الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصيدة التي لا تنتهي

مهند بنّانه

2012 / 12 / 18
الادب والفن



"لا وجود لحق من غير تعبير عن هذا الحق" البير كامي
السنة الماضية سافرت إلى مراكش ومنها إلى قرية إمليل في جبال أطلس، اتذكر جيداً عندما دخلنا تلك الطرق الجبلية الملتوية دخولي عالم تلتحم فيه الأسطورة بالأشياء المسحورة، شعرت وكأني اصعد جبل الألهة أو ملكوت السموات حيث تنزاح عن قلبي كل هموم العالم المادية والزمنية التافهة، كانت الحياة تسير ببطيء وبكل كرامة، كنت احمل كتاباً وكتبت على مقدمته بعض الكلمات "عندما تجسدت تمازيغت على الصخور النافرة والأنهار التي وكأنها جفّت الأن! والوديان التي تشيح بنظرها عنّي، صفعتني صفعات مخزية كأن هذه القرى المهمشة وأطلالها المهشّمة تعاتبني على كل ماحدث!! كأن كل قرية هي قريتي الأم، هي المكان الذي ولدت فيه وكبرت فيه ومُت فيه!" اتذكر بأني قلت "اشعر بأني نبي وهذه الجبال تخبيء كلماتي" عندما انتهت الرحلة كنت كمن اخذ نفس عميقة من الهواء وخرج بها إلى الفضاء، عبر ذاك الشهيق العميق كتبت القصائد والمقالات، ولكن عندما انتهى اختفت الألوان وكأنها قطيع من النمل ينسحب إلى المجهول، بعد ذلك توقف كل شيء، وها أنا عدت إلى نفس الجبال، كان الفاصل الزمني لا يساوي شيء بقدر قيمة إنتظاري في محطة القطار لرحلتي المُقبلة، كنت سعيداً بأن الجبال مازالت هناك، وتلك القرى التي تعض كبدها هناك! و اؤلئك البسطاء مازالوا هناك بكل خرفاتهم وأمازيغيتهم العفوية. في عزلة عن قذارة المدينة والتي يحلمون بالهجرة لها! يحلمون بترك الفقر للعيش في الفراغ. من حصد يوماً الفراغ؟ متى قدّم لنا الفراغ رجال أو نساء؟؟ الم تكن القرية دائماً مهد الأبطال والنساء المناضلات، متى كانت المدينة إلا مكب للنفاية، وهذا ماجعلها عاصمة للعروبة المخادعة والفرنسة المنافقة والإسلام السياسي الإستغلالي والماركسية الحقيرة!
قد تكون هذه الكلمات خارج حدود القصيدة، خارج حدود كل الفنون، ولا يتعدى أن يكون خاطرة مليئة بـِ المغالطات والتصورات المملة، ولكن القصيدة التي لا تنتهي لم تبدأ بعد حتى يشار إلى قبحها أو جمالها، لأن من يسمعونها قلّة وعند سماعهم لها لن يتمكنوا من مشاركتها مع أحد منكم، الذين يجدون في الزوال رموز لا تفنى، وتسكنهم الذاكرة التي ترفض أن يمزقها العالم الممزق، ليس المحزن أن يقف الإنسان على الأطلال، بل أن يصبح هو الأطلال، ولا يقف عنده العالم! إننا "نطالب بالكينونة التامة بأسم الجزء الذي يأبى الموت" علمتني الأمازيغية بأن فن التمرد قدر الإنسان الحر، حيث الظلم والعذاب يشكّلان الثوابت الأبدية، وفي نفس الوقت يقدّمان الغذاء لروح التمرد الأبدية ايضاً! علمتني بأن القصيدة لا تنتهي حتى مع آخر إنسان على وجه تامازغا،فـ "نحن بين الأطلال نعد النهضة ولكن لا تعرف ذلك إلاّ القلّة" إنها الفرح الذي نرفض بعد اليوم تأجيله، إن شعراء هذه القصيدة المشتركة يتوبون إلى أنفسهم، إلى الزواية القذرة، التي حاول المصوتون (أي-سيد-فونيون) الإبتعاد عنها وإدّعاء عدم وجودها فقط ليناموا خارجاً، حيث تنهشهم الكلاب ويمتص الباعوض دمائهم، ويتغوط عليهم الذباب.. إن الذين يبيعون أرضهم عندما يجدونها تحتاج إلى الحرث لا يستحقون إلاّ البصق والطرد، إن الذين ينكرون أبنائهم لأنهم بلا أخلاقهم، ويتبنّون ضراري الجيران! ليسوا إلا مجانين يستحقون كل شفقة ولحظة صمت مريبة. إننا نحّات لا نهتم بالشضايا الساقطه، مهمتنا تخليد الإنسان على الحجر على الورق على الجبين. سأصارح كل المهرجين الذين اصبحوا مؤرخين! و"كما الريح أريد أن أعصف بهم ذات يوم، وبعقلي أقطع أنفاس عقولهم" إن التمسّك بـِ الدين العربي سواء كان الإسلام أو العروبة أو الإشتراكية القومية هو بحث طفولي عن النسيان أو إشباع كيان خارج الكينونة، وهو بيع للقصيدة التي لا تنتهي، فهل تريد أن تصبح جزء منها؟ ام تأبى إلا وأن تتمسك ببحثك الطفولي عن النسيان ..

مهند بن نانا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس


.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه




.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة


.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى




.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية