردستاني في شمال كوردستان كواحد من ابرز القادة الثوريين في هذه الحقبة التاريخية ، حيث شخَّص هذا القائد الظروف التي تمر بها الثورة الكوردية تشخيصاً درس فيه كل موازين القوى المؤثرة والنتائج المستخلصة من هذه الدراسة التي وظفها لأهداف ثورة الشعب الكوردي بشكل عام وفي شمال كوردستان على وجه الخصوص .
ومن هذه الدروس التي إستخلصها القائد عبد الله اوجالان هي الإصطفافات التي تتبلور لدى الثورة وقدرتها على التمييز بين العدو والصديق آنياً ومرحلياً . وما اثبته اوجالان في هذا الصدد يتعلق بموقف إسرائيل من التحرر الوطني والقومي عموماً ومن ثورة الشعب الكوردي بشكل خاص . وبهذا الصدد كتب القائد عبد الله اوجالان في كتابه " مانيفستو المجتمع الديمقراطي " ما يلي :
" فالمفهوم الذي اخرجني من سوريا يرتكز في مضمونه مجدداً إلى تصادم التناقض بين الخط الذي رسمتُه للصداقة، وبين سياسة إسرائيل تجاه الكرد . فإسرائيل المنهمكة بربوبيتها للقضية الكوردية ، وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، أضحت بالغة الحساسية تجاهها، لدرجة انها لم تحتمل طراز الحل الكردي الثاني ، الذي تزايد تأثيره ووقعه متمثلاً في شخصي . ذلك ان طرازي في الحل لم يكن يتناسب وحساباتهم على الإطلاق . عليَّ ان لا انكر حق الإستخبارات الإسرائيلية ( الموساد ) التي دعتني بشكل غير مباشر إلى طريقها في الحل ، ولكني لم أكن مستعداً او منفتحاً لذلك، لا اخلاقياً ، ولا سياسياً "
( عن كتاب : عبد الله اوجالان ، مانفيستو المجتمع الديمقراطي ، المجلد الأول ، ترجمته من التركية:زاخو شيار، مطبعة ميزوبوتاميا ، 2009 ، ص 6)
ويستمر أوجالان في فضح السياسة الإسرائيلية تجاه ثورة الشعب الكوردي قائلاً على الصفحة 7 من نفس الكتاب :
" هذا التذكير الموجز وحده كاف للإشارة إلى ان إسرائيل هي القوة الأساسية التي أخرجتني من سوريا . ولا ريب في ان التهديدات السياسية الأمريكية والضغوطات العسكرية التركية لعبت دوراً في ذلك ايضاً . علينا ان لا ننسى ان إسرائيل كانت ضمن معاهدات سرية مع تركيا منذ اعوام الخمسينات. وللمرة الثانية إكتمل التحالف المناهض لِ ب.ك.ك. بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وجمهورية تركيا ، لدى إضافة المعاهدة المسماة ـ مكافحة الإرهاب ـ عام 1996"
سياسة الدولة التركية العنصرية تجاه الشعب الكوردي عموماً وتجاه ثورته التحررية على اراضيه في شمال كوردستان على وجه التخصيص لا تحتاج إلى الشرح والتفصيل . إذ ان هذه السياسة قد بدأت ، منذ نشوء الدولة التركية الحديثة بعد إنهيار الدولة العثمانية على اثر الهزيمة التي لحقت بها في الحرب العالمية الأولى ، على التنكر أصلاً لوجود شعب بهذا الإسم ، تماماً كما يتخيل العنصريون العرب والفرس ، ثم إستمرت وحتى يومنا هذا لتوظف كل ما بجعبتها العسكرية والسياسية من مختلف وسائل القمع والإضطهاد للنيل من نضال الشعب الكوردي الذي ظلت تقتفي آثاره حتى خارج حدودها الجغرافية مستعينة بإبرهات هذا العصر في العراق لتفتح امامها حدود كوردستان الجنوبية جاعلة من القرى الكوردية الحدودية والبعيدة عن الحدود اهدافا لحمم قنابلها ومدافعهاً امام سمع وانظار دعاة الحرية وحملة شعارات التحرر القومي الكوردي ، وكأن الكورد الذين يتساقطون امامهم ليسوا منهم ولا صلة لهم بهم حتى ولا من الناحية الإنسانية ، إذا ما تركنا قرابة الدم جانباً .
إلا ان المثير للفزع والإشمئزاز حقاً هو ان يلجأ بعض السياسيين الكورد في إقليم كوردستنان للتقارب مع الدولة الصهيونية التي لم تقم أصلاً إلا على القهر والإضطهاد ، وما هي إلا الصنيعة الإستعمارية التي اوجدها وعد بلفورد العنصري ومعاهدة سياكس ـ بيكو السيئة الصيت . لم يفسر لنا هؤلاء السادة ولم يوضحوا للشعب الكوردي على الأقل ما هو القاسم المشترك بينهم وبين هذه الدولة التي ما وقفت يوما ما إلى جانب اية حركة تحررية في هذا العالم الفسيح الذي يعج بالحركات والثورات التحررية ضد التسلط الأجنبي او الإستغلال الرأسمالي .بل ان العكس هو الصحيح في مجمل التاريخ النضالي للشعوب الذي تزامن مع وجود الدولة الصهيونية التي جعلت من الدين اليهودي سُلَّمَها للحكم ، تماماً كما تسعى القوى الإسلاموية اليوم للتسلق على الدين الإسلامي بغية التأسيس للدولة الدينية التي لا يمكن لها ان تكون إلا دكتاتورية قمعية ، وقد بدأت مظاهر ذلك تطفوا على السطح اليوم شيئاً فشيئاً . لقد تواردت الأخبار ، التي نرجو ان لا تكون صحيحة ، حول توجه بعض الساسة في اقليم كوردستان لعقد صفقات اسلحة ثقيلة وخفيفة مع الدولة الصهيونية بمبالغ تتجاوز الأربعة ملياردات من الدولارات الأمريكية إضافة إلى توثيق العلاقات الدبلوماسية بين الإقليم والدولة الصهيونية هذه . وقد برر هؤلاء الساسة كل ذلك بعلاقات الصداقة التي تبديها إسرائيل تجاه الكورد .
لا نريد من هؤلاء الساسة الكورد في الإقليم التعلم من تجربة المناضل الأممي عبد الله اوجالان فيما يتعلق بصداقة إسرائيل للكورد وعطفها على القضية الكوردية ، إذ ان ذلك لا يصب في مجال إستيعابهم الفكري الذي يختلفون به مع اوجالان إختلافاً كبيراً جداً . إلا اننا نقول لهم ، وبإخلاص لنضال الشعب الكوردي على كل ربوع كوردستان ، بأن السياسة التي تقوم على إضطهاد شعب ما لا يمكنها ان تسعى لحرية شعب آخر .
الدكتور صادق إطيمش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقا
ابو محمد ( 2012 / 12 / 11 - 13:41 )
حقا دكتور ان الصهيونيه لم ولن تؤمن بحرية شعب لانها لم تؤمن بحقوق الشعب الفلسطينى فكيف تلجاء الاحزاب الكرديه لمثل هكذا علاقه وشراء اسلحه وما هو موقف القوى الديمقراطيه وعلى راءسها الحزب الشيوعى العراقى الذى اعطى للقضيه الكرديه اكبر من حجمها ولو هذا يعود سياسة الحزب الشيوعى وجميع القوى الوطنيه التى وقفت الى جانب الشعب الكردى فى نضاله ضد الدكتاتوريه فاذاصح هذا الكلام فان الاحزاب الكرديه ستخسر االقوى الوطنيه والديمقراطيه فنقول للقيادات الكرديه ان اسرائيل لن تؤمن الا بمصالحها فلا تربطو مصيركم بمصيرها وشكر


2 - تعليق
حميد خنجي ( 2012 / 12 / 11 - 14:34 )
لم أفهم شيئا


3 - انحراف القيادة الكردية
حكيم فارس ( 2012 / 12 / 11 - 17:07 )
تحية للسيد كاتب المقال المحترم
لقد انحرفت قيادة البارزاني والطالباني عن اهداف الشعب الكردي وزوروا ارادته وللاسف تنكروا لكل العلاقات الوثيقة التي كانت تربطهم ببعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في فترة النضال الكردي لنيل حقوقه
ان رهن مستقبل ومصير الشعب الكردي بيد امريكا واسرائيل يشكل اكبر خطر على عدالة القضية الكردية ويجعل العددين يعيدون النظر بمواقفهم ازاء القضية الكردية هذه القيادة تجر الشعب الكردي نحو الانعزال وان استمرت لن تجد هذه القضية مناصرين لها ولا ننسى ان امريكا واسرائيل مستعدة للتخلي عن عملاءها بكل سهولة كما فعلوا مع انطوان لحد اللبناني
تحياتي ومودتي


4 - كيف تبني آراءك على أخبار لم تتأكد منها ؟
مثنى حميد مجيد ( 2012 / 12 / 12 - 12:29 )
لقد تواردت الأخبار ، التي نرجو ان لا تكون صحيحة
الأخ صادق كيف تبني آراءك على أخبار لم تتأكد منها ؟ مع ذلك هل فعلت إسرائيل مع العرب والكورد والأقليات ما فعله العروبيون من البعثيين والقوميين من جرائم ومنها إستخدام الكيمياوي وهم جزء من حركة التحرر الوطني ؟!
ما فعله صدام ويفعله الأسد مع شعبه هي أخبار صحيحة إلى درجة البشاعة فهل يفعل نتنياهو وباراك واليمين الإسرائيلي هذا مع الكورد والعرب ؟ لكم تحياتي.


5 - شكراً للمتابعة
الدكتور صادق إطيمش ( 2012 / 12 / 12 - 13:02 )
شكراً للأعزاء الذين تابعوا ما كتبت وتعليقهم على ذلك . واجد نفسي هنا مضطراً لمخاطبة السيد مثنى حميد مجيد لما اعتقده بوجود شيئ من الإلتباس في الأمر لديه . قبل كل شيئ عزيزي السيد مثنى انني لم أبني آرائي على هذه الأخبار وإنما تمنيت ان لا تكون صحيحة تلك المبررات التي جعلت من اسرائيل صديقة للشعب الكوردي وهي ليست كذلك بأي حال من الأحوال . ثم ان المبدأ هنا ليست مناقشة الجرائم التي إقترفها الساسة العروبيون او الترك او الفرس بحق الشعب الكوردي ، إذ ان مثل هذه الجرائم ليس موضع نقاش او مقارنة مع جرائم الصهيونية ليس بحق الشعب الفلسطيني فقط ، بل وبحق كافة حركات التحرر الوطني خاصة في آسيا وأفريقيا حينما تجعل هذه الدولة من نظامها موطأً وجسراً للمخابرات المركزية الأمريكية للإنقضاض على كل حركة ثورية في المنطقة . المسالة مسألة مبدأ ، سيدي الكريم ، وليست مقارنة . فالنظام الذي لا يقف مع تحرر الشعوب من نير الطغيان والإستبداد لا يمكن ان يكون صديقاً للشعب الكوردي او لأي شعب آخر يسعى للتحرر . مع اطيب التحيات


6 - شكراً للمتابعة
الدكتور صادق إطيمش ( 2012 / 12 / 12 - 13:02 )
شكراً للأعزاء الذين تابعوا ما كتبت وتعليقهم على ذلك . واجد نفسي هنا مضطراً لمخاطبة السيد مثنى حميد مجيد لما اعتقده بوجود شيئ من الإلتباس في الأمر لديه . قبل كل شيئ عزيزي السيد مثنى انني لم أبني آرائي على هذه الأخبار وإنما تمنيت ان لا تكون صحيحة تلك المبررات التي جعلت من اسرائيل صديقة للشعب الكوردي وهي ليست كذلك بأي حال من الأحوال . ثم ان المبدأ هنا ليست مناقشة الجرائم التي إقترفها الساسة العروبيون او الترك او الفرس بحق الشعب الكوردي ، إذ ان مثل هذه الجرائم ليس موضع نقاش او مقارنة مع جرائم الصهيونية ليس بحق الشعب الفلسطيني فقط ، بل وبحق كافة حركات التحرر الوطني خاصة في آسيا وأفريقيا حينما تجعل هذه الدولة من نظامها موطأً وجسراً للمخابرات المركزية الأمريكية للإنقضاض على كل حركة ثورية في المنطقة . المسالة مسألة مبدأ ، سيدي الكريم ، وليست مقارنة . فالنظام الذي لا يقف مع تحرر الشعوب من نير الطغيان والإستبداد لا يمكن ان يكون صديقاً للشعب الكوردي او لأي شعب آخر يسعى للتحرر . مع اطيب التحيات

اخر الافلام

.. رسائل عسكرية قادمة من صنعاء.. الحوثيون يبدأون معركة -الطوفان


.. ماذا تحمل الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية لفرنسا؟ | #




.. أبرز التحالفات المتنافسة في الانتخابات التشريعية الفرنسية


.. استطلاع: أغلب الإسرائيليين يعتقدون أن حرب غزة مستمرة بسبب اع




.. حراك دبلوماسي لافت بشأن مفاوضات التهدئة في غزة