الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السوفان ...!!

حميد غني جعفر

2012 / 12 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


السوفان حالة مرضية تصيب بعض مناطق الجسم كالرقبة مثلا أو الفقرات أو الركبتين وهذه الحالات المرضية يمكن علاجها بسهولة ويسر وقد يشفى صاحبها ،
لكن هناك حالة أخرى من السوفان مستعصية ولا يمكن معالجتها ألا وهي سوفان العقول إذ مهما حاول صاحبه استبدال – براغي – خلاياه المخية ، فلن تجدي نفعا ، لأن هذه البراغي تتآكل بعضها ببعض ثم تتلاشى شيئا فشيئا ... فتضمحل وقد تنقرض ، وتكمن خطورة أصحاب هذه العقول السايفة في أنها هي التي تتولى زمام الأمور في إدارة شؤون الدولة والمجتمع ، ولهذا السوفان الخطير انعكاساته على مجمل هياكل الدولة ومؤسساتها وحتى منتسبيها ويجد انعكاساته في طريقة تعامل هؤلاء المنتسبين مع المواطن ، وينعكس ذالك السوفان حتى على المواطن وعلى حالته النفسية – بما ينجم عنه من حالات الإحباط واليأس – وبات الإنسان العراقي مهشما – من الداخل – بفعل هذا السوفان المتأصل في عقلية ونفسية هؤلاء الساسة ، ويتجلى في نمط تفكيره وسلوكياته وتصرفاته السلبية ، حتى بات المجتمع يعيش حالة سوفان مزمن ، وهذه العقول – السايفة - تريد إصلاح حال العراق والعراقيين ... كيف ذالك ؟ وهم لم يستطيعوا إصلاح ما في خلاياهم المخية من سوفان متأصل ، فهم أنفسهم لا يدرون كيف ... ولذا فهم في حالة من التخبط والتشبث والعشوائية في كل الاتجاهات وبكل مفاصل الحياة اليومية ... ولست أدري هل أن العراقيين بانتظار أن تضمحل أو تنقرض تلك العقول السايفة ؟ .
في مقالة سابقة – مؤشرات ودلالات 4 – طرحنا أمام هذه العقول السايفة ، نموذجين أو تجربتين من الـتأريخ ، لعلهم يقتدوا بالتجربة الأولى وكان ينبغي أن يقتدوا بها إن كانت قد صدقت وطنيتهم وخلصت نواياهم وسلمت عقولهم من هذا السوفان ، ألا وهو الزعيم الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم بالسير على نهجه وخطاه وهو الذي أفنى حياته في خدمة وطنه وشعبه خصوصا الطبقات الفقيرة البائسة وكل الكادحين وظل هذا الرجل شريفا نظيفا نزيها حتى آخر لحظة من حياته وظل أيضا حيا وخالدا في ضمير الشعب وقلبه رغم مرور خمسين عاما على استشهاده لأنه كسب حب الشعب وثقته ... فأين هذه العقول من هذا الشرف والمجد ، يبدو أنهم غير مؤهلين لحمل هذا الشرف الرفيع ... ولذا فهم يسيرون على التجربة الثانية ، وعلى خطى الطاغية المقبور رغم أنهم شاهدوا جميعا المصير المخزي لذالك الطاغية وكيف عبر الشعب عن غضبه وحقده المقدس وبالطريقة التي شاهدوها ، إذ لا زال هذا السوفان يفعل فعله في تلك العقول فهو متأصل فيها ولا أمل في شفاءهم منه، فلا زال كل منهم راكبا بغلته ، فقد ازدادت حدة الصراعات والمهاترات شراسة ، وفي خضم هذا الهوس ، كانت هناك آمال عولت عليها الكثير من القوى السياسية – عودة الطالباني من رحلته العلاجية ، وها هو قد عاد الطالبني وتوجه إلى أربيل فور عودته ليجتمع هناك – أولا – بقيادة الحزبين الرئيسيين الإتحاد والديمقراطي الكردستانيين ثم جاء إلى بغداد ليباشر في حواراته مع الكتل النافذة – المتصارعة – وبعد أسبوع عاد إلى اربيل مجددا لاستكمال حواراته مع الأطراف الكردية هناك ، ولم يظهر لحد الآن من جهوده المضنية أية ثمرة تذكر باتجاه معالجة الأزمة ، لماذا ؟ لأن السوفان متأصل تماما بعقول هؤلاء بل وحتى في نفوسهم المريضة ، ولا زالوا في غيهم يعمهون ، ويختلقون المشكلات ويجعلوا منها أزمات مستعصية ، لأنهم جبلت نفوسهم على الشر ولا يريدون الخير والاستقرار لهذا البلد والشعب الذبيح – على أيديهم – وبقاء هذه الأزمة هو مصدر رزقهم وعيشهم على السحت الحرام ... من سرقات واختلاسات وتزوير للشهادات وتهريب للأموال وتجارة في العقار بل وحتى تجارة المخدرات وكل أشكال الثراء المحرمة شرعا وأخلاقا – فهم لا دين ولا أخلاق - ، وبدلا من الاستجابة للحوار الوطني البناء ... جعلوا من زيارة المالكي لروسيا مشكلة كبرى ... على أن المالكي وقع عقود لشراء الطائرات وبعض الأسلحة من تشيكيا ... وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها ... فالأكراد عبروا عن مخاوفهم منها وكتل أخرى ... وبدأوا بنسيج ما في عقولهم السايفة من صدأ ... فأحد أقطاب دولة القانون يهاجم البارزاني ويتهمه بالشخصية الخطرة ويرد عليه الطالباني في بيان من مكتبه يستهجن تلك التصريحات ، ويصرح أيضا رئيس القائمة العراقية بأنه قد أخبر المالكي – بحضور الطالباني – بأن في حكومة المالكي بعثيين ملطخة أيديهم بدماء العراقيين ... فما مغزى هذا التصريح في هذا الوقت بالذات ؟ ولماذا يصمت علاوي طيلة هذه الفترة عن هؤلاء القتلة ؟ ليعلم علاوي ومن على شاكلته بأن هذا الأمر – ليس بجديد على العراقيين – فالعراقيين واعين جيدا ويدركون بأن حكومة المالكي فيها الكثير من البعثيين القتلة وإن نصف البرلمان العراقي هم من البعثيين القتلة وإن أغلب القيادات الأمنية هم بعثيين وقتلة وإرهابيين ، وما حالة التدهور في الوضع الأمني وعمليات الاغتيال بالكاتم ، إلا بفعل وجودهم في المواقع الحساسة ، ويعلم العراقيون أيضا يا سيد علاوي بأن قائمتكم بالذات تضم عتاة البعثيين والإرهابيين وفي مقدمتهم حليفكم – الهاشمي – الهارب إلى تركيا وإنكم تدافعون عنه بلا حياء وترون في قضيته مبدأ من المباديء التي لا يمكن التراجع عنه ، هذا وغيره الكثير يعرفه العراقيون جيدا ... لكن وكما تعلم جيدا بأن العراقيين مسلوبي الإرادة ومغلوب على أمرهم ... وإلا ما كنتم قد تبوأتم مواقع المسؤولية ، فأنتم أول من احتضن البعثيين وقربهم إليه ، - وأرجو أن لا يفهم من كلامنا هذا على أنه دفاع عن المالكي وحكومته – فالجميع مرائون وليس لهم من صلة بمصالح الشعب والوطن - ثم جاء تصريح المطلك – قبل فترة – بدعوته للكتل في البرلمان بتأجيل خلافاتهم لحين التصويت على قانون العفو العام قبل عطلة العيد - لماذا تأجيل الخلافات لحين التصويت فقط - ويرى السيد المطلك في تصريح آخر له بأن قانون العفو العام هو استحقاق وطني وليس هبة من أحد – بحسب زعمه – ومع أن البرلمان قد فشل في التصويت على هذا القانون وتأجلت الجلسة إلى ما بعد العيد وانتهى العيد - لكننا نتساءل : من أين وكيف جاء هذا الاستحقاق الوطني !! وفرض نفسه على الاستحقاقات الوطنية الحقيقية والفعلية الأساسية التي تخدم مصالح الناس وهي كثيرة ، في المقدمة منها التعجيل والإسراع بعقد المؤتمر الوطني ليكون الأساس في حل كل المشكلات والمعضلات التي تواجه البلاد ، فقانون العفو العام هو ليس استحقاق وطني إطلاقا ... إلا في العقول السايفة ... والشارع العراقي يرى في هذا القانون بمثابة المكافئة للمجرمين من القتلة والإرهابيين والمزورين والمختلسين ، وهذا ما طرحناه في مقالة سابقة ، ولم يقف إلى جانب هذا القانون إلا المطلك وقائمته والمليشيات المسلحة التي ارتكبت أبشع الجرائم – بالقتل على الهوية – 2006 – 2007 - ، ولا ننكر بطبيعة الحال وجود أعداد من الأبرياء بين هؤلاء الذباحين القتلة ، لكن هذا الأمر مرهون بالقضاء وللقضاء وحده كلمة الفصل بالنظر في قضايا هؤلاء الأبرياء بإطلاق سراح من تثبت براءته ، إذن فهو استحقاق مصلحي لإرضاء بعضكم البعض وليس استحقاقا وطنيا البتة ، ولا يخدم إلا الإرهابيين وتهديد للأمن والسلم الاجتماعي وسلامة الوطن و مواطنيه ، ونرى أن كل هذه التصريحات والمهاترات وفي هذا الوقت بالذات إن هي إلا محاولات خبيثة لعرقلة مساعي رئيس الجمهورية وبالتالي التهرب من انعقاد المؤتمر الوطني ، وهي خدمة لكل أعداء العراق وشعبه .
أما المالكي وحكومته العتيدة فهي أساس هذا السوفان ومتأصل فيها حتى النخاع ،فهو أيضا يتخبط ويتشبث ويتفرد بقراراته ، فبالأمس كان حليفه – الشابندر في سوريا والتقى هناك بأقطاب البعث ومنهم محمد يونس ، واليوم كما نشرت الصحف عن حارث الضاري قوله بأن المالكي أرسل له ثلاثة رسائل – إحداها بخط يده – بحسب قول الضاري - يطلب منه فيها مشاركته في الحكومة كممثل عن السنة ، على أن السنة - المشاركين الآن في الحكومة ضعفاء ... لكن الضاري قد رفض المشاركة في الحكومة ، ترى هل أن الإرهابي الذي سبق أن صدرت مذكرة بالقبض عليه – 2006 – هو الأقوى من هؤلاء ... و الضاري كما يعرفه العراقيون ليس من الشخصيات السياسية ولا هو رجل دين كما لا يمثل السنة ، والمعروف وكما نشرت الصحف – قبل أشهر – بأن الإرهابي الظواهري قد بعث برسالة إلى الضاري يعرض فيه موقعا مهما في تنظيم القاعدة – بعد مقتل ابن لادن – لكن الضاري اشترط على الظواهري بأن يكون بديلا لأسامة ابن لادن ... فهنيئا للمالكي بهذه الخطوة الجبارة بالقضاء على الطائفية – بحسب ادعاءه قبل فترة من أنه قضى على الطائفية – فهل هذه الخطوة هي قضاء على الطائفية أم تكريس لها ؟ وبمن بحارث الضاري الشخصية المنبوذة أصلا ... هذا الإرهابي القوي – بنظر المالكي – يجد فيه ممثلا للسنة ... عله يعجل بدفع البلاد إلى الهاوية ،وهذا ما يهدف إليه كل أعداء العراق وشعبه بما فيهم الرؤوس الكبيرة داخل حلبة المصارعة السياسية التي تدفع بهذا الاتجاه لخدمة مصالحها الأنانية الضيقة ومصالح الداعمين والممولين لها إقليميا وأجنبيا
فسلاما على وطني الحبيب وسلاما على شعبه المبتلى ... بهذا السوفان المتأصل والذي لا تنفع معه استبدال أو تجديد البراغي لبعض الخلايا المخية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ