الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القباني بين الساهر وعبد الحليم

رائد الجراح

2012 / 12 / 21
الادب والفن


إستوقفني أمر مهم وانا أستمع الى الفنان كاظم الساهر وهو يغني قصيدة الرسم بالكلمات للشاعر نزار قباني تلك القصيدة الجريئة والجميلة التي أثارت حين ظهرت للقارئ العربي جدلاً واسعاً لما تحمل من مزيج من السحر الحسي للنمط الأدبي المشهور به نزار قباني وبين الجرأة في طرح المفردات الرمزية التي يصفها البعض بالمجون , غير أن كبار الفنانين من عمالقة الغناء في العالم العربي ممن نهلوا من شعر نزار قباني مايصلح للغناء كفيروز ونجاة الصغيرة وعبد الحليم حافظ كانوا قد أبدعوا في إختياراتهم فأرتقوا بهذه القصائد الى القمة من حيث اللحن والموسيقى والأداء , ولم يكونوا يهتموا بالكم بقدر إهتمامهم بالنوع , وحين نجد قد حدث تغييراً في بعض مفردات القصيدة الأصل كما وردت في ديوان الشاعر ؟ يكون هذا التغيير قد مر بأصعب المراحل من التفاوض مابين الشاعر والملحن والمطرب في إختيار البدائل التي تتوافق مع القالب الغنائي كما حصل مثلاً في قصيدة قارئة الفنجان التي استغرق تلحينها ثلاث سنوات تخللتها مايقرب من ثلاثمئة مكالمة هاتفية بين عبد الحليم ونزار قباني بين بيروت ولندن والقاهرة لتبادل وجهات النظر والتفاوض على تغيير بعض المفردات في القصيدة لكي تكون صالحة للغناء , وبالفعل قد تكللت هذه الجهود بالنجاح بعد أن تم الأتفاق على إختيار بدائل لبعض الكلمات في القصيدة لم تؤثر على المعنى أو البناء الأدبي والشعري مما جعلها تبدوا متكاملة وكما هي بالفعل . وقد تعامل الفنان كاظم الساهر في تلحين واداء العديد من قصائد نزار قباني وأخرجها بشكل لحني وصوري رائع لكنه أخفق هذه المرة مع هذه القصيدة وهي ( الرسم بالكلمات ) مما جعلها تخرج عن سياقها الشعري والأدبي وتبدو مشوة الى الحد الذي أفقدها معناها الحقيقي وكأنما أراد الفنان الساهر من وراء هذا العمل أن يقول للناس بأن لديه القدرة على تلحين كل ماكتب نزار وإن لديه الحق القانوني والأدبي بأن يعبث بكلمات الشاعر كيفما يشاء ويحذف مايشاء ويضيف ما يشاء حتى وإن دُمّرِ البناء الشعري للقصيدة من ناحية المعنى, ففي أصل القصيدة حين نستعرض مقطعاً منها بالأساس غير صالح للغناء يقول ( لم يبقى نهدٌ أسودٌ أو أبيضٌ إلا زرعت بأرضه راياتي ) فالشاعر هنا يقدم وصفاً جميلاً لجرأته وخبرته في عالم الحب حين يصف نهد المرأة الجميلة بالجبل الأشم الذي يصعب تسلقه ومن منا لم يرى مثل هذه اللوحات الفنية الجميلة لرسامين ونحاتين كبار كانوا قد تعاملوا مع جسد المراة الساحر بأسلوب رمزي أرتقى بها الى أعلى مستويات الفن العالمي فشوارع روما وبعض ضواحي العاصمة الفرنسية خير شاهد على هذه الأعمال , ولكن حينما يأتي الساهر ويصيغه بالشكل الذي غناه فيقول ( لم يبق خد أسود أو أبيض إلا زرعت بأرضه راياتي ) يكون قد دمر البناء الشعري للقصيدة وأفقدها المعنى وشوه مفرداتها . وحين أقف عند هذه النقطة أعرف تماماً بأن الكثير من عشاق القيصر ربما يقفون ضد هذا النقد أنطلاقاً من حبهم لهذا الفنان الرائع وأنا أشاطرهم هذا الحب والأعجاب , ولكن الفرق يكمن في تناولي لأعمال القيصر في تذوق كل التفاصيل اللحنية والنصية كمستمع يحمل حساً فنياً وأدبياً ونحن جميعنا نكوّن القاعدة التي يقف عليها الفنان المبدع كاظم الساهر ففنان بلا جمهور ذواق ومثقف لايساوي شيئاً ولذلك أقول .
ما هكذا تورد الأبل أيها الساهر , فلو أبقت القصيدة كما هي وتركتها دون أن تجعلها أسيرة خزينك الفني كنت قد رحمت بها وأرحت روح شاعرها الكبير في قبره الذي أئتمنك على قصائده حين منحك صلاحية تلحينها وغنائها باعتبارك فنان قدير يشهد لك تاريخك الفني بروائعك التي أتحفت بها أسماع الملايين من العرب وغير العرب وقبل أن يمنحوك لقب القيصر كنت فارس للأغنية العربية ولكل فارس كبوة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف