الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بَرَدَى يهجرُ مجراه

باسم الخندقجي

2012 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



و الطريق إلى دمشق طويلٌ طويل .. و مُزدحمٌ بالشرايين المتشابكة و الخاوية من الأفق و الدماء منارةٌ تُشعوذ ولا تُنير إلاّ دروب الخراب و إلتباسات المرحلة ..

ما الذي يجري هناك الآن ؟ من سيدفع حساب هذه الوجبة ذات الحجم الشعبي التي تقطر دماً و دماراً ؟

منذ الأزل و الطريق إلى دمشق سباقٌ مسعورٌ يقبل القسمة على أكثر من إثنينْ منذ الآشوري و البابلي و الفرعوني و الفارسي و ما تبقى من أحلام الإسكندر الكبير و تنازع أسلافه على المتن السوري كل هذا التاريخ المثقل بالأشلاء و الهزائم و الإنتصارات مر من هنا ليكتب على الساحل السوري الممشوق القوام ذكوريته الفجّة المُدَمّرة ..
بَرَدى يئنّ يردى ينتابه الصدأ سئم العويل جفَّ .. بكى .. فاض .. فغير مجراه و لكن إلى أين يمضي بَرَدى يا دمشق في مجراه الجديد إلى الشرق أم الغرب أم هو مجرى لا شرقيٌ ولا غربيٌ مُزدانٌ بالأُبّهة العربية ؟

أيها النهر العتيق تذكر معي آخر الأمراء المطالبين بمملكة .. تذكر معي فيصل الهائم في لورنس و كيف على أمجاد الغياب كان "الشريف" حسين يكتب الرسائل من حبر الوهم إلى الثعلب الإنجليزي مكماهون في أجواء من خطب الود و السعادة و حذف لواء الإسكندروينة من الإمتداد العربي و الخريطة القديمة نذكر أيها النهر أعواد المشانق في بيروت و دمشق و ردّد معي وصايا الشهداء الأخيرة تألق بوميضهم و إعتنق إيمانهم بالدولة العربية الموحدة ..
هكذا كان الرَكبْ على طريق دمشق يسير بعلميْن من أزرق و أحمر عاد الإسكندر مرة أخرى على شاكلة فرنسي أنيق إسمه بيكو و إنجليزي بارد الأعصاب إسمه سايكس لتقسيم ما لا تجب وحدته أبداً ..
و كان الأمير يسير يمتطي نافته و في حضنه لورنس يطمئنه قائلاً له :"لا تقلق أيها الأمير فيصل إن حكومة جلالة ملك بريطانيا العظمى ستفي بوعودها و عهودها التي قطعتها لكم رغم وعد بلفور و المصالح الإستعمارية المشتركة مع الدولة الفرنسية"
لم يطمئن الأمير وسأل الجنرال المعظم إللّنبي الطمأنينة فأجابه فارس الهيكل : سأعرض عليك عرضاً هي لعبة سباق طويل " من يسبق يَلبُق" أي من يصل أولاً إلى دمشق سيكون سيدها وسيد العرب أجمعين ها .. ماذا قلت ؟"
و الطريق طويل و الركب مُثقلٌ بالأماني و الأحلام و التوطئة و الخديعة في مؤتمر الصلح في فرساي ..
و كانت دمشق تنتظر و العثماني ليس بمُصدّق ..لا يقوى على فعل شيء فلملم أشلاءه و مضى بعد أن منحته الدول العظمى تركيا كرشوةٍ أو جائزة ترضية غالباً ما يجري التعاطي بها في الحروب فيصل يصل دمشق و كسب و السباق و لكنه خسر أمة كاملة إذ من الغرب آتٍ فارسُ هيكلٍ آخر .. الجنرال غورو الذي قال فوق الضريح :"ها قد عدنا يا صلاح الدين" مُردداً صدى إللّبني الذي قال في التاسع الأسود من ديسمبر العاصف من عام 1917 يوم سقوط القدس عن متن الهوية العربية:"الآن إنتهت الحروب الصليبية"
صدّق فيصل "كِشْ ملك" أين لورنس ؟ أين إللنبي ؟ أين جمال باشا؟
أحترقت أعواد المشانق و أصاب الطاعونُ الأحلام ..
أمهلَهُ غورو بعض الوقت إذ قال للأمير :"ستغادر بعد قليل لن تكون ملكاً عليها لأن شاعرك أحمد شوقي سيقول فيما بعد :

سلامٌ من صبا بَرَدى أرقُّ ودمعٌ لا يُكَفكفُ يا دمشقُ

و كانت ميسلون أشرف معارك العرب بعد موقعة "ذي قار" شرفاء الأمة لم يرفعوا بياض الخيبة و واجهوا غورو بجيوشه الفرنسية العاتية أرادوا أن ينالوا حقهم في كتابة هامشهم في التاريخ . أما فيصل فقد مضى في قطار درعا إلى حيفا حيث شارع الملوك الذي أمضى به إلى العراق قيّماً على محمية بريطانيا و هُزمتْ العرب و كان ظلام و بردى يهجر مجراه اليوم فأين يكون مجراك أيها النهر و أين ستصبّ .. في أي بحر ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نصب خيام اعتصام دعما لغزة في الجامعات البريطانية لأول مرة


.. -حمام دم ومجاعة-.. تحذيرات من عواقب كارثية إنسانية بعد اجتي




.. مستوطنون يتلفون محتويات شاحنات المساعدات المتوجهة إلى غزة


.. الشرطة الألمانية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لغزة بجامعة برلين




.. غوتيريش يحذر من التدعيات الكارثية لأي هجوم عسكري إسرائيلي عل