الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دموع التماسيح الإسلامية على الدماء الجزائرية .

صالح حمّاية

2012 / 12 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


تشهد الجزائر حاليا و مع قرب زيارة الرئيس الفرنسي " فرنسوا هولا ند" لها جدلا واسع حول هذه الزيارة ، حيث تصاعدت النقاشات بين المثقفين و التيارات السياسية حول المسائل العالقة بين البلدين ، سواء الملفات الاقتصادية كالاستثمار وغيره ، أو ملفات الذاكرة كتجريم الاستعمار و مطلب الاعتذار الفرنسي عن الجرائم الاستعمارية ، و مع أن هذا الجدل قد يبدو للمتابع أكبر من حجم هذه الزيارة ، إلا أنه يبقى عموما جدلا مفهوما ومبررا حيث من حق كل جزائري أن يطالب برد الاعتبار المعنوي أو حتى المادي له و لوطنه مما تعرض له من تجاوزات ، لكن غير المفهوم وغير المبرر في هذه النقاشات التي تدور حاليا هو ما نراه من تصدر إرهابيين سابقين أجرموا في حق الشعب الجزائري منبر المدافعين عن الدماء الجزائرية ، بحيث باتوا وكما يحاولون الإظهار أنهم أحرص القوم على ضحايا الجزائر حتى أكثر من الضحايا أنفسهم .

كتساؤل بديهي عن هذه المهزلة التي تحصل الآن في الجزائر و التي يدعي فيها كل من هب ودب حرصه و تجرده للدفاع عن الدماء الجزائرية ، بأي منطق يمنح إسلاميون الجزائر أنفسهم حق الدفاع عن دماء الضحايا ؟ ثم بأي جسارة أخلاقية يحاول هؤلاء إدانة السلطات الاستعمارية في جرمها ضد الجزائرين اذا كانوا هم قد أجرموا في حق هؤلاء الضحايا كإجرام فرنسا و أكثر؟ .

لا أدري حقا لكن إذا كان الإسلاميون يتوقعون إدانة فرنسا بكونها قتلت مواطنين جزائريين فهم في الواقع قد قتلوا و ذبحوا و فجروا أبشع مما فعلت ، و إذا كانوا يتوقعون إدانتها بدعاوى الجنود الفرنسيين الذين اغتصبوا جزائريات أو أساءوا لهن ، فهم اغتصبوا واختطفوا و سبّوا أكثر مما فعل الجنود الفرنسيون و أكثر، و إذا كانوا ينوون إدانتها بدواعي أنها خربت و دمرت وحرقت ، فهم أيضا دمروا وخربوا وحرقوا وفعلوا ما فعلوا بالجزائريين ، و عليه لا مكان لأي إدانة من طرف الإرهابيين في الجزائر للجرائم التي ارتكبتها فرنسا ، فهي إذا كانت فعلت أمرا فهم قد فعلوا ما هو أبشع ، هذا مع فارق طبعا أن فرنسا وحين فعلت ما فعلت قد كانت على الأقل تمثل الغريب بالنسبة للشعب الجزائري ، لكن بالنسبة للإسلاميين فهم كانوا يمثلون الأخ و الشقيق و الجار لكنهم مع هذا قاموا بتلك الأعمال الوحشية .

الأمر الأخر ، أن فرنسا ومع كل السلبيات التي يمكن تعدادها عنها ، فإنها مع هذا قد كان لها بعض الايجابيات على واقع الجزائر و جزائريون كثر لا يخجلون بالإقرار بهذا ، في المقابل فكل ما أنجزه الإسلاميون في الجزائر أنهم خربوا ودمروا و امرضوا كل ما طالته أيديهم ، بل إن الباقي القليل من الايجابيات التي استفادت منها الجزائر من الحقبة الاستعمارية قد سعوا للعصف به بحيث كاد ينتهي الحال بالجزائر إلى دولة من الركام لولا رحمة الظروف الذي أنهت تلك المأساة ما قبل الوصول لتك المرحلة .

لقد كان الأحرى بالإسلاميين لو كان فيهم ذرة ضمير أن يتواروا خجلا من أفعالهم هذه ، لا أن يدعوا الدفاع على الإنسانية من فرنسا الاستعمارية ففرنسا على جرائمها تبقى أشرف و أنبل مما فعل الإسلاميون في حق الجزائريين، وهنا و للإسلاميين الذين قد لا يتقبلون اعتبار جرائمهم أسوء من جرائم الفرنسيين ، فالأحرى أن ينتبهوا أن تموضعهم في خانة واحدة مع الغزاة وسافكي الدماء كاف وحده لمعرفة ماهيتهم ، وعليه لا معنى للحديث عن حجم إجرامهم إذا كانوا في النهاية لا يختلفون عن أي غازي لا مسعى له سوى النهب و السلب و التسلط على رقاب البشر .... وهو ما على كل إنسان أن يعاملهم على أساسه .

لكن مع هذا ، و مع تجاهل كل ما فعلوا و في محاولة لتفهم هذا التعاطف المهلل و الخالي من أي ضمير الذي يبدونه حاليا ، فنحن لا نستطيع القول أن ما يفعلونه قد يكون صحوة ضمير لمجرم تائب أو حتى تصرفا نبيلا من مجرم لمن قد يضن هذا ، فبالنظر إلى طبيعة هذا الدموع التي تذرفها التماسيح الإسلامية وما يحيط بها لا يمكن القول إلا أنها تلون أخر و ألاعيب من الألاعيب التي أعتاد الإسلاميون ممارستها في حربهم القدرة في سبيل مصالحهم ، فالقصد وكما يبدو جليا من التباكي على الضحايا الجزائريين لا علاقة له بمعاناة الجزائريين في الحقبة الاستعمارية ولا بآلامهم حينها ، بل القصد هو تجارة أخرى مفضوحة بمعاناة البسطاء ، و محاولة رخيصة لتوجيه ضربات سياسية تحت الحزام للنظام الحاكم ، فالإسلاميين كما يظهر يحاولون توظيف هذا الملف لتوجيه ضربات معنوية لضرب صورة النظام الجزائري عن طريق توظيف التاريخ بعدما فشلوا بإسقاطه عن طريق رفع السلاح ، وعليه لا يسعنا القول في ظل هذا الفحش الرهيب و الفاقع من طرف هؤلاء في توظيف كل ما هو نبيل ورمزي لدى الناس لخدمة مصالحهم أن نقول : أنكم لا تزيدون أنفسهم إلا انفضاحا .

إن هذا التصرف المشين الذي يضاف إلى باقي التصرفات الوحشية و الهمجية من قبل الإسلاميين ، لا يزيد الناس إلا يقينا أن الإسلامي كائن ميئوس منه ، فهو و مهما ما بكى أو توسل أو أدعى النبل و التحضر ، فهو يبقى كائنا بشعا وصوليا لا يتوانى عن فعل أي شيء في سبيل تحقيق مشروعه ، وما كل ما يبديه من تصرفات بدت إيجابية أم سلبية سوى سكون أفعى تنظر الدفء لتلدغ ، لهذا فمن الأفضل لكل مجتمع المبادرة بقتل الأفعى قبل أن تبادر هي بقتله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |