الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يالطيف من خلط الأوراق

محمد باليزيد

2012 / 12 / 13
الحركة العمالية والنقابية


يوم 11/12/2012 نشرت العديد من الجرائد المغربية [ الخبر، النهار المغربية، الاتحاد الاشتراكي....] نشرت ما يلي:
""النقابة الديمقراطية للعدل قررت٬ خلال اجتماع مكتبها الوطني السبت الماضي بالرباط٬ تنظيم وقفات احتجاجية بكل محاكم المغرب يوم الجمعة 14 دجنبر الجاري وتنظيم مسيرات سلمية انطلاقا من مقرات محاكم الاستئناف نحو أقرب المساجد٬ يتلى خلالها اللطيف ويؤدى قسم الحريات والحقوق النقابية أمام هذه المساجد٬ مجددة رفضها للقرار الحكومي بالاقتطاع من أجور المضربين.""
المسألة محل النقاش هنا هي أن الحكومة الحالية بالمغرب، كل وزير في قطاعه ، مصرة على الاقتطاع من أجور المضربين بحجة أنه (حسب الحكومة): "لا أجر بدون عمل". (1)
تدخلي هنا لن يطال مدى صوابية أو عدم صوابية رأي أي طرف من الطرفين لأن ذلك يحتاج زادا قانونيا أنا بعيد عنه. لكنني سأدلي بملاحظات أراها مهمة في الظرف الحالي:
ّ أولا، نعرف جميعا أن الأحزاب المغربية (وربما هذه الخاصية تتعدى المغرب) قاعدتها الأساسية هي النقابات. ذلك أن المجالات الأخرى، التي من خلالها تتصل الأحزاب بالجماهير وتوسع قاعدتها وتوضح برامجها، هذه المجالات جد محدودة إن لم تكن منعدمة بالنسبة لبعض الأحزاب. فالعمل النقابي، في المغرب، هو أكبر نافذة/قناة يطل/يتصل عبرها الحزب بالجماهير. وحين كان حزب العدالة والتنمية (الذي يتزعم الحكومة الآن) في المعارضة، كانت نقابته (المسماة بالجامعة الوطنية) من بين النقابات التي تواجه الحكومات آنذاك (بشدة) حين تلوح الحكومة بأي اقتطاع عن الإضراب. ولن نبالغ إذا قلنا أن هذه الشدة في المواجهة (في هذه المسائل النقابية) هو ما أعطى للحزب زخمه الجماهيري وكان من بين الأسباب (أو السب الرئيسي) في وصول الحزب إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع.
تبعا لهذا، والتزاما بأبسط الأخلاقيات السياسية، على الحزب الآن أن لا يطرح للنقاش، وبالأحرى أن يطبق من جانب واحد، الاقتطاع من الأجر نتيجة الإضراب. وكان عليه بالأجدى، كما قال بعض المتابعين، أن يسارع أولا بإخراج قانون تنظيمي للإضراب، هذا القانون الذي سيعطي الشرعية القانونية للاقتطاع أو عدمه. لكن هذا الحزب/الحكومة، والذي يفخر أعضاؤه بإنجازهم ترسانة قانونية كبيرة في سنتهم الأولى، لم يتجه في هذا الاتجاه وفضل محاولة فرض الاقتطاع أولا (استنادا إلى قوته ) كأمر واقع على الطبقة العاملة والموظفة كي يسهل بعد ذلك مسألة تمرير قانون تنظيمي مجحف بعد أن يتعود الناس على الاقتطاع. إننا نلاحظ أن البرامج والوعود وحتى السلوكات التي تحكم الأحزاب المغربية قبل وصولها السلطة تصبح لاغية بعد جلوسها على كراسي الشأن العام. وكأن كل هذه الهيئات، مهما كان لونها السياسي، لا تسلَّم مفاتيح الشأن العام حتى تقسم بأغلظ الإيمان، ربما لجهة خارجية، على أنها ستكون أسوأ من كل الحكومات السابقة اتجاه مصالح أغلبية المغاربة.
ّّ المسألة الثانية التي نريد لفت الانتباه لها هنا هي خطورة بعض السلوكات التي تبدو للوهلة الأولى مسألة غير ذات أهمية لكنها، عكس ذلك، ذات عمق كبير. في المقتطف أعلاه هناك إخبار بأن النقابة المعنية ستنظم وقفات احتجاجية ومسيرات... وكل هذا عمل نقابي محض، لكن هناك ما هو غريب عن هذا السياق: "الاتجاه نحو المساجد وقراءة اللطيف" !!!
نتذكر أنه حين صدور ما سمي آنذاك ب"الظهير البربري"(2) إبان فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب توجه المغاربة إلى المساجد منددين بالظهير وطالبين اللطف من الله وأن لا يفرق بينهم (المغاربة العرب) وبين إخوانهم البرابر. (آنذاك ما تزال كلمة برابر مستعملة وقد حلت محلها اليوم كلمة أمازيغ). في ذلك السياق، ونظرا لوعي تلك الفترة، ولأن المستعمر هو مسيحي, نفهم كيف تستعمل الحركة الوطنية الدين قصد لم شمل المغاربة (المسلمين) لمواجهة خطط المستعمر (المسيحي/الصليبي).
والآن يطرح السؤال: ما دخل المسجد وقراءة اللطيف في صراع سياسي ونقابي بين الحكومة والنقابات؟؟ حسب معلوماتي، لم يتم مثل هذا السلوك في مواجهة الحكومات السابقة (وحتى وإن كان فعلا قد تم فعلى الناس أن يطرحوا مثل هذا السؤال). ألأن الحزب المتزعم الحكومة ذو اتجاه "إسلامي" فقط تلجأ النقابة (المذكورة أعلاه) إلى استجدائه ب"لغته"؟؟
أعتقد أن هذا السلوك خلط كبير للأمور والمفاهيم وجر بالمعركة النقابية إلى ساحة بعيدة عنها وهو تمييع للعمل النقابي وإعطاء الاحتجاجات والمطالبات صفة الاستجداء والنظر إلى الحيف (الذي تمارسه الحكومة بصفتها راعية المصالح البرجوازية) النظر إليه ك"قدر" نسأل الله اللطف بنا فيه جاعلين ستارا بين الجماهير وبين أن ترى أن الفعل السياسي فعل إنساني محض وأن الصراع السياسي لا دخل للصلاة والزكاة والإيمان فيه. إن السير في هذا الاتجاه سوف يؤدي/ وعليه أن يؤدي إلى أن يتزعم النقابات فقهاء دينيون وليس مناضلون سياسيون.
على النقابات أن تواجه الفعل السياسي بمثله، نضاليا وقانونيا، وأن تربي الجماهير على وضوح الرؤية، فلم نعد في بداية القرن 20، حيث 99% من المغاربة أميين، وحيث لا يمكن أن يمرر الخطاب السياسي إلا عبر القنوات الدينية.
إن من يسعى إلى بناء دولة الحق والقانون لن يبنيها بصلاة الاستسقاء أو اللطيف.


1) لمعرفة بعض الجدل القانوني في المسألة يرجى مراجعة (على سبيل المثال) مقال في الرابط:
http://hespress.com/societe/66687.html
2) الظهير البربري، اسمه الأصلي الظهير المنظم لسير العدالة في المناطق ذات الأعراف البربرية والتي لا توجد بها محاكم شرعية، هو قانون أصدره الاحتلال الفرنسي للمغرب ووقعه الملك محمد الخامس في 17 ذي الحجة 1340 هـ / 16 مايو 1930 م. (حسب الموقع الآتي ذكره)
انظر الرابط: http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B8%D9%87%D9%8A%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D8%A8%D8%B1%D9%8A
وانظر كذلك: http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D8%B8%D9%87%D9%8A%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D8%A8%D8%B1%D9%8A ومواقع أخرى
وقد واجه المغاربة آنذاك هذا الظهير بالتظاهر والتوجه إلى المساجد (للتنديد بمحاولة الاستعمار التفرقة بين المغاربة العرب والأمازيغ) وقراءة اللطيف مرددين: " اللهم يالطيف الطف بنا في ما جرت به المقادر..... ولا تفرق بيننا وبين إخواننا البرابر..."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد إلغاء إسرائيل تصاريح عمليهم.. آلاف العمال يفقدون مصدر رز


.. ما انعكاسات البطالة في قطاع غزة؟




.. إضراب شامل في جنين حدادا على اغتيال القيادي إسلام خمايسي


.. حتى تحقيق مطالبهم كافة.. طلاب في جامعة غينت البلجيكية يواصلو




.. شركة ميكروسوفت تطلب من موظفيها العاملين في الذكاء الاصطناعي