الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاهد غير متقطعة لطفولة غيضانية

محمود عبد الغفار غيضان

2012 / 12 / 17
الادب والفن


مشاهد غير متقطعة لطفولة غيضانية

المشهد الأول: ولد وخمس بنات

كنتُ الولد الوحيد بين خمس بنات، ترتيبي الثالث بينهن. مما منحني تدليلاً خاصًّا عند أبي، دون أي جور يُذكر على أخواتي. هذا الوضع لم يمنحني قط ميزة عند أمي، بل على العكس. لم آفهم آنذاك لكنني فهمت متأخرًا وسأبوح لكم بما فهمته بالطبع. قالت لي أمي إنني تأخرتُ في المشي، وكانت عيني تؤلمني، فنذرت نذرًا للحسين، وذهبت بي بصحبة أبي وأختي الكبرى إلى أحد أصدقاء أبي "حسن أبو سريرة". لا أتذكر شيئًا من هذا بالطبع.

لكني أتذكر كيف كان أبي يحرص على شراء ملابس مميزة لي من بورسيعد، وراديو تزانزيستور على أحدث طراز، بينما يكون اللبان والشوكولاتة والمشبك من نصيب أخواتي البنات. كنتُ أشاركهن تلك الحلوى وأعاندهن في استعارة الراديو أحيانًا لسماع برنامج خاص ربما لم أكن لأفهمه بحكم سني. أذكر جيدًا ألوان تلك الراديوهات وماركاتها وكأني أراها الآن. كان أبي يشتري لي كذلك "كرة" كل مرة يسافر فيها، وقد كانت "الكرات" عادة قليلة أو نادرة الوجود بين أقراني. يقنعني أولاد عمي الكبار بلعب كرة القدم معهم في أقرب "جرن" ( هامش تفسيري: أرض فضاء)، ولصغر سني وجسمي كنت ألعب "زيادة" في أحد الفريقين. أجري بينهم محاولاً لمس الكرة، أناديهم كي يمرروها لي. أتيقن من أنني بالفعل "زيادة"، تأبى كرامتي أن أستمر على هذا النحو. أرابط عند أقرب نقطة من الجرن باتجاه الشارع حتى تصلني الكرة. ألتقطها بيدي وأجري بسرعة عائدًا إلى البيت. نجوت في بعض المرات وبلغتُ المنزل سالمًا مع كُرتي الحبيبة، وفي مرات أخرى يدركني أحدهم، فأعود إلى البيت وحدي، حريصًا على ألا تجف دموعي حتى يزيد غضب أبي منهم. كانت خطتي تنجح، لكن طريقة أبي في نصحهم- ونصحي بعدم اللعب مع من هم أكبر مني- لم تغير من الأمر شيئًا على الإطلاق. استمر هذا الكر والفر إلى أنْ بلغوا مرحلة من العمر جعلتهم يتوقفون عن لكمي إن أغضبتهم بخطف كرتي. وحين زاد جسمي قليلاً، وتحسنت مهاراتي ولم يعد وجودي "زيادة" انتهت تلك الحكاية إلى غير رجعة. ثم عرفت قريتنا "مركز الشباب" الذي منحنا "كرة" حكومية جديدة، كانت رغم رداءتها ملكًا للجميع.


محمود عبد الغفار غيضان
17 ديسمبر 2012م
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل