الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستفتاء مصيدة خبيثة.. مقاطعة الاستفتاء من ضرورات إنقاذ الثورة بقلم: خليل كلفت

خليل كلفت

2012 / 12 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الاستفتاء مصيدة خبيثة
مقاطعة الاستفتاء من ضرورات إنقاذ الثورة
1: أخيرا اتخذت جبهة الإنقاذ الوطنى موقفها النهائى، وربما قبل النهائى فى حالة عدم تلبية شروطها الخمسة المعلنة، فقد دعت الناخبين إلى المشاركة فى استفتاء 15 ديسمبر 2012 والتصويت فيه ب "لا"، مع الاحتياط بالانسحاب فى حالة عدم تلبية شروطها التالية: أولا: ممارسة الإشراف القضائى على كل صندوق، ثانيا: ضمان الرقابة المحلية والدولية على إجراءات الاستفتاء من قبل المنظمات غير الحكومية، ثالثا: توفير الحماية الأمنية خارج وداخل اللجان، رابعا: إعلان النتائج تفصيلا فى اللجان الفرعية فور انتهاء عملية الاقتراع، خامسا: إتمام عملية الاستفتاء على الدستور فى يوم واحد فقط. وأعلنت الجبهة فترة تمتد إلى صباح يوم الاستفتاء لاتخاذ قرار الانسحاب إذا لم تتم تلبية الشروط كما تقدَّم. ويمكن القول إن أغلب هذه الشروط يمكن التلاعب بها بطريقة أو بأخرى وخاصة "الإشراف القضائى"، و "توفير الحماية الأمنية خارج وداخل اللجان"، "إعلان النتائج تفصيلا فى اللجان الفرعية فور انتهاء عملية الاقتراع"، وهى، بمعظمها، معلنة رسميا على كل حال كضمانات لنزاهة الاستفتاء. غير أنه يوجد شرط قاطع التحدُّد وهو شرط "إتمام عملية الاستفتاء على الدستور فى يوم واحد فقط".
2: وسرعان ما أطاح قرار رئيس الجمهورية واللجنة العليا للانتخابات، كما ورد فى موقعها الرسمى، بهذا الشرط القاطع التحدُّد، شرط "إتمام عملية الاستفتاء على الدستور فى يوم واحد فقط"، ذلك أن الاستفتاء سيتم إجراؤه على يومين بينهما أسبوع كامل، حيث جاء فى الموقع المذكور ما يلى: "طبقا لـقرار رئيس الجمهورية الصادر فى هذا الشأن تجرى عملية التصويت فى الاستفتاء على مشروع الدستور للمصريين داخل جمهورية مصر العربية على مرحلتين كالتالى: - المرحلة الأولى يوم السبت 15 ديسمبر 2012 وتشمل التصويت فى المحافظات التالية: القاهرة - الإسكندرية - الشرقية - الغربية - الدقهلية - أسيوط - سوهاج - أسوان - شمال سيناء - جنوب سيناء - المرحلة الثانية يوم السبت 22 ديسمبر 2012 وتشمل التصويت فى المحافظات التالية: الجيزة - القليوبية - المنوفية - البحيرة - كفر الشيخ - دمياط - الإسماعيلية - بورسعيد - السويس - مطروح - البحر الأحمر - الوادي الجديد - الفيوم - بنى سويف - المنيا - الأقصر – قنا". وكالعادة كان هناك نفى بعد تأكيد، وتأكيد بعد نفى؛ غير أن هذا صار أمرا مؤكدا الآن على كل حال.
3: وبالطبع فإن من الصعب أن نتنبأ بموقف جبهة الإنقاذ إزاء إهدار هذا الشرط وإزاء التلاعب بكل الشروط على كل حال، غير أنه يبدو أن الجبهة سوف تنتظر حتى صباح السبت لاتخاذ قرار باستمرار المشاركة أو الانسحاب. ويختلف هذا الموقف بالانسحاب حتى فى حالة اتخاذه عن موقف المقاطعة. أولا لأن الانسحاب يأتى هنا فى مواجهة عدم تلبية شروط معلنة وليس رفضا للاستفتاء انطلاقا من رفض المشروع على أساس طبيعة الجمعية التأسيسية التى قامت بإعداده، وطبيعة المواد التى تضمنها المشروع، وانطلاقا كذلك من إهدار أىّ ضمانات حقيقية لنزاهة عملية الاستفتاء التى تقوم على الهرولة العنيدة فى سباق ماراثونى مع الزمن. كذلك فإن تأخير الانسحاب المحتمل إلى لحظة بدء الاستفتاء بعد تعبئة الجماهير فى اتجاه المشاركة يجعل من المشاركة أمرا واقعا من الناحية العملية على العكس من موقف المقاطعة الذى كان من شأنه إعداد الجماهير فى وقت مبكر فى اتجاه لا يتطوَّع بإضفاء الشرعية على استفتاء خطير وبلا ضمانات من خلال المشاركة.
4: غير أن الأخطر من كل هذا هو أن يقبل زعماء وقيادات جبهة الإنقاذ المشاركة فى الاستفتاء فى ظرف تتمثل سمته الأساسية فى الهجوم الاستبدادى الواسع النطاق من جانب الرئيس وحزبه وجماعته وحلفائهم فى الإسلام السياسى على كل الجبهات من خلال العمل العنيد الضاغط والمتواصل على فرض دستور إخوانى سلفى مرفوض شعبيا على الشعب، والهجوم على القضاء والإعلام والصحافة وعلى المظاهرات والاعتصامات السلمية حيث يسقط القتلى والجرحى فى أكثر من موقع وبالأخص فى محيط قصر الاتحادية حيث جرى التعذيب الوحشى البشع الواسع النطاق لعشرات المعتصمين السلميِّين، وباختصار فى سياق الحكم المباشر لجماعة الإخوان المسلمين من خلال توظيف منصب رئيس الجمهورية لفرض أهداف مخططاتهم الرامية إلى الأخونة الشاملة و "التمكين" بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، بما فى ذلك استخدام الميليشيات الإخوانية والقتل والتعذيب.
5: ويأتى موقف المشاركة المموَّهة بشروط واهية رغم المظهر المتشدد فى مجرى موجة ثورية بعيدة المدى هى الكبرى منذ الموجة الثورية الأولى التى بدأت فى 25 يناير 2011 تحصرها جبهة الإنقاذ عن طريق المشاركة المشروطة فى إطار دستورى قانونى قاصر يوجِّه فى الحقيقة ضربة غادرة إلى الأفق الثورى الذى بلغته الحركة الجماهيرية الشعبية. فمنذ الإعلان الدستورى الرئاسى الصادر فى 21 نوڤمبر ارتفعت الموجة الثورية إلى مستوى رفع شعارات "الشعب يريد إسقاط النظام" و "يسقط حكم المرشد"، و"ارحلْ". كما واصلت هذه الموجة الثورية تصعيد أشكالها نضالها بمواصلة مليونياتها واعتصاماتها ومسيراتها وإضراباتها وانفتاحها على خيار الإضراب العام والعصيان المدنى. ولا يمكن إلا أن نشيد هنا بدور نضال القضاة فى سبيل استقلال السلطة القضائية فى حفز ودعم وتصعيد الموجة الثورية الحالية. والحقيقة أن استقلال السلطة القضائية أداة مهمة من الأدوات الأساسية لحريات وحقوق الشعب، ومقاومة جبروت السلطة التنفيذية التى لم تستقل عنها السلطة التشريعية فى يوم من الأيام طوال عقود عهود رئاسات الجمهورية المتعاقبة منذ انقلاب 1952 العسكرى، على حين حرصت السلطة القضائية على تأمين وتطوير استقلالها الأمر الذى جعلها، على العكس من السلطة التشريعية، عرضة لمذابح القضاء المتعددة الشهيرة وصولا إلى المذبحة الراهنة.
6: وبدلا من توجُّه الجماهير الثائرة الغاضبة إلى السير حتى النهاية فى طريق ثورة التحرُّر من الحكم الإخوانى السلفى وكابوس الدولة الدينية، يقوم زعماء جبهة الإنقاذ بتحويل معركة ثورية حقيقية إلى معركة دستورية تافهة يتمثل أقصى أفق لها فى التصويت ب "لا"، فى استفتاء يقوم بتخيير الشعب من خلال مصيدة الاستفتاء بين خيارين أحلاهما مرّ ويؤديان فى نهاية المطاف إلى نتيجة واحدة. وإذا كان التصويت ب "نعم" يعنى استمرار الحكم الإخوانى السلفى بهذا الدستور الاستبدادى على طريق الدولة الدينية، فإن التصويت ب "لا" إنما يعنى استمرار الحكم الحالى على مدى فترة تصل إلى ما بين عام وعام وربع أو نصف عام حيث سيتمّ فى هذه الحالة إجراء استفتاء على مشروع دستور لاحق وفقا للإعلان الدستورى الجديد بعد عشرة شهور من الآن، وهذه فترة سوف تعقبها الفترة الكافية لانتخاب الپرلمان الجديد وانعقاده وربما انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وفى ذلك الحين سيكون الوضع السياسى أكثر ملاءمة بما لا يقاس للإسلام السياسى الذى سوف يستغلّ هذه المدة للمزيد من الهيمنة والتمكين وأقل ملاءمة بما لا يقاس أيضا لقوى الثورة التى لن يتاح لها كل يوم أو عند الطلب مثل هذا المستوى المرتفع من النهوض الجماهيرى الثورى. وفى مثل هذا الحالة لا مناص من أن يكون الدستور اللاحق أسوأ بما لا يقاس من مشروع الدستور الذى يتم التصويت عليه فى الاستفتاء الوشيك.
7: وهنا يتضح أن القضية الكبرى لا تتمثل فى المشاركة فى هذا الاستفتاء أو مقاطعته بل تتمثل فى خيار الاتجاه عن طريق الفعل الثورى وحده إلى إزالة خطر الدولة الدينية الإخوانية من طريق الثورة المستمرة أو، على العكس من ذلك، فى خيار إحباط وإهدار الموجة الثورية الكبرى الحالية؛ الأمر الذى ينطوى فى حالة التصويت ب "نعم" كما فى حالة التصويت ب "لا" على نفس النتيجة الواحدة: فتح الباب واسعا أمام خطر الدولة الإخوانية بكل ويلاتها وكوارثها. ورغم تمثيل زعماء الجبهة داخل نفس الطبقة الرأسمالية التابعة الواحدة لقطاعات معادية للحكم الإخوانى السلفى وراغبة فى الوقت نفسه فى الانتقال بسرعة إلى الاستقرار الملائم لهذه الطبقة ككل عن طريق تصفية الثورة الشعبية فإنهم، مهما كانت نواياهم ومشاعرهم وتوجُّهاتهم كأشخاص وشخصيات، يتجهون إلى خيارات معتدلة تصبّ من حيث محصلتها العملية فى إهدار الموجة الثورية الكبرى الراهنة وإحباطها وبالتالى فى معاداة الثورة والإسهام فى تصفيتها.
8: ومهما كانت نتيجة الاستفتاء، ومهما كان موقف زعماء جبهة الإنقاذ، فإن من المأمول أن يتواصل الفعل الثورى الجماهيرى الراهن لتخليص وتحرير الشعب المصرى من شبح الدولة الإخوانية لتستمر الثورة فى مواصلة نضالاتها فى سبيل تحقيق أهدافها فى الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
9: يسقط حكم المرشد! يسقط نظام الإخوان المسلمين والإسلام السياسى! يسقط رئيس الجمهورية! تسقط أخْونة الدولة والمجتمع! يسقط نظام انقسام الشعب والحرب الأهلية! يسقط الدستور الاستبدادى الذى يُراد فرضه على الشعب على جثة ثورته وكرامته وحرياته وحقوقه ومستقبله! يسقط استفتاء 15 و 22 ديسمبر على مشروع الدستور الاستبدادى! قاطعوا مصيدة الاستفتاء كضرورة من ضرورات إنقاذ الثورة!
12 ديسمبر 2012









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قد حقنت الجبهة الدماء- حرب غير معلنة
عماد عبد الملك بولس ( 2012 / 12 / 15 - 04:23 )
برغم اختلافي مع الجبهة و النخبة بشكل عام و لومي عليهم لسببين أساسيين من بدء ما سميت -ثورة- : أولا لعدم توحدهم

و ثانيا: لعدم تخطيطهم (حتي في تشتتهم) في مقابل أشرس حرب خفية تتعرض لها مصر الآن بواسطة وكلاء عديدين منظمين، و ممولين، و يتحركون بخطط أصلية و بديلة، و بعلوم إدارية و اجتماعية و عسكرية و استخباراتية، غي مقابل شعب يُستهلك و يُستنزف و لا تقوم نخبته بتنبيهه و لا بإيقاظه ليقف في خندق واحد

إلي هذا يستوجب التنبيه و التنظير و العمل، العمل، العمل، العمل، و التفكير و تنبيه كل المواطنين إلي الخطر

أما دستور السم في العسل، و دستور بيع الوطن و الانسان و العامل، فلا قيمة له إلا في خطتهم المتسارعة لبيع هذا الوطن و هذا الشعب، فإذا أفاق الشعب و انتبه للمخطط و قبض علي مصيره، فسيلقي بالسم و الخدعة إلي المزبلة

تحياتي لشخصكم الكريم


2 - هل من سميع؟
مجدي سعد ( 2012 / 12 / 15 - 15:21 )
تحية سيدي الفاضل

اصبت كبد الحقيقة

ياليتهم يسمعون لك

نعم علينا الاستمرار

لا ينبغي تغيير المسار وتشتيت الجهد وراء قضايا ثانوية

الدستور الجديد أي كان مضمونه اجزم بانه لن يحترم في ظل حكم الاخوان

الدستور سيكون كما كان سابقه مجرد حبر علي ورق

نعم انت علي حق

القضية الاساسية هي التخلص من حكم الاخوان الذي انقض علي الثورة واجهز عليها لصالحه

عندما نتخلص منهم ووقتها فقط لا قبل ذلك

ندير انتباهنا الي صياغة دستور مصري بحق يليق بمصر ويأبناء مصر

اخر الافلام

.. مجموعة السبع تتوصل لاتفاق بشأن استخدام الأصول الروسية المجمد


.. اعتراض صواريخ في عسقلان وسديروت




.. حريق بمبنى سكني قيد الإنشاء في أربيل بكردستان العراق


.. كيف يعمل وزير المالية الإسرائيلي المتطرف على تغير الواقع الج




.. الجولة الأعنف بين حزب الله و إسرائيل.. هل يتحول التصعيد المس