الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا للعدالة.. لا للدولة!!

محمد عبعوب

2012 / 12 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


نعم "لا.. لا للعدالة" اذا تحولت من شعار فضفاض رنان نردده للتغني، الى واقع يطال رموز نتموقع خلفها ومارسنا في ظلها مخالفات وأخطأ قد تضعنا خلف القضبان.. هذا هي فحوى الرسالة التي ارسلها ولا زال يرسلونها المعتصمون الذي يقطعون الطرق ويسدون الشوارع وازقة المدن والقرى الليبية احتجاجا على مثول المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق أمام العدالة وطلبه للتحقيق في جريمة اغتيال اللواء عبدالفتاح يونس..

"الطريق مغلق يمكنكم مواصلة المشوار كعابي*" ، هذا ما اخبرنا به سائق حافلة الركاب "الأفيكو" وسيلة المواصلات الوحيدة المتبقية لليبيين الفقراء من امثالي بعد تدمير شركة النقل العام وبيع حافلاتها في مزاد للخردة، نزلنا ونحن نتساءل عن سبب قفل الطريق، فمازالت أمامنا مسافة يصعب على بعضنا قطعها راجلا، ولكن ما باليد حيلة، السيارات متوقفة، ومجموعة من الشباب الملتحين يقطعون الطريق في الاتجاهين بحواجز من بقايا خشب ومواسير حديدة وقطع خرسانة ، السائقون يقبعون خلف مقاود سياراتهم وقلوبهم تفيض غيضا إزاء هذا الواقع المرير غير المبرر، ومن المؤكد أن فيهم من يتساءل بينه وبين نفسه "ماذا فعلنا بانفسنا حتى وصلنا الى هذا الواقع المر؟".

واصلت رحلتي كبقية الركاب راجلا، وكان قبالتي مقهى لصديق قصدته للاستفسار عن سبب قطع الطريق، اوضح لي وابتسامته تفيض بالمرارة "انهم يحتجون على التحقيق مع المستشار عبدالجليل" واصلنا الحوار لثوان بصمت صاخب وتبادل النظرات التي تحمل عشرات التساؤلات، ودعته ولسان حالي يقول "لاحول ولا قوة إلا بالله" وواصلت رحلتي "الكعابي" وعشرات الاسئلة تعصف بدماغي.. ويضج بها صدري.. وما إن دلفت الى البيت حتى قصدت الى جهاز الحاسوب المحمول لأفرغ ما يعتمل في قلبي من غضب وغيض وحسرة على ما آلت اليه اوضاعنا بعد كل هذه التضحيات التي بددناها في مدة لا تتجاوز أشهر الثورة السبع غير عابئين بدما وارواح شهدائنا..

وتطايرت الحروف بين اصابعي يجرفها سيل الغضب لتسطر لكم هذه السطور، والتساؤلات.. ماذا دهاكم ايها الثوار؟ ماذا تصنعون بمكسب اسمه "العدالة فوق الجميع" الذي قدمنا من أجله أرواحا ودما غاليين؟ هل المستشار عبد الجليل استاذ القانون والقاضي النزيه دعاكم لطعن العدالة في عرسها؟ هل هناك بعد 17 فبراير شخص يمكن ان يكون فوق القانون؟ هل تدركون أنكم بتصرفاتكم هذه تسددون للعدالة ضربة موجعة ؟ هل تدركون أنكم باحتجاجكم على مثول المستشار عبدالجليل أمام العدالة تغالطون أنفسكم وتبددون حقا ومكسبا غاليا لا يمكنكم الاستغناء عليه إذا كنتم حقا تصبون لإقامة دولة القانون والعدل والمساواة!!

السيد المستشار لم يعترض على طلب للعدالة، وسارع للمثول امام النيابة وأجاب على كل الأسئلة التي طرحت عليه، واكد لوسائل الاعلام التي اتصلت به انه مواطن عادي خاضع للعدالة وانه تحت القانون .. ولم يحتج او يعترض او يتقاعس في المثول امام العدالة.. لماذا وهو المستشار الذي قاد سفينة الثورة أمام أعتى العواصف ووصل بها الى شاطئ الأمان؟ لأنه يدرك قيمة تجسيد العدل في بناء الدولة.. واراد بذلك ان يُثَبِّت سابقة في مسار العدل الليبي بعد الثورة لا تترك أي مجال لأي مارق يوسوس له شيطانه بخرق العدالة تحت اي ذريعة وبأي امتياز..

المستشار صاحب الفضل على كل الليبيين الذي قارع أعتى دكتاتور في تاريخ ليبيا الحديث، وسلم السلطة بكل طواعية وعن طيب خاطر في موعدها لمن انتخبه الشعب لقيادة السفينة في حدث هو الاول في تاريخ ليبيا.. هذا الرجل بكل ما تحمله الكلمة من معاني يقف أمام العدالة!!! يا له من عرس للعدالة ، وما أجمله من مشهد في تاريخ ليبيا الجديدة التي حتى وقت قريب كان فيها ابن سائق مدير مكتب أحد أعوان القذافي يقتل ويعربد و لا تطاله يد العدالة، ويتبارى المحسوبون على القضاء في وضع الخطط لإخراجه من ورطته.. واليوم نشاهد بأم اعيننا ونسمع باذاننا صاحب ارفع منصب في ليبيا يقف أمام العدالة ويُسأل في قضية مهمة وخطيرة تعمل أطراف من بقايا خريجي مدرسة النظام السابق على طمس معالمها خدمة لأجندة يجري تنفيذها للسيطرة على مقاليد الحكم وإعادتنا الى ظلام الدكتاتورية المقيتة وإن بغلاف جديد..

مشهد نراه ربيعا للعدالة يثلج الصدور المتعطشة للعدالة والنزاهة، يبعث الامل والطمأنينة في النفوس المتشوقة للعدالة التي طعنت ولوثت طويلا على يد قضاة فاسدين باعوا ضمائرهم للشيطان، واليوم نرى الشرفاء من قضاتنا ورجال العدل وعلى راسهم السيد المستشار يقيمونها ويعضدونها .. لكن هذا المشهد يقع كالقذى في اعين هؤلاء المحتجين الذين، وكما يعتقد كثيرون ممن حاورتهم حول المشهد بأنهم يحتجون خوفا من أن تطالهم يد العدالة التي إذا ما طبقت على رمز بحجم المستشار عبدالجليل، فأنها حتما ستطالهم وتحاسبهم على كل التجاوزات التي يكونوا ارتكبوها خاصة أن نسبة مهمة منهم ذمتهم وايديهم غير نظيفة!!

ايها السادة، يا ابناء ليبيا الشرفاء ما أحوج العدالة ورمزها المستشار مصطفى عبد الجليل اليوم الى تآزركم ووقوفكم الى جانبهم ، بالخروج والتظاهر السلمي المنظم في كل المدن والشوارع والاحياء تأييدا لتطبيق العدالة بدون اي استثناء والثناء على موقف السيد المستشار الذي قدم لنا اروع مثال على تطبيق العدالة واحترام القانون بمثوله أمام النيابة العسكرية رغم عدم اختصاصها بالتحقيق مع مدنيين، و رفضا لقاطعي الطرق الذين يريدون بقطعهم للطرق والاعتصام تعطيل العدالة وخرقها وضمان مخارج لهم إذا ما طُلِبُوا للوقوف أمام العدالة في قضايا قد يكون لهم دورا فيها.. إن العدالة اليوم أمام مفترق طرق خطير، والسيد المستشار وضع بين ايدينا اقوى وأهم ورقة إذا ما احسنَّا استخدامها فستكون أكبر سند لنا في إقامة العدالة وإمضاء القوانين على الجميع بدون اي استثناء او التفاف، وهو المطلب الضروري لإقامة دولة القانون والعدالة للجميع..

* كعَّابي مصطلح شعبي للتنقل سيرا على الارجل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي يحذر من خطورة عمليات إسرائيل في رفح| #مراسلو_سكاي


.. حزب الله يسقط أكبر وأغلى مسيرة إسرائيلية جنوبي لبنان




.. أمير الكويت يعيّن وليا للعهد


.. وزير الدفاع التركي: لن نسحب قواتنا من شمال سوريا إلا بعد ضما




.. كيف ستتعامل حماس مع المقترح الذي أعلن عنه بايدن في خطابه؟