الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحُسَيْني أبو ضَيْف

خليل فاضل

2012 / 12 / 21
الادب والفن


قصيدة
الحُسَيْني أبو ضَيْف
(.... صحفي ومصور مصري استشهد برصاص الغدر قي 10 ديسمبر 2012 بمحيط قصر الرئاسة المصرية)


الحُسَيْني أبو ضَيْف
رحلةَ الشِتاءِ والصيْف
ناموا على جوع
وذُبحوا دون خوْف
.....
جلْجَل صوتُ الحُسَيْني هاتفًا
من كلِّ صوْب
يأتيكم كلِّ حين
يأتيكم أبو ضَيْف
يقرعُ طبلة الأذن،
نسِيجُ الرئتين، القلْب
قَفَصُ الصدْر
وأحشاءُ البطْنِ والجوْف
....
الحُسَيْني أبو ضَيْف
يتنزهُ في حديقتِنا
ينامُ مع وردتِنا
كل خريفٍ وربيعٍ وصيْف
...
يأتيكُم من أمامِكم
يُميتكم أحياءَ بخزْيكُم
بعارِكُم
ينزلُ على رقابِكم كالسَيْف
تتوضأون بدمِه
فيأبى أن تمضوا
دون عارْ..
يمسحكم من على الرصيف
إلى مكانكم في التاريخِ، فوقَ الرّف
....
يتجمَّدُ في عيونكِم الزجاجيّة
يتورّمُ في صدوركِم
كَكُرةِ الثلجْ
كالمرَضِ كالبؤسِ كالذُل
...
وللثوارِ.. عزٌ ومجْد
نظارةٌ تبْرُقُ بألوانِ طيْف
وشاحٌ مُرَّقَطْ ..
أصْبعانِ علامة النصْر
وصدرُ ليْث ..
سُمرةُ الصعيد الأبيّ
وهجُ الثأرْ
تراتيل الربّْ، صدْحُ البلابلِ
دعاءُ الفجْر
...
رؤوسٌ وعظامْ
أولادٌ وفتية، رجالٌ ونِساء
يواصلون الزحْف
.....
والسيد يخشى إصابة سائِقه
في الكتِف أو الكَفّ
يَخشَى خدْشَ سيّارتِه
وهي تَصْطَف
إلى جوارِ الجدارِ عندَ القَصْر
يُزَيّنُهُ الجرافيتي
تعلوهُ أرواحُ الشهداءِ
...
السيدُ يصرخُ : كيْف؟
فينْتفضُ في وجهه أبو ضَيْف
طائرًا عملاقًا كالعنقاءِ
كالرُّخْ
كالغولِ كاليمَامِ كالحَمَامِ
كالنوْرَسِ في ألفِ سِرْب
يُحَلِّقُ فوقَ الرأسْ
يرسُُمُ لوحةَ الليْلِ المُدْلَهِمْ
...
الخرافُ الآكلة الجَيْف
تلثمُ اليدَ المُلطَّخَةَ بالدَّم
ترفعُها
وترفعُ معها إزارَ الجاكِتْ
وسط الحرس المُحَمْلِق،
المنفوخُ بالزيْف
...
يخسرُ الملكُ ..
إذا ما واجَه الشعبْ..
يخسرُ نفسَه والقَصْر
الدُنيا والرؤية
فينفذُ الصبْر..
تهتزُّ الرؤى
الدَّمُ لا يتَخثَّر، لا يتجمَّد ..
لا يجِّف
لا تروحُ رائحتُه الزَكيّة
لا تتوقف أنهارُه
عن الفيضَانِ والغَمْر
تُغرقُ الأخْضَر واليابِس
تفيضُ مع اليَمّ
فيسبَحُ سريرُ موسى
مُتأججًا كالحَق
لا أبلَج ولا لَجْلج ..
لكنَّهُ السُمّ
في حلْقِ قنّاصٍ ثرثارْ
..
فلا الشيخُ يَؤُمّ
ولا المصَلِّي يُؤَّم
إلاّ بمن ابتغى وجه ربّه
وودَّع المهد إلى اللّحد
مَضَى مع الحشْد
هاتِفًا ...
الحُسَيْني أبو ضَيْف
لم يمُتْ، لكنه يُشَّّم
عبقُ النصْر
في الزنابِق الحمْراء
المنثورةَ حَجرًا فوق حَجَر
في محمودَ والتحريرْ
وداخل كل بيتٍ أشَمّْ
....
يا الحُسَيْني أبو ضَيْف
خرج الملك عن رقعةِ الشطرنجْ
مُندّدًا مُهدِّدًا مُتوعدًا
بسرقةِ الحُلْم
بسرقةِ الرُقعةِ والقَلْعَةِ والضَوْء
... لا .. ولا .. وألف
لا ..
نحنُ نَملكُ الحَشْد..
خرج الحُسَيْني أبو ضَيْف
ملكًا بكاميراتِه وذاكرتِه
بالصحيفةِ والحرْف..
خرجَ فارِسًا هُمَامًا
له طلعةَ القَمَر
وإشراقةُ النَجْم
يا الحُسَيْني أبو ضَيْف ..
إنها الأفعى التي بلعَت فيلاً
فكيفَ بها لا تهضِمْهُ
يمزُِّقُ أحشاءَها
ينفجِرُ فيها
فَتفِّحُ نارًا وسعيرًا
تُخرِجُ أرواح الشهداءِ
تلفظُ كذبًا وقبْح
صلفًا وكِبْر
...
لا تملك قولاً إلاّ "سوف"
سوف يأتيكُم
الحُسَيْني أبو ضَيْف
من أمامِكم وخلفَكم
كل ليلةٍ، كلُّ ربيعٍ، وكلُّ صيْف
يقرع طبْلةَ آذانِكم
المُّتسِّخة المُتْخَمة بالعَفَن
باللؤمِ، وبالألَم
يقطعُ شريانِكم الكاذِب
يفضحُكم في كلِّ بيْت
وكلُّ كهْف ..
يا من خرجتُم من الكَهْف
تَلمُّون ذيولكم بين أرجلكم
فلا تمشي ولا تدور ولا تلّف
...
فلا الحُسَيْني أبو ضَيْف
مات،
ولا أنتُم عِشتُم
ولا تَمَّلَّكَ المَلِكُ مُلْكًا ليسَ لهُ
فركِبَ الجَمَل
وعادَ مع حُنين
بألفِ خفٍ وخُفّ
...
الحُسَيْني أبو ضَيْف
يخرق جبهتكُم المسْوّدة ..
يخرقها بقوته، بالشرَف
يُسَّوِدُ تاريخَكم
يحرقُ ذقونكم،
بالنار المُطهِّرة بالشرَف
فلا رمادًا يبقى ولا دُخَان
ولا نارُ ولا جَمْر..
لا حطَب أبو لهَب
لكن القديد والماء والشتاء
رعشةِ الموتْ .. والخوْف
...
لملمِوا بقاياكُم
فروائح المسْك
تغلبُها النفايات في كل أنْف
...
وصوتُ الحُسَيْني أبو ضَيْف
يهزُّ بنيانَكم، فيقطُر سُمًا
زُعافًا،
في كل وادي، وكلِّ جرْف
...
الحُسَيْني أبو ضَيْف
رحلةُ الشتاءِ والصيف
تمرُّ بلا جوعٍ وبلا خوْف
زادُ الفقراءِ ذكرى شهدائِهم
لحمهمو المُرّ
والصَبْر ..
في حلوقهم.. حَنْظل وعُشب..
وماءٌ وقرنفلْ وفُلّ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو


.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق




.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس


.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم




.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب