الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الكافر في الصراع اللبناني؟

سامر سليمان

2005 / 3 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في حرب الفتنة يكون القاتل والمقتول كلاهما من الشهداء. هذا ما قالته الجماعات الإسلامية التي قتلت السادات بعد أن قامت بمراجعاتها الفقهية في السجن. لأن الكل بريء من الصراع. المسئول هو من أطلق الفتنة. وهذا المسئول بالطبع لا يوجد في داخل بلادنا الطاهرة. إنه الخارج الذي يمطرنا بوابل من الفتن حتى لا نتقدم. فهل الصراع الدائر في لبنان الآن هو صراع فتنة، الكل فيه بريء والجاني هو المؤامرة الخارجية بمعاونة بعض العملاء؟
ليس هناك ملائكة في الصراع الدائر الآن في لبنان. موضوع الصراع ليس التحقيق في مقتل الحريري، وليس الموقف من إسرائيل. يبدو إنه صراع فئات اجتماعية-طائفية. كاتب هذه السطور مصري لا يعرف الكثير عن لبنان. ولكن هناك مشاهدات لا تخطئها عين، ولم أر لها صدى في تغطيات القنوات الفضائية. المعارضة تحتوى على كثير من الموارنة، من السنة من الدروز وجانب من اليسار. والموالاة تحتوى على كثير من الشيعة بتلويناتها الإسلامية والقومية. المعارضة تحتوي على كثير من الرأسماليين، والموالاة تحتوى على الكثير من الفقراء ومن البيروقراطيين. فمن المعروف أن الشيعة في لبنان من الفقراء. فهل نحن أمام صراع اجتماعي متخفي في ثياب طائفية؟ أم أننا أمام صراع طائفي متقاطع مع تقسيمات طبقية؟ هذا السؤال يجيب عليه من يعرف الواقع اللبناني أكثر.
المهم أننا أمام حالة غريبة. هناك سلطة لبنانية لا يختلف اثنان على فسادها وعلى استبدادها. هذا السلطة مدعومة من نظام لا يختلف اثنان على دمويته وديكتاتوريته. لماذا إذن يقف فقراء الشيعة بقيادة حزب الله وحركة أمل لحماية هذا النظام؟ هل ينتظرون بديل أسوأ في حالة سقوط النظام؟ هل يكون حكم الليبرالية البورجوازية أقسى على الفقراء من حكم البيروقراطية الأمنية الاستبدادية؟ لماذا يدافع الفقراء عن الأمر الواقع؟ ألا يريدون التغيير؟ نعم يريدون التغيير ولكن ليس كل التغيير، ليس التغيير للأسوأ. هل يدافع حزب الله عن النظام القائم لأنه يتوقع الأسوأ بالنسبة للطائفة التي يقوم عليها، أم أنه يدافع عن كينونته كحزب؟
الشيعة في لبنان هم أفقر طوائف الشعب، يمكن أن يطلق عليهم ببعض التجاوز أنهم من البروليتاريا. وهم عملوا كبلوريتاريا في ميليشيات كثيرة، منها الوطني ومنها العميل، منها حزب الله ومنها جيش انطوان لحد. هل نتذكر أن جنود هذا الأخير كانوا من الشيعة. عندما تريد إسرائيل أن تهذب الشعب اللبناني فإنها تجند فقراء الشيعة. وعندما تريد سوريا وإيران أن يقلقا مضاجع إسرائيل فإنهما يدعمان حزب الله الذي يجند من نفس الطائفة. وحزب الله ليس فقط ميليشيات. إنه مؤسسة مالية واقتصادية عملاقة. بهذا المعنى الشيعة هم الفئة الأكثر اعتمادا على الخارج في المعاش. وبهذا المعني يصبح حزب الله وسيط بين بعض القوى الخارجية، سوريا وإيران من جانب، وبين فقراء لبنان الشيعة من جانب أخر. يا إلهي. هل لهذا الحد من الجفاف ومن البرود يصل التحليل الطبقي؟ إلى حد أن ينزع من حزب الله كل الممارسات البطولية والكفاحية التي خاضها ضد إسرائيل. حاشا لله. هناك جانب عقيدي في المسألة يفسر تضحية الشباب الشيعي بنفسه بكل هذا العطاء. لا نملك إلا أن ننحني لشهداء حزب الله الذين سقطوا في معركة تحرير الجنوب.
ولكن أما آن لفقراء الشيعة أن يرتاحوا من القتال وهم حققوا تحرير الجنوب؟ لماذا سيكون عليهم أن يواصلوا الكفاح من أجل تحرير فلسطين؟ هل على البروليتاريا الشيعية أن تظل في خدمة الجيوش إلى ما شاء الله؟ لماذا يصر حزب الله على مواصلة النضال بعد أن تحررت الأراضي اللبنانية؟ هل مصالح الحزب تعلو على مصالح الطائفة والطبقة. هل الحزب الذي بني على منطق الصراع مع إسرائيل لا يمكنه مواصلة العطاء في مجال تمثيل المصالح الاجتماعية والمعنوية لفقراء الشيعة؟ هل الإيديولوجية الجامدة تعمي أنظار حزب الله عن مصالح الشيعة طويلة الأجل؟ الشيعة في لبنان هم حوالي نصف السكان. أليس من مصلحتهم تفكيك الطائفية. ولكن السؤال هو كيف يناضل الشيعة ضد الطائفية وهم تحت قيادة حزب طائفي؟
ماذا عن الموقف الصحيح لليسار؟ هل يقف مع فقراء الشيعة الذين يقودهم حزب أصولي طائفي يريد تثبيت عجلة التاريخ؟ أم يقف مع عجلة التاريخ ويدافع عن مكاسب سياسية مثل تفكيك النظام الأمني اللبناني وفتح الطريق أمام التطور السياسي هذا بالإضافة إلى مصالح اقتصادية مثل حماية أجور العمال اللبنانيين من الانهيار الذي لحق بها من جراء تواطؤ النظام للسماح للعمالة السورية غير المنظمة بالعمل في لبنان؟ المسألة حقاً معقدة.
قد نختلف كثيراً في الرأي، ولكن دعونا نتساءل: هل فعلاً جوهر الصراع الذي يدور الآن في لبنان يتمثل في قضية العلاقة مع إسرائيل؟ هل من مصلحة فقراء الشيعة أن يظل طرح المشكلة في هذا الإطار؟ القضية تتلخص في أن هناك جماعة من الفقراء في لبنان عانوا طويلاً، ويستحقوا أن يحصلوا على حقوقهم في ثروة لبنان وسلطته. هذه هي القضية. ولكن حزب الله لا يستطيع صياغة المسألة بهذا الشكل. هو ليس مؤهل لذلك. وبهذا المعنى أميل إلى اعتبار موقفه في تأييد السلطة اللبنانية والسورية موقف رجعي. وبهذا المعنى أيضاً أميل إلى تأييد اليسار الديمقراطي اللبناني الذي يقف في صفوف المعارضة لأنها حتى ولو احتوت على وجوه قبيحة فإنها تفتح الطريق فيما بعد للبنان أقل طائفية وأقل استبداداً وأقل فقراً. فهل أخطأت. فليفتينا الزملاء اللبنانيين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا