الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان الحقيقي جاي

أحمد عدلي أحمد

2005 / 3 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


هناك العديد من المحللين السياسين في العالم العربي يجدر أن يطلق عليهم بائعوا الشؤم ، فقد اعتادوا ألا يروا في أي مشهد سياسي سوى عشر الكوب الفارغ ، وهم عادة ما يرسمون للمستقبل صورا إرميائية مرعبة {نسبة لنبي النبوءات الكارثية إرميا} ، ولقد أطلق هؤلاء العنان لخيالاتهم المهووسة بالفزع وهم يتابعون السجال السياسي الذي يدور حاليا في لبنان ليرسموا تصورات عن صراع مسلح جديد في لبنان ، ويصكوا عبارات جوفاء عن مخاطر تفجير لبنان من الداخل، ورغم أن منهم من ألهب صوته سابقا بالحديث عن إرادة الجماهير ، إلا أنه فزع من زحفهم يراه دليل خطر محدق ، ومستقبل رهيب ، ثم تراه يتحدث عن المخطط الإمريكي الإسرائيلي للتغيير في المنطقة ، واضعا دعوات المعارضة اللبنانية ضمن هذا المخطط متجاهلا جحافل الحشود المعارضة التي جاوزت الآلاف وعدت بالملايين، فالشعب قد يسقط ضحية الغزو الفكري الذي يغيبه عن الحقائق الأيدلوجية المقدسة التي لا تزال تسيطر على عقول الغالبية العظمى من المثقفين العرب {حتى أولئك الليبرالين منهم لا تخلوا أفكارهم من لمحات أيدلوجية هنا أو هناك} ، والحق أن الشعب اللبناني اليوم أكثر اتحادا من أي وقت مضى ، فمن كان يعتقد أن فرقاء الجبل من موارنة ودروز سوف يتحالفون يوما ما ، ومن كان يعتقد أن السنة سيخرجون يوما في مظاهرة جنبا لجنب مع هؤلاء وهؤلاء وأن يصبح الثلاثة ضمن خندق واحد اسمه خندق المعارضة ومن كان يعتقد أن حزب الله و أمل سيكونان في خندق واحد آخر هو خندق الموالاة ، وقد تركا صراع الزعامة على القرار الشيعي جانبا وهو الصراع الذي وصل لحد تكسير العظام في الثمانينيات وأوائل التسعينيات، ورغم الصراع الهائل بين من في الخندقين ، والذي لا يخلو من تجاوزات و مشاغبات فإن الحرص على عدم قطع شعرة معاوية بين الفريقين لهو الغالب ، ولقد راينا مبعوثين من اللقاء الديموقراطي يلتقون بقيادات من حزب الله قبل يوم الوفاء لسوريا بساعات ، كما رأينا مبعوث بكركي يقابل مسئولا بحزب الله بينما مظاهرة يوم الولاء للبنان على أشدها ، والأهم أن العلم اللبناني بات هو الشعار الغالب على تظاهرات الطرفين وبات تأكيد الالتزام بالطائف محور خطابهما بشكل يعني أنه حتى المؤيدين لبقاء القوات السورية في لبنان {وهي لن تبقى حتى لو جثى السيد حسن نصر الله على ركبتيه أمام بشار الأسد طالبا بقاءها ربما لأن بشار الاسد لا يروق له أن يطيل لحيته مثل صدام في طلته الجديدة } لم يعودوا يعتبرون وجودها خطوة أولى لدمج أبناء "الشعب الواحد" في دولة واحدة وباتوا يرون لبنان وطنا نهائيا ، إن ما حدث ويحدث في لبنان هو واحد من الأحداث التاريخية التي يتحرك فيها الشعب ليعيد رسم حاضره ومستقبله ، وعبر التاريخ الحديث للمنطقة لم يحدث تحرك سياسي جذري بمثل هذا الحجم سوى في ثلاث مناسبات قبل ذلك ؛ الأولى ثورة1919 بمصر، والثانية ثورة التحرير الجزائرية ، والثالثة ثورة إيران الإسلامية ، وبصرف النظر عن أي جدال حول الأنظمة السياسية المختلفة التي أنتجتها هذه التحركات الشعبية التاريخية ، فلا شك أن ثلاثتها {مثل انتفاضة الاستقلال اللبنانية الحالية} كانت نتاجا لتفاعلات داخلية سياسية واجتماعية ، ولكن نجاحها ارتبط بلا شك بأوضاع إقليمية وعالمية ساعدت في أن تحقق هذه الثورات ما حققته من أثر في الواقع والتاريخ ، وهو ما حدث في هذه المرة أيضا ، فلولا أن النظام السوري كان في فوهة الاستهداف الأمريكي لاعتبارات ليس هذا مجالها لتحركت الآلية العسكرية السورية الضاربة في لبنان لتقمع كل من يحدث نفسه بالخروج لرقض الوجود السوري ولدارت عجلة الاغتيالات حتى نهايتها ، ولظل النظام السياسي والاجتماعي اللبناني متسترا على عوامل الفتنة بداخله تواصل تغللها السرطاني تحت غلالة التعايش والسلم الأهلي الكاذب حتى ياتي وقت لا تنفع فيه المسكنات وينفجر وقتها بالفعل لبنان من الداخل دون أن يشعر بذلك أي من متنبئينا الأفذاذ الغارقين في الايدلوجيا الذين يتباكون اليوم في فزع زائف على مصير لبنان ، وإليهم أقول اطمئنوا فهناك بشارة رحبانية يبدو أنها أصدق من كل تحليلاتكم تقول : "قلتلهم بلدنا عم يخلق جديد" وبشارة رحبانية أخرى تقول: "لبنان الحقيقي جاي".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح بين


.. بوتين: كيف ستكون ولايته الخامسة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد -بتعميق- الهجوم على رفح


.. أمال الفلسطينيين بوقف إطلاق النار تبخرت بأقل من ساعة.. فما ه




.. بوتين يوجه باستخدام النووي قرب أوكرانيا .. والكرملين يوضح ال