الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبيب وغزالة

نصارعبدالله

2012 / 12 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


شبيب بن يزيد هو مؤسس الفرقة الشبيبية وهى تلك الفرقة الإسلامية التى اشتهرت دون باقى فرق الخوارج ودون باقى الفرق الإسلامية الأخرى، اشتهرت بأنها قد أجازت للمرأة أن تكون إماما، وبعبارة أخرى فإن هذه الفرقة قد أجازت للمرأة حق الولاية العظمى أو رئاسة الدولة إذا ما استخدمنا المصطلح المعاصر، أما غزالة التى اشتهرت بلقب "الحرورية" ( نسبة إلى حرور: مكان ولادتها )، فهى زوجته ورفيقته فى القتال ضد جيوش الدولة الأموية التى خرج عليها وقاتلها قتالا شديدا حيث كانت غزالة تقود كتيبة من النساء الشبيبيات المسلحات بالحراب والسيوف اللائى أبلين فى القتال بلاء حسنا وكان لهن فضل كبير فى تمكين الشبيبين من دحر جيش الحجاج بن يوسف الثقفى واقتحام الكوفة، وهو ما دفع بالشاعر عمران بن حطان يومها إلى معايرة الحجاج واتهامه بأنه قد هرب من مواجهة غزالة وذلك فى أبياته الشهيرة التى يقول فيها " أسد علىّ وفى الحروب نعامة/ هلا برزت إلى غزالة فى الوغى؟ ، ...وبعد الإقتحام أكدت غزالة حق المرأة فى الإمامة عندما صعدت إلى منبر المسجد وخطبت فى الناس !!، وقد كان من الطبيعى بعد ذلك أن أن يبايعها أتباع شبيب بالإمامة بعد موته وأن يجعلوها حاكما عليهم !..... ذلك جزء من التراث الإسلامى يبدو فى بعض جوانبه سابقا لعصره وربما للكثير من العصور التى جاءت من بعده أيضا والتى لم يقدر لأية فرقة إسلامية فيها أن تجيز إمامة المرأة ( رئاسة الدولة )، بل لم يقدر للكثير منها أن يجيز للمرأة ما هو دون الإمامة من أشكال الولاية العامة مثلما فعلت الفرقة الشبيبية التى أجازت لها كل أشكال الولاية مستندة فيما ذهبت إليه إلى أدلة شرعية منها قوله تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المنكر) ، دون تفرقة فى ذلك بين رجل وامرأة!! ...غير أن هذا الجانب المضىء فى فكر الشبيبية تحجبه وتغطى عليه جوانب أخرى لا نحسبها مضيئة على الإطلاق وهى جوانب تتسم بها أفكار الخوارج بوجه عام وليس أفكار الشبيبية وحدهم ، وأول هذه الجوانب هى النزعة التكفيرية حيث قال الخوارج بتكفير مخالفيهم فى الرأى والموقف، بل إنهم قالوا أيضا بتكفير كل مرتكب لأية كبيرة من الكبائر، وصحيح أن جانبا منهم قد أرجئوا الحكم على مرتكب الكبيرة وما إذا كان مؤمنا أم كافرا، أرجئوا الحكم عليه إلى يوم القيامة ، فكانوا بذلك أساسا لما عرف فيما بعد بالمرجئة، صحيح أن جانبا منهم قد قال بذلك لكن النزعة التكفيرية تظل مع ذلك سمة بارزة لدي أغلبهم ،.. ومن الجوانب غير المضيئة كذلك نزوعهم إلى العنف ومحاولتهم حسم الخلافات العقيدية بالقوة المسلحة، غير أن الإنصاف يقتضى منا أن نقول بأن هذا الجانب غير المضىء لدى الشبيبية ولدى الخوارج بوجه عام لا ينطبق عليهم وحدهم ، ولكنه فى الواقع قد امتد لكى يشمل كل الفرق الإسلامية تقريبا ، خاصة عندما يمتزج الخلاف العقيدى بالخلاف السياسى أو عندما تصبح العقيدة غطاء لمآرب أخرى تتصل بمحاولة تحقيق النفوذ أو المكانة لحساب فئة معينة على حساب الآخرين ، ومع هذا فإن هذه الجوانب السلبية فى فكر الشبيبية ومواقفهم وسلوكهم، لا ينبغى أن تطمس ما قدموه من اجتهادات مضيئة فى مقدمتها تأكيدهم على المساواة فى حق الولاية دون نظر إلى الجنس أو الأصل أو المكانة الإجتماعية ، وهم فى هذا الجانب على الأقل كانوا متقدمين جدا على ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة الذين انعقد إجماعهم على أن الولاية العظمى للمرأة غير جائزة ، وإن اختلفوا بعد ذلك فيما يجوز لها من أنواع الولاية . ثم يبقى بعد ذلك أن نقول إن ما أوردناه عن شبيب وغزالة والفرقة الشبيبية هو محاولة من جانبنا لتوضيح أن الطيف السياسى فى التراث الإسلامى يتسع فى بعض ثناياه وفى بعض جوانبه للكثير من الرؤى الديموقراطية المعاصرة ، وأنه أوسع بكثير مما ذهب إليه صانعو الدستور المصرى الجديد المطروح للإستفتاء والذى نجد أن المادة 33 من مواده قد اكتفى فيها بالنص على أن المواطنين سواء، وحذفت منها عبارة : " لا يجوز التمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو الدين "،( وهى العبارة التى كانت موجودة فى المسودة النهائية، كما أنها موجودة فى سائر الدساتير المصرية السابقة )، وفى نفس الوقت فقد نصت المادة 219على أن مبادىء الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومبادئها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة" وهى المذاهب التى انعقد إجماعها كما رأينا على التمييز لا على المساواة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟