الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استنتاجات غزاوية

محمد سيد رصاص

2012 / 12 / 15
القضية الفلسطينية


هذه ثالث مرة ،في ست سنوات،تفشل فيها اسرائيل بالحرب،وهو مايعد هزيمة بالنسبة لجيش نظامي لمايعجز عن تحقيق أهدافه المعلنة من الحرب التي يشنها على منظمة مسلحة تسيطر على أرض محددة.هذا سجل اسرائيلي جديد يعاكس ماجرى في حروب 1948و1956و1967و1973و1982لمااستطاعت الدولة العبرية تحقيق أهدافها المعلنة عبر الأعمال العسكرية أومنع الآخر من تحقيق وانجاز ماأراده من الأعمال القتالية،كماأن تل أبيب في بعض تلك الحروب،مثل حرب 1956بالنسبة للندن وباريس وبالنسبة لواشنطن في حربي1967و1982،قد كانت أساسية في تحقيق الاستراتيجيات الغربية الأوروبية أوالأميركية من المنطقة،كماأن دور تل أبيب كان لاغنى عنه بالنسبة لواشنطن في منع نشوء واقع نووي جديد من خلال الضربة التي شنتها الطائرات الاسرائيلية على مفاعل تموز العراقي في حزيرانيونيو1981.
يؤشر هذا الذي جرى في حرب الأيام الثمانية،14-21تشرين الثانينوفمبر2012،إضافة لماجرى في حرب2006بلبنان وتلك التي حصلت بغزة أيضاًخلال عشرين يوماً من شهري كانون أولديسمبر2008وكانون ثانييناير2009،إلى علامات متكررة على فشل ذلك المخفر اليهودي الذي زرعته لندن في المنطقة بين عامي1917و1948ثم تولته واشنطن بالرعاية الحصرية منذ عام1964،وعلى تناقص أهميته عند الغرب،وهو مايعزز اتجاهات ،سابقة لتلك التجارب الثلاث، عند واشنطن للإعتماد على قلع الشوك الاقليمي بيديها كماجرى في حرب1991أوفي غزو2003لبلاد الرافدين من دون اشراك ذلك المخفر بذلك،هذا إذا لم يكن الأمر أبعد من ذلك،وهذا كان من المؤشرات الأولى على تناقص أهمية اسرائيل،لمامنعت واشنطن تل أبيب في حرب1991من الرد على الصواريخ العراقية مماأصاب في الصميم هيبة مفهوم الردع الاسرايلي،وليس قليل الأهمية،في هذا المجال، عمليات الكبح الأميركية المتواصلة،في عامي2011و2012،لاسرائيل من توجيه ضربة لمنشآت البرنامج النووي الايراني ،وذلك ناتج عند واشنطن عن ضعف الثقة في قدرة ذلك المخفر على تكرار ماجرى في قاهرة1967وفي بغداد1981ضد طهران وعلى اتجاه أميركي يرى في العقوبات الاقتصادية ضد طهران ،وفي توجيه ضربة اقليمية لطهران عبر تغيرات سورية داخلية تكسر ذلك الجسر الحيوي لرباعي طهران- بغداد- دمشق- الضاحية الجنوبية لبيروت،بدائل أنجع من عمل عسكري غير مأمون النتائج ضد الايرانيين.
ساهم في تلك النتيجة الاسرائيلية ،من حرب الأيام الغزاوية الثمانية،تغيرات مصرية جعلت القاهرة مابعد11فبراير2011غير تلك التي كانتها في التجربة الغزاوية الأولى لماكان الرئيس مبارك في قصر عابدين:في هذا الصدد أظهرت مصر الجديدة،وعلى الأرجح كان أحد الأهداف الاسرائيلية غير المعلنة من العملية العسكرية على غزة هو اختبار مصر مرسي،أن(الديموقراطية)هي أكثر فائدة ل(فلسطين)و(العروبة)ول(المقاومة)و(الممانعة)،وبالتأكيد لولانجاح الرئيس مرسي في ذلك الإختبار واجتيازه بنجاح حتى الوصول إلى فرض مصر (وهذا لم تستطع واشنطن إلاأن تحني الرأس أمام أشرعته،وربما السماح ،الآن ومن ثم ،الركوب الأميركي عليه) لعملية بدء استعادة دورها الاقليمي في آسية العربية بعد استقالة بدأت مع اتفاقيات كامب دافيد في أيلولسبتمبر1978،ماكان للرئيس المصري أن يعزز من سلطته الداخلية في وجه خصومه عبر(اعلان دستوري جديد)صدر بعد أربع وعشرين ساعة من اتفاق التهدئة في غزة برعاية مصرية وكانت فيه واشنطن في موقع الشاهد والشريك الضمني.
في هذا الصدد،أظهرت متغيرات الربيع العربي،والذي ترجح تجربة غزة الأخيرة أنه يجب نزع المزدوجات عنه وأنه ليس خريفاً،أن اسرائيل قد أصبحت أكثر ضعفاً في البنية الجغرا- سياسية الجديدة للمنطقة والتي ساهمت المتغيرات الداخلية العربية بعامي2011و2012في رسم الكثير من التضاريس الجديدة لتلك البنية . كماأظهرت تلك المتغيرات،التي أدت إلى انتقال (حماس)من موقع اقليمي إلى آخر،أن موقع المقاومة ليس حكراً حصرياً أومربوطاً في العضوية بنادي (ايران- حزب الله)،بل يمكن الإستمرار فيه وبنجاح أكبر،مع الضعف المتزايد لمحور طهران الاقليمي (بحكم المتغيرات العربية الداخلية الجديدة التي دفعت ضريبتها طهران سلباً كماتل أبيب) لوجرى ابحار أشرعة المقاومة لاسرائيل على رياح الموجة الديمقراطية العربية،لاالعكس كمايتصور البعض هنا أوهناك من الذين يظنون أن تقديم التنازلات للغربيين في الملفات التي تتعلق بدور وموقع البلد الاقليمي - الدولي وتحالفاته (كما يحصل منذ عام2011في بعض أوساط المعارضة السورية)هو الطريق السالك إلى تغيرات داخلية مرتقبة.
هنا،كانت هذه المتغيرات الجغرا- سياسية الجديدة في البنية الاقليمية للمنطقة هي التي ساهمت في منع وكبح الغرب الأميركي- الأوروبي لنتانياهو من المضي بعيداً حتى النهاية في عمليته العسكرية،لأن هذا لوحصل، واستطاع رئيس الوزراء الاسرائيلي تحقيق أهدافه المعلنة من عمليته العسكرية ،كان سيقود إلى تقويض الحكم المصري الجديد وإلى انعاش الروح في قوة طهران الاقليمية من جديد التي كانت ستضع على الطاولة مقولة أن انتقال (حماس)من موقع اقليمي إلى آخر هو سبب فشلها في حرب2012بخلاف ماحصل لماكانت في موقع آخر في حرب2008-2009.
إذا انتقلنا إلى مربع آخر من الإستنتاجات الغزاوية،فإن نتيجة حرب الأيام الثمانية الناجحة،بالنسبة ل(حماس)،ستساهم في قلب المعادلة الفلسطينية الداخلية،التي كانت متميزة منذ شهر شباط1969بهيمنة(فتح)على الحياة السياسية الفلسطينية،وهو شيء لم يستطع أن يحققه الشيخ أحمد ياسين ضد ياسر عرفات ولاخالد مشعل ضد محمود عباس لاقبل الحرب الغزاوية الأولى،عبر الانقلاب الذي قامت به (حماس) ضد (فتح) في 14حزيرانيونيو2007،ولابعدها:منذ وصول(الإخوان المسلمون)للسلطة ،في آب2012مع انقلاب الرئيس مرسي الأبيض ضد العسكر وليس مع جلوسه على كرسي الرئاسة في 30يونيو ،تعززت أوراق (حماس) في اللعبة الفلسطينية الداخلية،ولكن بعدحرب الأيام الثمانية،ودور القاهرة فيها،سيكون العامل المصري مرجحاً لكفة (حماس) على (فتح)،مثلما كان دور الرئيس عبدالناصر في ترجيح كفة(فتح) في الفترة الفاصلة بين حرب1967وتولي عرفات لقيادة المنظمة،وهو دور كان مساره معاكساً قبل الحرب عند الرئيس عبد الناصر لصالح الشقيري ضد (فتح)بين يومي1يناير1965و5يونيو1967.هذا سيقود إلى تعقيد المصالحة الفلسطينية وليس إلى تسهيلها كمايظن بعض الذين يؤمنون بأن الفورات العاطفية،كالتي ظهرت في يومي21-22نوفمبر2012فلسطينياً وعربياً،هي المقررة في السياسة،وليس الوقائع والتوازنات الفعلية على الأرض،وفي هذا الإطار ليس تقارباً مع (فتح) موافقة (حماس) بعد اتفاق التهدئة في 21نوفمبرعلى التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة في29نوفمبر2012بالذكرى الخامسة والستين لقرار التقسيم لنيل عضوية"دولة مراقب"لفلسطين بعد أن كانت قبل 14نوفمبر معارضة لذلك،وهو مايدخل – إضافة لكونه استناد إلى أرضية أصلب بعد حرب الأيام الثمانية يتيح اتخاذ قرارات جديدة جريئة - في استحقاقات انتقال(حماس)من محور اقليمي إلى آخر والذي يتضمن التخلي عن سياستها السابقة في "فلسطين الكاملة"،الأمر الذي يجعلها أكثر انسجاماً مع ظهيرها المصري الإخواني الجديد الذي يمارس بعد الوصول للسلطة انتقالاً مماثلاً في موضوع كان يقوله الشيخ أحمد ياسين وبقية جماعة الاخوان المسلمين بأن "فلسطين وقف اسلامي لايملك أحد الحق في التخلي عن أي جزء من أجزائه".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى