الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهوية العراقية والسياسة ومَن أُحِب

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2012 / 12 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



هنالك أشياء ما ترهبنا في وطن تعرض للحروب والخراب والحصار لسنوات مريرة, وأجد من هذه الأشياء المخيفة هو صوت المفخخات والقنابل , يقشعر بدني وتتسارع دقات قلبي , أخاف منها على نفسي وأحبتي , فهو رمز انتظار الموت المؤجل والإعدام المؤقت , أصبحت أكره هويتي , قد تكون اللعنة التي أصابت بلاد الرافدين , فهي لعنة قاتلة ومميتة , أصبحت الهوية العراقية هي الطائفة المقيتة والانتماءات العمياء للمذهب , فهي تؤلبّ على قتل الإنسان لأخيه الإنسان كي يلغى وجوده لأنهُ من غير دينه أو طائفته, متى يمتلك العراقي قلباً فارغاً مجرداً من خيبات الأمل والندم والغضب والخوف والحقد والحزن والشك بالآخرين .
متى نعود لطفولتنا البريئة لنستعيد الحنين إلى الأماكن التي عشنا فيها , لم يكن البغض الطائفي إلا حرب مدمرة وفخ لقل كل جميل في الحياة , نحنُ الناجين من الحروب والحصار والقتل على الهوية , محاربين قدماء أقوياء , وشهيتنا مفتوحة للحياة والحب والعشق والانجازات والسعادة والمعرفة ,إذا كانت الحروب شأن الرجال لذلك قد يكون فقدان الأحبة شأن النساء , المرأة العراقية تمثل السلام والتصالح والوئام مع ذاتها , كم من النساء فقدنّ الحبيب والأخ والأب والابن .
كل أملي أن أهدئ من روعي , كلما وقعت عيناي على مشاهد المفخخات العنيفة أو الاغتيالات المروّعة , متى أتخلص من سماع سمفونية القتال الكريهة , كم اعتدنا الخوف والموت الذي رافقنا أكثر من ثلاثة عقود , فقد استنزفت الحرب أجمل سنوات الشباب والمراهقة , دمرت بيوتاً وأسراً كاملة , حيث أصبحت مصنعاً لإنتاج الأرامل والثكالى واليتامى , فكان وقت الحرب ثقيلاً بطيئاً , فهو مستنقع وحل تتقاذفهُ مشاعر انعدام الثقة وجروح نتنة دفعناها من أعمارنا وأحلامنا , لذلك أصبحت لا أشعر بانتمائي لهويتي , لكن أرغب وأعشق مدينة طفولتي ( الديوانية ) .
الحرب الطائفية ذات الوجه القبيح والشرير القاسي , من موت وخوف وقلق , أصبحت بيوتنا ملاجئ نركض إليها عند وقوع القتل , مع هذا فمدننا التي تجمعنا وتحمينا , نجتمع مع من نحب ونصادق عبر وسائل الاتصال الحديثة , الشراكة والحب هي هويتنا الآن , لكن هويتي أشعر ببرودة الانتماء إليها وأتمنى الانفصال عنها, فقد كانت سبب نقصان في أحلامي وحياتي, لكن أرضي الحقيقية كانت أماكن عشقها , وأجد فيها نفسي , لكن انتمائي الحقيقي لمن أحب وأعشق , هذا تصوري الشخصي وانتمائي .
في مدن أصبحت فيها نسائنا ضائعة الهوية , مسجونة في دوامة عمليات الالتحاف بالسواد حتى الوجه لا أرى إلا ثقوباً في عمود , متى تحاول نسائنا استرداد بعض جمالهنّ وألقهن وفتنتهنّ وانوثتهنّ, أما نبضات القلب في بلاد النهرين أصبحت زائفة وكاذبة , و الهوية لا أشعر بعاطفة لها , لكن لقلبي نوع من العطف والعشق لإحدى نساء مدينتي , أعشقها حتى الجنون , أصبحت منقذي من وحشتي وضياعي , كانت سبب لسعادتي وأملي في حياتي القادمة , لا أعرف قد يكون حُلم من أحلامي , متى يتحقق لا أدري , أشعر بعاطفة قوية اتجاه تلك المرأة الرائعة ذات الوجه الطفولي الليلي , يعجبني وضوحها وبرائتها وتوهجها في العتمة وضحكتها واستسلامها وشهوتها ونزوتها , فهي مفرطة في التزيين والعطر , لا ترتدي المساحيق لجمالها , ولا تضع شعراً مستعاراً ,تلك هي فرح اسم على مسمى , امرأة من الدرجة الأولى ,فهي في الليل تصبح امرأة عاشقة شبقة , وتصير أكثر صدقاً وشفافية واقتراباً من جوهرها ومعناها .
حبها لي دفعني استيعابها واستكشافها والكتابة عنها , لكن لعل أكثر ما أقلقني هو السؤال كيف أكتب عن امرأة سالتحق بها وهي تشبه تلك النساء التي أولدتها قصص ألف ليلة وليلة, لكنها امرأة عصرية مثالية قوية .
لذلك علينا أن نتوجه لحبيبتنا ونتخلص من الفوضى وأهل السياسة وخصامهم على السلطة والسلطات على كافة أنواعها ومختلف مساربها , هذه السلطات لا زالت الآمرة الناهية في شؤون الناس , كي أضمن حياتي مع امرأة مختلفة وناضجة , لأتخلص من واقعي المرير وأبتعد عن هويتي اللعينة , لا يمكن أن أسمح لنفسي بانتقاد العالم العربي من دون أن انتقد بأشد قساوة هويتي وإلقاء اللوم على الحرب الطائفية والوضع السياسي وملامتهم ومسؤوليتهم لواقع البلاد التعس.
يحدثني البعض عن الانتماء للهوية ؟ جوابي :لا أنا لا أودّ الانتماء إلى هذا البلد الذي يكرهني ويرفضني , أي من البلاد رفضت أبنائها مثل العراق؟ لذلك أسعى كي لا أقطن فيه بقية عمري , يجب أن أكون قاسياً مع أمري كي أغدو طيباً لكل من حولي ,كل ذلك جُبلَ فينا إرادة يمكن أن تحرك جبالاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العملية السياسية اللاوطنية
طلال الربيعي ( 2012 / 12 / 16 - 19:57 )
عزيزي نبيل,انها لوحة اكثر من مأساوية يرسمها قلمك الرائع.
تذكر بحق:
-يحدثني البعض عن الانتماء للهوية ؟ جوابي :لا أنا لا أودّ الانتماء إلى هذا البلد الذي يكرهني ويرفضني , أي من البلاد رفضت أبنائها مثل العراق؟-
واعتقد انك تلخص يكلمات وجيزة وبليغة, وان كانت مليئة بالمرارة والحزن المفهومين تماما, موضوعة الهوية الوطنية والانتماء للوطن او ما يعنيه الوطن اساسا. فهل الوطن هو البقعة الجغرافية التي يلد فيها الانسان صدفة؟ ام ان مفهوم الموطن يعني اكثر من ذلك بكثير؟ فالوطن هو كل يمنحنا الشعور بالامان والقدرة على الابتهاج والتمتع بالحياة الى اقصي مدى, او القدرة على ممارسة حقوقي وتطوير نفسي بالشكل الذي يناسبني بدون قمع او اكراه من اية جهة. فهل العراق قادر على اشباع حاجات سكانه كبشر او كمواطنين؟ انه ليس من المبالغة بمكان القول ان العراق, بمواصفاته الحالية,لا يشكل وطنا لاغلب سكانه, وان مسار العملية الساسية الحالية هو, كما تظهر الحقائق غلى
الارض, معاد تماما لاي مشروع يهدف الى بناء دولة المواطن.
يتبع


2 - العملية السياسية اللاوطنية
طلال الربيعي ( 2012 / 12 / 16 - 19:58 )
والذنب يتحمله, اضافة طبعا الى النظام المقبور, كل من شارك وايد وعمل ضمن العملية السياسية الحالية, ومها كانت التبريرات; العملية السياسية اللاوطنية شكلا ومضمونا.
ان المشاركين في العملية السياسية اللاوطنية, ومهما قالوا او زعموا, هم اعداء الوطن ومدمرين للهوية الوطنية, وبالرغم من اية ادعاءات ايدولوجية بالشيوعية او اليسارية او الدينية او القومية او خلافها.
مع وافر تحياتي


3 - اخي نبيل الربيعي
محمد الرديني ( 2012 / 12 / 17 - 02:42 )
لعلي اشارك اخي طلال الربيعي في حمل علامة استفهامك على ظهري زادور بها في شوارع الحلة والديوانية وذي قار والبصرة
أي من البلاد رفضت أبنائها مثل العراق؟ لذلك أسعى كي لا أقطن فيه بقية عمري
لست جاحدا ازاء هذا الوطن الذي علمني كيف احب وانا لم اتجاوز العشرة من عمري ولكني جاحد لهؤلاء القوم الذين استسلموا لمخدر رجال الدين الذين سرقوهم باسم الدين ولبسوا الخواتم لاجل ان يقولوا نحن معكم في زيادة كروش جيوبنا
كنت الى قبل ايام اقنع نفسي بالتفؤل في ان نصبح مثل بقية البشر الذين تركوا الحروب مراء ظهورهم ولكن اني -غركان- بالتفاؤل ولا اعرف السباحة فيه.
امس وبمناسبة اعياد رأس السنة سمعت الاطفال في احدى الكنائس يغنون للانسان وكيف يحب اخيه الانسان
وياليتك تسمعهم حين انشدوا: الشمعات تنير لنا الدرب ولم يعد الليل المظلم في حياتنت وسيكون غدنا اجمل من يومنا
تحياتي

اخر الافلام

.. انتخابات تونس.. فوز محسوم لقيس سعيد؟ | المسائية


.. هل من رؤية أميركية لتفادي حرب شاملة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الهلال والأهلي.. صراع بين ترسيخ الاستقرار والبحث عنه


.. فائق الشيخ علي يوجه نصيحة إلى إيران وأخرى إلى العرب




.. مشاهد لاعتراضات صواريخ في سماء الجليل الأعلى