الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلحة والاطفال

ساطع راجي

2012 / 12 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


العنوان لإحدى قصائد السياب، لكن المناسبة ليست شعرية، بل هي مسح رسمي أطلقته الحكومة العراقية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أعلن إن ثلث أطفال العراق محرومون من الحقوق والخدمات (الرعاية الصحية والتغذية والتعليم والمياه والصرف الصحي، والحماية، والمأوى، والوصول الى المعلومات) وهو رقم كبير بالنسبة لمجموع سكان العراق (32 مليون تقريبا) نصفهم من الاطفال (دون سن 18)، وبالصدفة كان رئيس الوزراء نوري المالكي قد تحدث قبل اعلان نتائج المسح بيومين فقط عن ضرورة الاهتمام بحقوق (الاطفال، الايتام، الارامل) وجاءت الدعوة في سياق الجدل بين الكتل النيابية حول تعرض السجناء والمعتقلين وخاصة النساء لانتهاكات، وهذا يعني ان حقوق الفئات الهشة والمستضعفة لايتم استذكارها الا في مجال الجدل السياسي والا ما الذي منع الحكومة والكتل النيابية من العناية بحقوق الاطفال وهي عناية لاترخص باي حال التغاضي عن حقوق بقية الشرائح، ولكن لنتذكر دائما إن محرومية الاطفال في العراق هي نتاج لفساد سياسي واداري واخلاقي قاد الى تحويل الاموال الموجودة بوفرة في البلاد الى أنماط محددة من الانفاق وهي مجالات تعزز قدرة السلطة أو تفتح أبواب نهب المال العام، لذلك فأن ثلث أطفال العراق ومعهم نسبة أكبر ممن هم قريبون من حال المحرومية عليهم الانتظار حتى يرتوي عطش أصحاب القرار الى السلطة والمال، وهو ارتواء لايبدو قريب المنال.
لايستطيع أي سياسي صاحب قرار تبرئة نفسه من مسؤولية حال أطفال البلاد لأن هذا الحال هو نتاج سياسي صرف، وبالتحديد هو نتاج هذه الفئة الحاكمة ذلك إن معظم الذين كانوا اطفالا ايام النظام البائد قد خرجوا من سن الطفولة وصاروا يعانون من محروميات جديدة، ولولا أزمة حقوق السجناء لما جاء ذكر لحقوق الاطفال ولجاء المسح الرسمي يتيما لكنها صدفة ممتازة، والتوقيت أكثر من مرعب، حيث نسمع من يدق طبول الحرب لخلاف سياسي بين أربيل وبغداد يمكن تسويته في ساعات، والاغرب إن أحدا لا يريد استذكار ويلات الحرب التي يكون الاطفال في مقدمة ضحاياها ولم يستذكر أصحاب السلطة المولعون بالتاريخ القريب وبالاشارة الى مثالب صدام نتائج الحروب والحشود والحماقات كما لم يستذكر أصحاب السلطة المولعون بالادب والشعر قصيدة السياب المؤلمة عن الحرب وهي يبكي شعرا (حديد عتيق، رصاص، حديد، لك الويل من تاجر أشأم، ومن خائض في مسيل الدم، ومن جاهل أن ما يشتريه، لدرء الطوى والردى عن بنيه، قبور يوارون فيها بنيه) وكأننا نقرأ رثاء لحالنا المأزوم بفعل صفقة سلاح، السلاح الذي يقول عنه السياب (حديدٌ عتيق، رصا..ص، حديد...، حديدٌ عتيق لموتٍ جديد!، حد..يدٌ، لمن كلُّ هذا الحديد؟، لقيدٍ سيُلوى على معصمٍ، ونصلٍ على حلمةٍ أو وريد، وقفلٍ على البابِ دونَ العبيد، وناعورةٍ لاغترافِ الدمِ، رصا..صٌ، لمن كلُّ هذا الرصاص؟).
الاسلحة تقتل الاطفال أكثر من مرة حتى دون ان تصيبهم برصاصة واحدة، تقتلهم باليتم والتحريض والكراهية وبسرقة حقوقهم التي تتحول الى ثروات لـ(تاجر أشأم) يتعاون معه ساسة فاسدون، فيقتلون الطفولة حتى قبل إطلاق الرصاص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصام لطلاب جامعة غنت غربي بلجيكا لمطالبة إدارة الجامعة بقط


.. كسيوس عن مصدرين: الجيش الإسرائيلي يعتزم السيطرة على معبر رفح




.. أهالي غزة ومسلسل النزوح المستمر


.. كاملا هاريس تتجاهل أسئلة الصحفيين حول قبول حماس لاتفاق وقف إ




.. قاض في نيويورك يحذر ترمب بحبسه إذا كرر انتقاداته العلنية للش