الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى الأستاذ حسقيل قوجمان

سلامة كيلة

2005 / 3 / 16
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


شكراً على إطرائك، و شكراً كذلك على نقدك، و أتمنى أن أتلقى رأيك بعد قراءة هادئة للنداء الذي نشر في الحوار المتمدن، العدد1130- 7/3تتجاوز الجواب السريع الذي نشر في موقع الحوار المتمدن، العدد1133،10/3/2005. حيث أنني أعتقد بأن النداء، الذي هو موجّه للماركسيين في الوطن العربي، ينطلق من التأكيد على الماركسية، و يقوم على أساس الدعوة إلى الحوار من أجل نقد ما كان رائجاً في الماركسية، أو ما كان يسمّى الماركسية اللينينية، و السعي لكي " نجتثّها من أدمغتنا ". تأسيساً لرؤية ماركسية تنطلق من الماركسية " الأصلية "، و من منهجيتها بالأساس، التي هي الجدل المادي.
و إذا كنت قد قدّمت إسهامات نقدية عديدة ( و بعضها موجود على موقع الحوار المتمدن )، و حاولت أن أقدِّم إجتهادات فيما يتعلّق بفهمي للماركسية، و لتصوّري للرؤية التي يجب أن يقوم عليها أيّ نشاط ماركسيّ جديد. فإن هدف النداء الموجّه من قبل عدد من الماركسيين العرب، هو الدعوة للحوار بين الماركسيين عموماً، من أجل إنجاز رؤية نقدية لتجربة الحركة الماركسية العالمية، و أيضاً العربية، طيلة القرن العشرين خصوصاً، كمقدمة لبلورة رؤية عميقة للواقع العالمي الراهن، و كذلك للواقع العربي . و لاشكّ في أن الهدفين متداخلان و متكاملان. و بالتالي فإن الدعوة تهدف إلى إيجاد الصيغ العملية من أجل بدء الحوار، و إيصاله إلى منجزٍ جدّي، هو إعادة صياغة الرؤية التي تؤسّس لنشاط يساريّ جديد، منطلقٍ من الصراع الواقعي، و هادفٍ إلى إنتصار بديل يعبِّر عن الطبقات الشعبية، و الطبقة العاملة خصوصاً. حيث " لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية " كما أشار لينين، و لكن لا بدّ من أن نشير إلى أن الماركسية هي الأساس المنهجي/ النظري الذي يسمح بتأسيس تلك النظرية، إنطلاقاً من وعي الواقع و وعي آليات تغييره. و هذا يفرض علينا البحث في الواقع من أجل وعي تناقضاته، و وعي السبل التي تسمح بتحويله.
هذه مسائل تحتاج إلى نقاش و بحث، و بالتالي إلى حوار. و النداء يهدف إلى أن يكون منطلقاً لبدء حوار ماركسيّ، و لإيجاد السبل التي تحتضن الحوار، و الآليات التي تجعله مثمراً. و ربما يكون هدف النداء هو الوصول إلى ذلك تحديداً. و لاشكّ في أن عشرات القضايا يمكن أن تكون مطروحة للحوار و البحث، سواء فيما يتعلّق بالماركسية ذاتها، أو بالتجربة الإشتراكية، أو بالواقع الراهن.
لكن، إسمح لي أن أناقش مسألة ورد في الرد، أرى أنه من الضروري مناقشتها، و هي ما أطلقت عليه " الماركسية الكلاسيكية "، التي ضمّت كما أشرت كل من ماركس، إنجلز، لينين وستالين. و آخرون يضيفون ماو تسي تونغ، و غيرهم يشطبون ستالين و يضيفون تروتسكي. أنا أرى أنه يمكن أن يضاف آخرون، و لكن أيضاً يمكن أن تُختصر القائمة لتضمّ ماركس و إنجلز، أو ماركس/إنجلز و لينين. و بالتالي فإن السؤال المطروح هنا يتمثّل في تحديد ماهيّة الماركسية؟ هل هو المنتوج الفكري لهؤلاء؟ و بالتالي فهو صحيح حتماً؟ و مطابق لواقعنا الراهن كذلك؟ أظنّ أن المسألة لا تتعلّق بالأسماء التي يمكن أن تورد، بل تتعلّق بتحديد ما أضافه ماركس ( , إنجلز ) لكي يشكّل منعطفاً فكرياً و منهجياً عميقاً، أسّس لنشوء تيار جديد تجاوز الفلسفة و الفكر السابقين، و وضع " حجر الزاوية " ( كما يقول لينين ) لرؤية مختلفة.
أظنّ أن بداية الماركسية كانت في " طريقة التفكير " الجديدة، التي هي الجدل المادي. و التي قادت إلى الدعوة إلى تأسيس نظام إقتصادي إجتماعي بديل، هو الإشتراكية. و إلى الإستنتاج بأن الطبقة العاملة هي " صاحبة المصلحة " في ذلك لأنها " لا تمتلك سوى قيودها ". و على ضوء هذه الطريقة في التفكير جرى فهم الواقع آنئذ، و إلى خوض الصراعات الطبقية، و تحديد التكتيكات السياسية. و إذا كان يمكن لمفكرين ماركسيين آخرين أن يضيفوا لهذه الطريقة في التفكير، فإن مقدرتهم على التفكير عبرها هو الذي جعلهم يؤسّسون تصوّراتهم للواقع المعاش. و ما يهمنا في كل ذلك هو ما أضافوه في الحقل النظري لتعزيز طريقة التفكير تلك في وعيها للواقع.
و هنا نحن لا نتعامل مع الأشخاص ككتلة، بل نتعامل مع أفكار يمكن أن تكون قد إرتقت إلى المستوى الذي يجعلها تكمل طريقة التفكير التي بدأها ماركس. لهذا يمكن أن نجد إضافات لدى كاوتسكي و بليخانوف، و كذلك لدى روزا لوكسمبورغ، و أيضاً لدى ماو تسي تونغ، ثم غرامشي و لوكاش، و آخرين كثر. رغم الإختلاف في كثير من القضايا مع هؤلاء. كما أنه إذا أخذنا مجمل منتوج هؤلاء الفكري، فسنلحظ أخطاء لدى حتى ماركس و إنجلز، و أيضاً لينين و كل الآخرين. و إن كانت الإسهامات أو الأخطاء مختلفة من مفكر ماركسيّ إلى آخر، حيث يجب أن تخضع الماركسية لروحها النقدية و منهجيتها الجدلية. بمعنى أن الماركسية ليست الأفراد و لا منتوجهم، رغم أهمية كل ذلك و عدم المقدرة الدقيقة على القفز عنه، بل هي الطريقة بالأساس ( و أضيف هنا أيضاً كل المفاهيم و القانونيات التي هي جزء من الماركسية ).
لهذا أميل إلى تحديد الماركسية بكونها منهجية في التفكير هي الجدل المادي، و أتحاشى أن أربطها بأسماء، رغم تقديري العميق لكل هؤلاء، و رغم الأهمية الهائلة لإسهامات العديد منهم، خصوصاً ماركس و إنجلز. و كذلك رغم أن إستخلاصنا الجدل المادي يتأتى من دراسة منتوجهم الفكري، لكن بروح نقدية و عبر الجدل المادي ذاته.
و حين نتطرّق إلى ستالين أرى أنه يحتاج إلى نقد، رغم أنني أعتقد بأنه كان ذا إسهام كبير في بناء الإشتراكية، أو يمكن أن أحدِّد بشكل أدقّ أنه كان ذا إسهام في نقل روسيا الإقطاعية إلى روسيا الصناعية الحديثة. لكن هذا نصف الصورة، حيث لا أعتقد بأن " الخروشوفية " كانت نبتاً شيطانياً، بل نتجت عن تركيب الحزب الذي تشكّل مع ستالين منذ أواسط ثلاثينات القرن العشرين، و من الفئات التي أدخلها ستالين إلى الحزب، و رقّاها في هرميته، حينما كان يُقصي فئات أخرى ربما كانت أكثر جدارة. و هذا من الموضوعات التي تستحقّ النقاش، خصوصاً و نحن نسعى لتقييم علميّ للتجربة الإشتراكية، تنطلق مما قدّمت في صيرورة التطوّر؟ و وفق أية آليات؟ و لماذا آلت إلى ما آلت إليه؟
لكن حين نشير إلى ستالين يجب أن نشير إلى " الماركسية " التي إرتبطت بإسمه، و التي أُطلق عليها إسم " الماركسية اللينينية ". و هي الماركسية التي راجت و حكمت الحركة الشيوعية العربية و قسم كبير من الحركة الشيوعية العالمية. حيث سنلمس هنا أن الماركسية عادت كطريقة في التفكير تقوم على الجدل المادي، المتضمّن كل التراث الفكري الحديث خصوصاً لحظة هيغل/ فيورباخ، إلى المنطق الصوري، و أكثر عادت إلى " المنطق النصّي ". حيث تحدّدت قوانين التاريخ مسبقاً، و باتت تحكم النظر إلى التاريخ الواقعي ( دون المنهجية ). كما تحدّدت قوانين " الإقتصاد السياسي " و " الإشتراكية العلمية " ( و كذلك دون المنهجية ). و غدت " المادية الجدلية " مادّة " فلسفية " ثقيلة، خصوصاً و أنها لم تعُد هي طريقة التفكير مادام بات يُرى الواقع من خلال قوانين " المادية التاريخية و الإقتصاد السياسي و الإشتراكية العلمية ". و بالتالي غدت الماركسية نصّ مسبق يطبّق على الواقع لكي يوافقه الواقع، و إلا كان خاطئاً.
و في هذه النقطة عادت الماركسية قرون إلى الوراء، و بات الماركسيون ( الذين يتبعون الماركسية السوفييتية منذ زمن ستالين ) عاجزين عن وعي واقعهم، و وعي آليات تغييره. و أصبحوا يلتزمون تكتيكات الدولة السوفييتية، و تصوّراتها الأيديولوجية، التي قادتهم إلى الهزائم المتتالية، و من ثَمّ إلى التفكّك. و هذا موضوع يحتاج إلى مناقشات لتبيان هذه الإشكالية بالملموس. فالحركة الشيوعية العربية في أزمة قبل سيطرة الخروشوفية، لكنها تفاقمت بعدها. بمعنى أن الإشكالية بدأت منذ أواسط ثلاثينات القرن العشرين و ليس بعد سنة 1956. و حين يشار إلى إزالة التشوّهات التي تراكمت، يجب أن يشمل ذلك كل تلك المرحلة التي هي مرحلة الستالينية بإمتياز.
النداء يهدف إلى الحوار، و إلى بناء شبكة علاقات تجعله مثمراً، و بالتالي تشكيل مركز يوحّد كل الحوارات لكي تصل إلى أهداف محدّدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا.. مقتل 3 متظاهرين إثر احتجاجات اعتراضا على نتائج ا


.. شاهد | تجدد الاشتباكات بين الشرطة الكينية ومتظاهرين في نيروب




.. ماكرون.. بين مطرقة اليمين المتطرف وسندان تجمع اليسار


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: انسحاب أكثر من مئتي مرشح لسد




.. كينيا.. قوات الشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين