الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع الأفكار وصراع النوايا في الإتحاد الإشتراكي

حميد المصباحي

2012 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


كانت تلك أول تجربة تعيشها الأحزاب الديمقراطية المغربية,فأن يحضر المتنافسون على الكتابة كزعامة لحزب القوات الشعبية,فهذه إضافة يشكرون عليها,فبدل سرية النقاشات,وكواليس الحسم السري في القيادة,فضل الإتحاد الإشتراكي للثوات الشعبية,الكشف عن مخزونه في القدرة على ابتكار الجديد والقبول,تجاوزا للإنغلاق وشبه السرية التي عاشها المناضلون القدامى في سلوكاتهم,لكن هل من إضافة فكرية حملتها هذه التجربة,أم أنها كشفت قصورا سياسيا وفكريا لدى المتبارين,القدامى منهم والجدد؟وهل حقا يعرف هذا الحزب العريق والإشتراكي تراجعا فكريا,أم قيادته فضلت عدم إغراق المناظرات بالأفكار والنظريات لأن الفاعلين والمتتبعين لم تعد لهم الرغبة في متابعة ما هو فكري نظري؟؟؟
1صراع الأفكار
المشاهد للقنوات الفرنسية,يلاحظ أن رجالات السياسية يفرضون بمواجهتمه لبعضهم إيقاعا عاليا على المتتبع الفرنسي وحتى الأجنبي,فلا يرضى الفرنسي بأن يبدو سياسيوه سذجا,يقدمون ما تفهمه العامة,بحيث تعوم الأسماك أو تغرق في الماء الدافئ,وهي حجة رائعة,فالمناظرات ليست موجهة لفئات لا تعتبر السياسة إلا تجارة أو مناسبة لتجييش الأتباع وتحويلهم إلى مناصرين يكررون الشعارات بدون أي وعي بأبعادها الفكرية والسياسية والإيديولوجية,بحيث أن هذه الصورة لا يمكن القبول بها,وإلا تحولت الساحة السياسية إلى معترك موبوء وموشوم بما يعرفه المجتمع من انحطاطات وانكسارات و وصولية اتخذت أسلوبا للرقي الإجتماعي وكسب أصوات المنفعيين,وهو ما يمكن أن يمس نبل الممارسة السياسية التي تحتاج لأن يعاد الإعتبار لها,وبذلك تستعيد الأحزاب السياسية المغربية عافيتها وفعاليتها,هنا نفهم لماذا يحافظ الفرنسيون على مستوى التفكير السياسي,ولا يخلطون بين ضرورة التواصل والتبسيط الساذج للغايات السياسية والثقافية التي يمثلها الحزب,خصوصا إن كان اشتراكيا,وريث ثقافة عريقة لا يمكن التفريط فيها وإلا تحول إلى تجمع مصلحي كما هي عادة أحزاب اليمين أو بعضها ,تلك التي لا تعنيها من الثقافة إلا ربح الأصوات والأموال المترتبة عن التحكم في الإستحقاقات.
2صراع النوايا
عندما تخلو المناظرات من البعد الفكري والإيديولوجي في السياسة كما في الفكر,يكون ذلك مؤشرا على تهرب قصدي من عمق التفكير,إما بحكم العجز,أو الخوف من سوء التواصل مع قاعدة لم تعد مؤهلة لاستيعاب الكثير من القضايا لأنها لم تراكم حولها لا فكريا ولا إيديولوجيا ولا حتى سياسيا,وبذلك كانت تلك المناقشات بين القادة المحتملين مجرد تمرين على تسطيح الخطابات أو حتى تنزيل خطاب جديد,يستهوي الفكر اليومي,غير المؤهل لبذل مجهودات نظرية,هو نفسه صار يتهرب منها,ولا يعتبرها مقياسا لاختيار الزعماء والقادة,فالكفاءة في نظره,ليست مشروطة بالعمق النظري والمعرفي,بل هي القدرة على المراوغة والتحايلات السياسية,على الخصوم والأعداء,ويبدو أن هذا الصنف من الساسة هو المطلوب في اللحظة الراهنة,بما هي لحظات انحطاط للفكر والسلوكات وتخلي عن قيم الجدية والعقلانية والثقافة التي تسمو على غرائز الإنتصارات الساحقة بالحيل والتلاعبات والتجييشات القبلية والمصلحية,الناتجة عن البدونة التي مست حتى الأحزاب السياسية وحولتها إلى تجمعات تستحضر القبلي والإنتقامي والعائلي,كأسلوب لاستبدال الفكري والإيديولوجي العام كوعي يحتكم إليه في التنافس والصراعات السياسية,مع الحلفاء وحتى الخصوم السياسيين.
خلاصات
لاتمس هذه الملاحظات بالتجربة الديمقراطية لفرز قيادة حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ,من الناحية التقنية,فقد كانت سليمة,تقنيا,لكنها ثقافيا تطرح العديد من الأسئلة,ليس على الإتحاد وحده,بل على كل القوى الديمقراطية والحداثية,فعليها إعادة النظر في ضرورة حضور الثقافي واعتباره مقياسا للفرز مهما كان وضع الثقافة وحضورها المأزوم في المجتمع المغربي,وإلا فإن بنيات الأحزاب ستغرق في وحل البدونة السياسية للقوى الساعية لتمدين المجتمع وتطويره فكريا وثقافيا.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ