الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاث أساطير إخوانية بشأن الدستور واستفتائه

نادين عبدالله

2012 / 12 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لا خلاف على أن إصرار الرئيس على الاستفتاء على دستور معيوب قد ضاعف الانقسام المجتمعى وفاقم الأزمة السياسية حتى بات العنف الأهلى شبحاً يحاصر الجميع. والغريب أننا نشهد فى هذه الأجواء وبصفة مستمرة مجموعة من التبريرات الإخوانية لإقناع الرأى العام الداخلى، والخارجى، بديمقراطية المسار وأهمية الانتهاء من «قصة الدستور» وتمريره. لذا، سنقدم فى السطور القليلة القادمة حججاً مضادة ندحض بها هذه التبريرات التى كادت تكون «أساطير» هدفها الوحيد هو تمرير الدستور «المشوه» وشرعنة الاستفتاء عليه، حتى ولو على حساب المصريين.

أما الأسطورة الأولى فتقول إن الديمقراطية تعنى الاحتكام إلى الصندوق. نعم، هى تعنى هذا، ولكن ليس فقط ذلك. فالاحتكام إلى الصندوق هو خطوة نهائية ونتيجة طبيعية تتوج مساراً ديمقراطياً، آلية تمثيل صحيحة، ومحتوى يليق. أما الآلية فغير سليمة لأنها إقصائية: كلنا يعرف أن اللجنة التأسيسية اعتمدت على «المحاصصة السياسية» وسيطر عليها فصيل بعينه. أما المسار فكان سلطويا بامتياز بل صاحبه احتجاجات واسعة فى أنحاء المحروسة نددت بإعلان دستورى حصن جمعية تأسيسية لم تمثل سوى نفسها. فإن فسدت الآلية وتعرج المسار كيف لا تبطل النتيجة؟ بموجب هذه الأسطورة، للآسف، أنت مجبر أخى المواطن على الاستفتاء غداً على دستور بلا قيمة، لأن محتواه لن يحمى حقوقك أو حرياتك.

وهذا ينقلنا إلى الأسطورة الثانية التى تؤكد أن نعم للدستور تعنى خطوة للأمام، نعم للدستور تعنى الاستقرار. عزيزى القارئ، دعنى أخبرك أن هذا غير صحيح بالمرة لأن الانتهاء من العملية الدستورية هو خطوة ولكنها ليست بالضرورة للأمام، فقد تكون أيضا خطوة خاطئة فى مسار انتقالى فاشل. لماذا لم نحقق أى نجاح واحد إلى الآن؟ ولماذا لم تتحقق أهداف الثورة الحالمة؟ الإجابة بسيطة: منذ أن بدأنا هذا المسار لم يعقد أى حوار جاد بين اللاعبين السياسيين الرئيسيين الممثلين للكتل المجتمعية والسياسية المختلفة على غرار الإخوان المسلمين والسلفيين والليبراليين. إجراء هذا الحوار كان ضرورياً جداً لإحداث نوع من الاتفاق على المبادئ العامة التى ستحكم النظام الجديد وقواعد اللعبة السياسية التى سيلتزم بها الجميع. لم يحدث ذلك، لكن نحمد الله جاءتنا الفرصة التاريخية كى نتدارك هذه الخطيئة ونصنع توافقاً مجتمعياً حقيقياً يعكسه دستور جديد. فالدستور هو عقد اجتماعى يتفق عليه ممثلو شركاء الوطن ويعبر عنهم. للأسف هذا العقد «مفسوخ» لأنه عقد بين أطراف دون آخرين. فهل نتخيل أن الاستقرار قد يأتى على يد عقد دستورى لايمثل سوى صائغيه؟ أخشى أن أؤكد العكس. التصويت بنعم لن ينتج عنه سوى مزيد من الاستقطاب المجتمعى وتصاعد أسرع للأزمات السياسية. ببساطة، المشكلة الرئيسية المتمثلة فى غياب التوافق لم تحل بل تم تسكينها ثم سلقها، لكن فى النهاية لن يصح سوى الصحيح.

أما الأسطورة الثالثة فتقول إن الانقسام المجتمعى الحالى هو انقسام ليبرالى فى مواجهة آخر إسلامى. فتصويتك بلا فى الاستفتاء يعنى بالضرورة اختلافك مع المشروع الإسلامى وتصويتك بنعم يعنى بالضرورة مناصرتك له. بالطبع هذا غير حقيقى. فالصراع الحالى هو صراع بين المؤمنين بالديمقراطية فى مواجهة من لا يمانعون إنتاج نظام سلطوى قديم بوجوه جديدة، نظام تم ترسيخ قواعده بوضوح فى آلية إنتاج دستور ينتهك حقوق الإنسان ويحمى حريات النظام.

باختصار، معسكر «لا» فى مواجهة معسكر «نعم» الذى شهدناه وقت الإعلان الدستورى، وسنشهده فى الاستفتاء، يفصح عن الاختلاف بين من يتمنون أن تحكمهم قيم الحرية والعدالة، ومن يوافقون على استمرار طريقة إدارة حزب الحرية والعدالة التى أنتجت لنا هذا الدستور التعيس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2012 / 12 / 14 - 10:08 )
أنتي تنتقدين هذا الدستور , السؤال :
ماذا فعلت الدساتير المدنيّه السابقه للشعب؟ , هل قضت على , التالي : الفقر + الجهل + المرض + البطاله؟ .
لا , لم تقضي عليها , إذاً , لماذا كل كل هذا الدفاع عن الدستور المدني الفاشل؟ .


2 - الى الاستاذ عبد الله خلف
البدراني الموصلي ( 2012 / 12 / 14 - 10:59 )
بعدالاستئذان من السيدة كاتبة المقال
اخي عبد الله ان سؤالك على الفيس بوك ,له مشروعيته , ولولا القمقم الذي تقبع فيه لاستطعت ان تجيب على سؤالك بنفسك , فالدستور المدني -وفي اسوء صياغة له - افضل كثيرا من الدستور الايديولوجي او الفئوي . حيث يغطي الاول جميع اطياف الشعب بينما الثاني يغلب فئة او طائفة او دينا او حزبا على الاخرين .و قيام ثورة في بلد ما لايعني بالضرورة فسادا وخللا بدستورها بل هو بالتاكيد مؤشر على فساد المتحكمين بتطبيق الدستور . ولو راجعنا فقرات الدستور المصري الذي يراد استبداله لوجدناه افضل كثيرا من هذا الجديد وانني واثق انك ايضا لن تكتشف فيه خللا جسيما فمثلا انه لم ينتقص من اهمية الاسلام كمصدر اساسي للتشريع , وانا اعرف غيرتك على الاسلام - بل انه يؤكد على ذلك الى جانب التفاته الى كرامة المواطنين الاخرين غير المسلمين والذين يتشاركون الوطن نفسه منذ الاف السنين .
ان كتبة الدستور المصري - ومنهم عبد الرزاق السنهوري الذي يدين له العراق وغير العراق بالفضل لكتابته دستور العراق - هم من افضل من خاض غمار هذه الحقول الملغمة بالصعوبات والتعقيد وان الايديولوجية المتزمة تمزق الوطن ولا توحده

اخر الافلام

.. رحلة مؤثرة تتهافت عليها شركات صناعة السيارات العالمية | عالم


.. عريس جزائري يثير الجدل على مواقع التواصل بعد إهداء زوجته -نج




.. أفوا هيرش لشبكتنا: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الج


.. مصدر لسكاي نيوز عربية: قبول اتفاق غزة -بات وشيكا-




.. قصف إسرائيلي استهدف ساحة بلدة ميس الجبل وبلدة عيترون جنوبي ل