الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللعب خارج المؤسسات

ساطع راجي

2012 / 12 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تصر الاطراف السياسية العراقية منذ عدة سنوات على تصفية حساباتها وممارسة خلافاتها والتوصل لاتفاقاتها خارج الاطر المؤسسية للدولة وذلك عبر اتفاقات شخصية وجلسات فردية تنتهي بمواثيق عرفية لايدري أحد درجة إلزامها ولا ما يترتب على مخالفتها ولا الجهة الحاكمة في تنفيذها ولذلك تبقى الازمات شغالة ورغم ما يبديه كل طرف من مشاعر الصدمة تجاه تنصل الطرف الآخر من الاتفاقات، إلا إنه سرعان ما يعود لنفس آليات مواجهة المشاكل، وهكذا صار لدينا أزمات لاتحل واتفاقات لاتنفذ بل يتم الانقلاب عليها قبل جفاف حبرها.
الاطراف السياسية في بلادنا تشبه فرقا كروية تصر على اللعب واقامة المنافسات في كل مكان باستثناء الملعب الواضح بالخطوط المعروفة والذي يعتبر قانونيا المكان الوحيد الذي تحتسب نتائجه، احيانا تصر هذه الاطراف على اللعب في مكان قريب جدا من الساحة الرسمية كما يفعل مثلا نواب يدلون بتصريحات في المركز الاعلامي للبرلمان لكنهم لايهتمون بمضمون هذه التصريحات في الجلسات الرسمية للبرلمان او لجانه، ويمكن للاعبين أو السياسيين استعراض مهاراتهم الشخصية خارج الساحة الرسمية (الملعب) لكنهم لن يتمكنوا من إحراز أهداف، هم يشبهون الرياضيين الاستعراضيين الذين يروحون عن الجماهير في الفاصل بين الشوطين بملاعبة الكرة والقيام بحركات جسدية لافتة، لكن يبقى كل ذلك بلا نتيجة حقيقية.
الاماكن غير الرسمية والحوارات والتصريحات الشخصية والمواجهات خارج المؤسسات قد تصلح للقيام بهجمات ومناورات وتضييع الوقت وابراز مهارات بلاغية بائسة لبضعة ساسة لكنها بالتأكيد ليست أماكن لانتاج الحلول أو التوصل الى اتفاقات أو مراقبة تنفيذها، واي فريق أو طرف سياسي يرتضي عقد الاتفاقات خارج الاطر المؤسسية وخارج محددات الدستور والقوانين عليه أن لا يشكو من عدم إلتزام الطرف الآخر بها لأن هذا الذي يشكو هو من قرر خوض جميع المباريات خارج الملعب واذا ظن إنه ذكي الى درجة حرمان الفريق الاخر من تسجيل اي أهداف فهو أيضا لن يتمكن من تسجيل الاهداف ولن يحصل على حكم بأي درجة من العدالة كانت، فإذا كان لاعبو الكرة والسياسة قادرون على الخروج من الملعب لخوض مواجهتهم فهم لن يكونوا قادرين على نقل أي مرمى خارج الملعب ولن يكون هناك بالتالي حكم قادر على القيام بوظيفته بين لاعبين يخوضون مبارياتهم فوق المدرجات او في إستوديوهات الفضائيات، ولن يكون هناك حكم مهما كان فاسدا يقبل بادارة مباراة تم الاتفاق على نتيجتها مسبقا حتى لو كانت تلك النتيجة صفر/صفر.
تخسر المجتمعات كثيرا لتشييد الدولة وما يتفرع عنها من مؤسسات لتسوية الخلافات سلميا، ورغم إن الخسائر التي قدمها العراقيون لاقامة مؤسسات الدولة باهضة جدا الا ان هذه المؤسسات مازالت غير قادرة على القيام بدورها لتسيد النزعة الشخصية في ادارة البلاد وهو ما يؤدي الى انحدار متواصل في مستوى الصراعات والخلافات السياسية ولأن القوى الحاكمة خرقت حتى بديهيات كرة القدم علينا أن لانستغرب خرقها لبديهيات لعبة الدعبل قريبا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. وتوقف دخول


.. بعد قتله جنديين.. حزب الله يستهدف مجدداً ضباطاً إسرائيليين ب




.. هل سيطرة إسرائيل على معبر رفح مقدمة للسيطرة على المدينة بكام


.. شقاق متزايد في علاقة الحليفين.. غضب إسرائيلي من -الفخ الأمير




.. ترامب يتهم بايدن بتزوير المحاكمة لأهداف سياسية