الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر في مرحلة اقوياء بالعنف ضعفاء بلا عنف

غادة عماد الدين حشمت

2012 / 12 / 13
حقوق الانسان


تتصاعد ظاهرة العنف في مصر منذ فترة طويلة . الانتحار، القتل، الشجار المبالغ فيه و البلطجة وغيرها من صور العنف المختلفة المتكررة في شوارعنا يوميا بصورة دائمة
.العنف هو تعبير عن القوة الجسدية التي تصدر ضد النفس أو ضد أي شخص آخر بصورة متعمدة أو إرغام الفرد على إتيان هذا الفعل نتيجة لشعوره بالألم بسبب ما تعرض له من أذى
والجمادات . ويستخدم العنف في جميع أنحاء العالم كأداة للتأثير على الآخرين، كما أنه يعتبر من الأمور التي تحظى باهتمام القانون والثقافة حيث يسعى كلاهما إلى قمع ظاهرة العنف ومنع تفشيها. ومن الممكن أن يتخذ العنف صورًا كثيرة تبدو في أي مكان على وجه الأرض، بدايةًً من مجرد الضرب بين شخصين والذي قد يسفر عن إيذاء بدني وانتهاءً ومن
بالحرب والإبادة الجماعية التي يموت فيها ملايين الأفراد

فالعنف هو إنكار للآخر ولحقوقه المختلفة ابتداء من حقه في الإختلاف عنا وإبداء رأيه , وانتهاء بحق الحياة , وتختلف درجة العنف تبعا لدرجة إختلاف الآخر عن
.
ونعلم جميعا أن العنف يجر إلى العنف , والمعنف سيتحول مع الزمن لشخص عنيف لاريب , ولا يمكن إنكار دور وسائل الإعلام والترفيه في غرس ثقافة العنف في نفوس الأطفال والمراهقين في هذا العصر .

..وللوقوف على الدوافع النفسية والاجتماعية لهذه الظاهرة لا بد وان نبحث عن جذور هذه الظاهرة التي تعكس مدى التراجع الحضاري والتخلف السلوكي.
فالعنف هو آفة البشرية منذ الأزل ، وهي غريزة تلقائية ، وما قتل قابيل لهابيل إلاّ خير دليل ، وما أتت الأديان والفلسفات والتشريعات القانونية إلا لضبط هذا العنف لحماية الفرد والمجتمع وتوظيفه ايجابيا في مجالات الحياة المختلفة من عمل ، علم ، كتابة قراءة ، رياضة ، علاقات اجتماعية بناءه ،.........الخ .
ويتخذ العنف في مجتمعنا ألوانا مختلفة العنف الظاهري من رفع حدة الصوت لأتفه الأسباب ، والشتام ، والخناقات ،والمشاجرات الجسدية ، والقتل ، والانتحار ، والعنف المبطن ( من المماطلة والتكاسل في العمل والوظيفة انتقاما من صاحب العمل ، والتهور في قيادة المركبات ، والإسراف في التدخين ، واللجوء إلى المنشطات والكحول والمخدرات ، وإطلاق الشائعات والتهم والنكات على أصحاب النفوذ كنوع من الانتقام ، وإطلاق العيارات والألعاب النارية بشكل مفرط كنوع من الإسقاط النفسي لما يعانيه الأفراد من التوتر عبر هذه السلوكيات ).
وبالعودة إلى الأسباب الكامنة وراء تصاعد هذه الظاهرة فان الإنسان في مجتمعنا والمجتمعات العربية يعيش حالة من التوتر والقلق المتراكم المزمن نتيجة شعوره بالغبن والإحباط سواء من رب الأسرة ، او المدير ، او أي سلم وظيفي يؤدي به الى جرح نرجسي لذاته يصعب عليه تحمله لفترة طويلة وبالتالي فان ردود فعله سريعة وطاغية لأي مثير خارجي مهما كان تافها .
فهذا العنف الواقع على الآخرين نتيجة للعملية الأولية الدفاعية النفسية( الإسقاط) التي تعمل من خلال المخزون في العقل الباطني لتصريف التوتر بسلوك عنفي يقع على الآخرين او الذات او الممتلكات .
ولعل هذا التوتر المزمن آت ٍ من احباطات وكبت نفسي متنوع المصادر منها ما هو سياسي .و طالما أن هناك ظلم فهناك عنف , طالما هناك فقر فهناك عنف و
ولا شك في ان الإرهاب الاقتصادي من طغيان الضرائب الذي من المتوقع فرضها في مصر ، وغلاء المعيشة ،وارتفاع الأسعار ، والفساد الاجتماعي من انتشار المحسوبية ، والواسطة ،و الرشوة ، التي تنتقص من حقوق الأفراد من مكانتهم الوظيفية والاجتماعية والشعور بالغبن تشكل دوراً أساسياً في تفاقم التوتر وبالتالي العنف .
وفي هكذا وضعية فان الإنسان يعيش إحباطا نفسيا وشعورا بالتبخيس والدونية المزمن ، انه متروك لنفسه ليحمي ذاته، ويتدبر أوضاعه، ويشعر بان القانون لا يحميه ولا يطبق على الجميع ، ولا يسترد حقوقه وان القانون لا يطبق إلا على الضعفاء ، و انه في مجتمع الغاب – يرى الآخرين بأنهم خصوم بدل علاقة التراحم والتعاطف والمشاركة والمواطنة ولذلك يسقط معاناته من خلال العنف لتحقيق أهدافه .

ولعل تصاعد ظاهرة الجرائم والعنف في مصر علي وجه الخصوص بعد ثورة 25 يناير ناجما عن التمحور النفسي تجاه الامور المادية المالية وذلك من خلال ترسخ النظرة بتحقيق الذات بالوضع المالي للشخص والصراع الذي أصبح يشكل ظاهرة توتر صراع نفسي يوقع الأفراد في سلوك عنيف لأبسط العراقيل المالية . وليس تحقيق الذات من خلال الثقافة والفكر والسلوك الأخلاقي فهناك بعدا لا شك فيه عن الالتزام الديني السلوكي مع وجود الالتزام الديني بأشكاله الطقوسية ، ، وكذلك اختلال وانعدام التنشئة السليمة النفسية منذ الصغر ليتعلم الطفل والمراهق كيف يكبح جماح العنف؟؟؟ وكيف يجير هذا العنف بشكل ايجابي ينفعه والآخرين مثل القراءة، والرسم، والرياضة ،والشعر، والموسيقى ،....الخ
.وللتصدع الأسري المتفاقم في مجتمعنا والتنصل من العادات والتقاليد الحميدة دورا كبير في تفاقم هذه الظاهرة .
وبمقارنة العنف لدى الإنسان في مصر ودول العالم الثالث بالعنف عند الحيوان يتضح ويتبين بان عنف الحيوان اقل ضراوة من الإنسان فالعنف عند الحيوانات الفقارية المفترسة ليست بتلك الصورة الدموية والشرسة الموجودة في أذهاننا فهي فقط موجودة بين الحشرات فالحيوانات الأخرى عنفها يؤدي وظيفة دفاعية عن النفس ومن اجل الحصول على الطعام وذلك من خلال حماية منطقة الصيد للبحث عن الغداء والمكانة المرتبية ضمن المجموعة للحماية وتوظيف التوازن والتنظيم بين أفراد القطيع ، وأما التزاوج لديها فالعنف في نفس أفراد الجنس ايجابيا ، فالغلبة للأقوى وذلك لتطور الجنس الحيواني وهناك توازن بين سلاح الحيوان المفترس ودفاعات الفريسة والتي يفتقدها الانسان إنها الغريزة التي أودعها الله ( في امة الحيوان ) وتفتقد الحيوانات لشعور(الحقد) والمترسخ لدى الإنسان المتوتر .
وبالتالي لا بد من وجود كابح لضبط العنف لدى الإنسان وهذا لا يأتي الا من خلال الدين والتشريع والقوانين .
ولعل من يستقرا العنف لدى القبائل البدائية يتعلم منها أخلاقيات العنف وخير مثال على ذلك القبائل الاسترالية التي كانت ترسل المؤن الغذائية والسلاح إلى أعدائها البيض، والهنود الحمر الذين كانوا يتقاسمون بارودهم مع أعدائهم البيض كي تكون الحرب متكافئة. فلا حرب لديهم دون إنذار فأين نحن من كل ذلك ؟؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتهامات للاتحاد الأوروبي بتمويل اعتقال المهاجرين وتركهم وسط


.. مدعي الجنائية الدولية يتعرض لتهديدات بعد مذكرة الاعتقال بحق




.. مأساة نازح فقد فكه في الحرب.. ولاجئون يبرعون في الكوميديا بأ


.. صلاحيات ودور المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة مرتكبي جرائم ا




.. كلمة أخيرة - أمل كلوني دعمت قرار الجنائية الدولية باعتقال نت