الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر ما بين الاصابة بسرطان العروبة وسرطان الاسلام السياسى

أحمد عرنسه

2012 / 12 / 12
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


ليس غريب على احد بان هدف الامبريالية العالمية بقيادة العام سام هى فى الاصل المصالح الخاصة , فالولايات المتحدة الامريكية تعرف نفسها بانها دولة ليست لها اعداء بل لها مصالح ومصالحها فى مصر معروفة بانها شيئين اولهما : الحفاظ على السياسات الراسمالية العالمية وتحويل العالم الى شركة كبيرة تتراس امريكا مجلس ادارتها والتحكم فيها , وثانيهما : هو الحفاظ على الامن القومى لدولة اسرائيل التى كان الهدف من وجودها فى الاساس هو زرع دولة قوية ودعمها بالمال والسلاح لتتفوق على جيرانها وتكون بمثابة بديل للاستعمار بعد حركات التحرر الوطنى فى المنطقة وجلاء الاستعمار .
عانت مصر كثيرا من الغزو الاضطهاد والاستبداد بل تكاد تكون هى اكثر الدول فى تاريخ العالم تعرضا للظلم وقد عمل كل هؤلاء الضغاة على محو الهوية المصرية ومحو ملامح الشخصية المصرية خاصة وان مصر كانت تملك اول بل واعظم حضارة فى تاريخ البشرية وعلمت الدنيا كلها كيف تكون الحضارة وكيف تكون الانسانية .
بعيدا عن التاريخ القديم دعنا نتطرق الى التاريخ الحديث قليلا , فبعد ضعف الخلافة العثمانية وكسر شوكة الدولة العثمانية واصبحت مجرد مراسم شكلية فقط على المستوى الرسمى وبعد ان قام القائد الملهم / كمال اتاتورك صاحب النزعة القومية العلمانية الشديدة بتخليص تركيا وباقى الدول التابعة للدولة العثمانية من سنوات من الرجعية والظلم والاضطهاد من غير تقديم اى شيىء مفيد للبشرية فى نفس الوقت الذى قامت فيه النهضة الاوربية بانارة اوربا والعالم كله , عملت حينها الامبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس ( بريطانيا ) بايجاد ما يسمى بالعالم العربى وبالفعل بدأت الدعوات لاقامة جامعة الدول العربية والعمل على اقامة وحدة عربية والدعوة الى القومية العربية .
في عام 1931 وفي أعقاب زيارة إلى مصر للقومي العربي السوري ساطع الحصري لاحظ أن: «المصريون لا يملكون أي عاطفة أو ميول تجاه القومية العربية, ولم يقبل أن تكون مصر جزءاً من الأراضي العربية, ولن يعترف بأن الشعب المصري جزءاً من الأمة العربية» , وكان ذلك بسبب انه فى ذلك الوقت كانت قد نشطت فى مصر دعوات القومية المصرية على يد استاذ الجيل / احمد لطفى السيد والتى نادت بان مصر مصرية وليست شيىء اخر وبان مصر للمصريين وتحرير مصر ليس فقط من الاستعمار ولكن ايضا تحرير الشخصية المصرية من كل المدخلات الوافدة عليها , لكن لم تلبث مصر ان تنتكس سريعا بعد الانقلاب العسكرى الذى قاده ضباط يوليو 1952 ومن هنا بدأ دخول مصر فى نفق مظلم من خلال الدعوة الى القومية العربية والاشتراكية المزعومة التى انفرد بها عبد الناصر ؟!
لما تترك الولايات المتحدة التى كانت بادئة فى الصعود لزعامة العالم ترك هذه الفرصة التى استاعطت من خلالها تصدير هذه الفكرة الى باقى الدول التى اطلقوا عليها الدول العربية وذلك من خلال دعم الانقلابات العسكرية فى كل هذه الدول , خسرت مصر كثيرا من خلال استيلاب الهوية المصرية لصالح الهويات الاخرى حتى الانجازات المزعومة التى تمت فى هذه المرحلة كانت فى حد ذاتها كارثية وجلبت لمصر شرا اكثر منه خيرا كما يزعمون , الطريف فى هذا الموضوع بان الدول التى هى عربية حقا ( دول الجزيرة العربية ) هى التى حاربت هذا المشروع وعلى راسهم دولة السعودية التى حاربت ضد مصر فى حرب اليمن دعما للنظام الملكى اليمنى حين ذاك , وهى التى ايضا دعمت الانقلاب على الوحدة بين مصر وسوريا ورحبت به وقتها , وهى التى دعمت الجيش المسيحى فى لبنان ( الذى كان يحارب لصالح اسرائيل ) ضد حركة امل الشيعية , ومع كل هذه تجد أناسا دولهم تنتمى الى حضارات عريقة مثل مصر والعراق وسوريا تجاهد فى سبيل الدعوة الى العروبة وتحقيق حلم الوحدة العربية كل هذا على حساب هوية بلادهم واذابة الكل فى واحد والجرى وراء شعارات حنجورية عرجاء لا تتقدم خطوة واحدة الى الامام .
وبعد مرور أكثر من ستين عام عاشت فيهم هذه الدول فى ظل حكم عسكرى استبدادى بوليسى مدعوم من الغرب مستخدمين فى ذلك فزاعة الاسلاميين واضعين خيار اما نحن او هم , لكن قامت الشعوب وانتفضت على كل هذا الهراء باحثة عن استقلال حقيقى ودعما للحريات واقامة نظام ديمقراطى والنهوض ببلادهم الى الامام ومسايرة التقدم العلمى تماشيا مع العالم المتحضر , لكن سرعان ما خاب املهم سريعا بظهور سرطان جديد فيما يسمى ( الاسلام السياسى ) وركوبه للمشهد الثورى وتصدرهم المشهد مستغلين فى ذلك قدرتهم الهائلة للتنظيم والحشد والاموال الطائلة التى تأتيهم من الداخل والخارج , لم يضيع الغرب هذه الفرصة ايضا وقاموا بوضع ايديهم سريعا فى ايد القوى الظلامية التى كانت تتظاهر بالعداء لها بالأمس وصارت حليفة لها اليوم , بعد الاطمئنان على توجهاتهم الراسمالية التى تفوق تطرفا من امريكا نفسها وايضا الاطمئنان على مصير دولة اسرائيل بتعهدهم لاحترام معاهدة السلام والحفاظ على امن اسرائيل متناسين شعارهم ( على القدس رايحين شهداء بالملايين ) .
ولا تقل لى بان القوى الغربية متخوفة من اقامة نظام ثيروقراطى ودولة دينية وعدم التزام تلك القوى الاسلامية بمسار التحول الديمقراطى , حتى نكون صرحاء هذه الدول لا يهمها الا اقامة الديمقراطية فى بلادهم ولشعوبهم فقط وما يعنيها حقا هو المصالح الشخصية لبلادهم , وحتى وان قامت دولة دينية فهم اصبحوا على خبرة ودراية بالتعامل مع تلك النماذج حتى لو كانت متطرفة وتتبنى العنف , وهى المسفيدة فى حالة وجود احتقان طائفى ويا حبذا لو تم تقسيم تلك الدول الى دويلات صغيرة ولنا فى السودان عبرة والعراق ذاهبة الى ذاك .
التحدى الاكبر لمصر الان ولشعبها العظيم ومناضليها هو التخلص سريعا من هذا السرطان المسمى بالاسلام السياسى قبل ان يتمكن من جسد الامة وحينها سيعمل على الانتشار فى كل انجاء الجسم ويتمكن منه وفى النهاية تكون الوفاة , عاشت مصر مصرية ولن تكون الا للمصريين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا تخطئ ولا تغالط
محمد بن عبد الله ( 2012 / 12 / 13 - 11:35 )
جاءت هذه العبارة المقيتة في هذا المقال الذي أصف معظمه بالجيد:

(((الجيش المسيحى فى لبنان ( الذى كان يحارب لصالح اسرائيل)))


يا سيد أحمد تفهم جيدا حساسية المصريين من فكرة ذوبانهم في عروبة وهمية ثم تأبى على اللبنانيين الشرفاء أن يرفضوا تلك الفكرة ويلفظوا آثارها ويطهروا أرضهم من احتلال ثقيل في شكل معسكرات لعصابات مسلحة تسمى نفسها منظمات تحرير وميليشيات شيعية متطرفة تجثم على أنفس الناس وتعلنها دولة داخل دولة أبل دولة فوق الدولة ؟؟؟؟؟

أتمنى ألا يكون حقد ديني أو قومي قد دفعك إلى هذا التجني !

الجيش المسيحي حارب من أجل استقلال لبنان حرا بقراره ..لبنان الحق والاباء...و يبكي اليوم من خانوه باسم اليسار بكاء لم يعد يجدي وهم يرونه يرزح تحت سيطرة حسن نصرالله وعصاباته وبعثيي بشار ومافيات الحريري السعودي السلفية !

لبنان خربوه أهلك العرب ولم يحارب من أجله سوى مسيحيوه

اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز