الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القانون فوق الجميع..القانون للجميع

جمال الهنداوي

2012 / 12 / 17
دراسات وابحاث قانونية


ابتداءً, يجب الاقرار بالمسؤولية الجماعية للدولة والشعب في احترام القانون،وتساوي جميع الاطراف في عملية ادامة التدافع المنضبط ضمن السياقات التي تتيح للمنظومة المجتمعية النمو والتقدم والازدهار, ولكن تساوي الخضوع للقانون لا يمنع تراتبية المسؤولية حسب الموقع الذي يحتله الفرد ضمن الجهة التنفيذية, فالمسؤولية بالضرورة تكون اكبر على من أوكلت له مهمة تنفيذه، وتتضاعف على من يتحصل على سلطة الرقابة على التنفيذ، وهي ثقيلة ايضا على السلطة القضائية التي تتصدى لمهمة ردع المخالفين والتأكد من تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عنها. فلا يمكن ان نتوقع من المبالغة في تأخير إصدار الاحكام وتعطيل تنفيذها الا ان تكون سببا من اسباب الارتباك الذي تعيشه اي منظومة لا تحترم قوانينها..
القانون فوق الجميع ويطبق على الكل على حد سواء ودون تمييز, هذا ما تناقلته الادبيات منذ كتبت واشبعت قولا ونقلا حتى غدت لازمة تتساقط من ثنايا اية مقاربة للوضع القانوني والرقابي في البلد..ولكن هذه القناعة تصطدم احيانا-بل قد يكون غالبا-بان القانون لا يطبق على الجميع بنفس الدرجة والشدة رغم الاتفاق على التأثيرات الماحقة لكسر هيبة القانون على المجتمع لكونها تقويضا مدمرا للأسس التي يقوم عليها البنيان السليم للدولة ومتطلبات الحكم الرشيد..
والاخطر هو في ان يكون العبث في تطبيق القانون اوتجاوزه او التعامل مع نصوصه بانتقائية ومزاجية مؤطرا ومحميا بمبررات سياسية او فئوية او ان يكون الانفلات القانوني هو نتيجة تصرفات وممارسات من يفترض ان تكون مهمة تطبيق القانون من صميم واجباته,ومكمن الخطورة هي في تحصل هذه الفئات على سلطات وصلاحيات واسعة لوضع القانون موضع التنفيذ مما يزيد من الاضرار الناجمة عن الانحراف عن التنفيذ السليم..
وهذه الدوائر قد لا تقتصر-كما يريد له ان يبدو-على رجل الامن او الشرطي الذي قد يخفق في استخدامه لتقنيات التواصل مع المواطن او الذي يقيده التراث الطويل السلبي من العلاقة المقلقة ما بين الفرد والجهات الامنية,ولكنها قد تتمدد الى سلطات أخرى منحها الدستور سلطة وضع ومراقبة تطبيق القوانين كالسلطة التشريعية،او الجهات التي تتصدى للمهمة المقدسة في حماية حقوق ومصالح الفرد والمجتمع والتي توكل لها مهمة التحقق من نفاذ وتطبيق القوانين على الجميع وسلامة التنفيذ،كالسلطة القضائية,فهذه المؤسسات وغيرها تستدعي التناسق والتكامل في تنفيذ المساحات الموكلة اليها في الدستور لضمان سلامة وديمومة الحراك الاجتماعي السليم,واي خلل او عبث او تجاوز في الصلاحيات او فشل في الممارسة فسيكون المثابة التي تنطلق منها-او تتكئ عليها- كل الممارسات التي تؤسس لثقافة الخراب التي تختلس الخير والنور والنماء من الوطن والانسان .
ان تشريع القوانين دون متابعة تنفيذها يحيلها الى نوع من العبث المكلف وقتا وجهدا او مجرد ترويج اعلامي للجهة المشرعة اكثر من كونه ناتجا عن حاجة مجتمعية تستهدف تنظيم العلاقة بين افراد ومؤسسات المجتمع,وافتقاد السلطة التشريعية للجهد الرقابي اللازم لتنظيم حسن سير وتنفيذ القوانين قد يكون المنزلق الذي تلج فيه المجتمعات نحو الفوضى والانفلات.
كما إن الجهات التي تتولى اصدار القوانين تسيء للمجتمع كثيرا وتتحمل الوزر الاكبر لانشغالها بالنزاعات السياسية على حساب التشريع والرقابة. فدولة القانون لاتقوم الا باستقلالية السلطات وفصلها وتعاونها. وإذا ما انغمس جل اعضاء هذه السلطة بالانشغالات السياسية الضيقة وفقدوا الحيادية والحرية اللازمة لممارسة سلطاتهم، فإن تفعيل القانون وتنظيم العلاقة بين أفراد المجتمع ومؤسساته سيكون اقرب الى الخيال منه الى الممارسة الواقعية الفاعلة,وسيكون الحلم بدولة المواطنة والقانون يتمثل كسراب بقيعة في افق الحراك المجتمعي ..ولن يكون الا مرثية على اطلال الوطن,والانسان,وتاريخنا بالذات,يحفل بالكثير من العبر لكن ما اكثر العبر واقل الاعتبار..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال


.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي




.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل