الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيار الانفصال ليس جنوبيا

مروان هائل عبدالمولى
doctor in law Legal counsel, writer and news editor. Work / R. of Moldova

(Marwan Hayel Abdulmoula)

2012 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


الشيخ الثعالبي هو زعيم تونسي سياسي وديني. من القليلين الذين زاوجوا بين السياسي والديني، وبين المحلي والإقليمي والعالمي في عملهم؛ للتخلص من الاستعمار وظلمه والرفعة بالمجتمع والرقي به في الوقت ذاته , وقد زار اليمن في أغسطس من عام 1924م ومن خلال زيارته للمناطق الجنوبية أولاً، ثم المناطق الشمالية ثانياً اكتشف أن هناك إمكانية حقيقية لإقامة الوحدة على أسس أهمها تحقيق الهدف العظيم وهو إجلاء المستعمرين والنهوض باليمن الواحد المتحرر. حيث قام بمحاولات جاده بين حاكم الجزء الشمالي من البلاد وهو الإمام يحيى حميد الدين وسلاطين المحميات الخاضعين للاحتلال المباشر , وتؤكد الوثائق نجاح الزعيم التونسي في إعادة اللحمة بين اليمنيين ووضعهم جميعاً إزاء خيار واحد لا بديل له وهو خيار الوحدة.
ان الانفتاح الذي كان في عدن وبين سلاطين حضرموت والحج وأبين الذين أتيحت لهم الفرصة لزيارة الهند وأوروبا والاطلاع على التغيرات التي طرأت على مجتمعات تلك البلدان جعلت من هولاء للتوجه بعرض للدعوة إلى مؤتمر يمني عام, وقد نقل الثعالبي تلك الدعوة إلى الإمام يحيى , حيث كانت رغبة السلاطين واضحه في تحقيق الدعوه للوحده على اسس مدنيه , وقد اشترطوا على الإمام بأن ينشئ هيئات من أجل الدخول في مفاوضات حتى يتمكنوا من تكوين دولة مدنية.
و تشير الوثيقه التي تضمنها كتاب "الرحلة اليمنية" للثعالبي إلى بداية تشكل كيان مدني جامع, وذلك لأنها أظهرت البعد و الاتجاه نحو تكوين الكيان المدني , واذا كانت جهوده المخلصة في إقامة الوحدة اليمنية في ذلك الوقت المبكر قد باءت بالفشل لأسباب عديدة وأهمها كما ذكر في رسالة إلى صديقه الأمير شكيب أرسلان «أثر الحكم الفردي في تلك البلاد المضحكة»، وهو تعبير يكشف عن عن خيبة امل من موقف النظام الإمامي في صنعاء ورفضه لقائمة مطالب السلاطين في الجنوب بالاصلاحات التي ستسبق الوحدة، ومنها تأليف وزارة تتألف من رئيس وزراء، ووزير للخارجية، ووزير للداخلية، ووزير للمالية، ووزير للمعارف، ووزير للأشغال العامة، ووزير للحربية والبحرية، ووزير للزراعة والتجارة، ووزير للبريد، لاعتقاد الإمام أن ذلك يضعف من صلاحياته ومن ادعائه بأنه يقوم بمهام هذه الوزارات بمفرده دونما حاجة إلى هذه الشكليات التي من شأنها أن تكلف ميزانية الدولة واضاف انه يريد دولة اتحادية بشرط أن تدفع له الجبايات وسيترك السلاطين يحكموا مقاطعاتهم ويشكلوا حكومات محلية في كل سلطنة.
رغبه السلاطين حكام الجنوب في تلك الفتره بالوحده وماتلتها من محاولات حتى ٢٢مايو ١٩٩٠ وتنازل القيادات الجنوبيه على بعض الشروط في سبيل تحقيق الوحده اليمنيه يعكس النضال الحقيقي وصدق نواياهم من هذا الهدف النبيل المتمثل بوحده الارض والشعب ولكن التاريخ دائما مايكشف خفايا الحكام في الشمال منذ عهد الامامه وحتى حرب ١٩٩٤ على الرغبه المبطنه في فرض الوحده على مقاساتهم وبما يناسب عقلياتهم وافق استراتيجياتهم القبليه والاسريه للبقاء في السلطه والتوريث للحكم والتحكم بثروات اليمن وكان لهم ذلك بعد حرب صيف ١٩٩٤ وبغطاء زائف اسمه فرض الشرعيه حيث لم تدرك النخب ورجال القبائل والدين والذين دعموا المخلوع صالح في تلك الحرب العسكريه وماتلتها من حرب اقتصاديه وسياسيه ضد الجنوب بأنهم شاركوا في الغاء مفهومية الدوله المدنيه الموحده وعملوا على تقوية حكم العائله والقبيله و مارسوا مع المخلوع وعائلته سياسة الاقصاء لشريك الوحده السياسي والاساسي الحزب الاشتراكي اليمني وقواعده وشعبه والقوى العامله وانتهاء بتقسيم اراضي الشريك الجنوبي في الوحده كغنيمة.
لم يكن شعب الجنوب انفصاليا انما فرض عليه الانفصال نتيجة لغياب دولة القانون والذي ادى بدوره الى اختفى من قاموس حياتهم الامن والامان وارضهم اصبحت مرتعا لعصابات الاسره و القبيله وسوق للسلاح والمخدرات والتهريب وترانزيت لتجارة البشر والبضائع المزوره ومدارس التعليم اصبحت مأوي لضحايا الحروب الداخليه والهاربين من صراعات الجماعات الدينيه المتطرفه مع الدوله وارتفاع نسبة البطاله وصور الشهداء من الشباب ممن قتلوا في المظاهرات وتحت التعذيب تملئ شوارعهم وزجاجات سيارتهم وهناك اسباب كثيره اخرى تجعل الكثير منهم اليوم يعيدون التفكير في مسائلة الوحده.
فالوحده ليست شئي مقدس يجب عدم الحديث عنه وانما هي عباره عن حدث جمع بين شعبين دخلوا تجربه الاندماج وهي قابله للفشل او النجاح ولايجب نكران ان الجنوب كان دوله وارض وشعب وله الحق في التواجد على الجغرافيا التي كان عليها قبل الوحده لانه سئم دولة القبيله والفساد والحروب وله الحق في تقرير مصيره اذا كان شعبه يريد ذلك كما تقره الحقوق الانسانيه والقوانين الدوليه ,وهم الان يرفضون وبااغلبيه كل محاولات رآب الصدع بين الشعبين وحتى بين ممثلي بعض الاحزاب السياسيه من الطرفين وتأكيد على ذلك هو ماقالته الناشطة في حزب التجمع اليمني للإصلاح والحاصلة على جائزة نوبل للسلام "توكل كرمان" أن أحزاب اللقاء المشترك باعوا الوهم "يوم وقعوا على المبادرة" , وكتبت "كرمان" في حوار مع نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن أحزاب المشترك "لم يمتلكوا الشجاعة ليعلنوا مسؤوليتهم عن الفشل اليوم, هؤلاء أقل بكثير مما قيل عنهم" , وأضافت "في ظل هذا العجز يعد الانفصال خيار أوحد" في إشارة إلى انفصال الجنوب عن الشمال, وتابعت "مع بقاء علي محسن وأحمد والبيوت القبلية ومراكز النفوذ وتجار السلاح وكل شيء لا علاقة له في الدولة في الشمال يعد الانفصال خيار عادل وتعد مساندته واجب إنساني ووطني وقومي" وفي حوارها كرمان اعادت نفس ما طالب به الجنوبيين منذ بداية الوحده حيث قالت اما دولة ومواطنة متساوية او كل واحد يروح لحال سبيله", واضافت "إما تفكيك مراكز النفوذ أو تفكيك الجغرافيا" , وهذه العباره الاخيره تحمل دلالات عميقه عما وصلت اليه جذور الانقسامات والتمزق على مستوى اليمن فالطبقه المثقفه والحواريه والعقلانيه في اليمن اصبحت تدرك ان اصواتها لم تعد تٌسمع خارج مكاتبها وان الجنوبيون اصبحوا على قاب قوسين او ادنى من مطلبهم الرئيسي الا وهو الانفصال رغم وجود تيارات أخرى في الجنوب تؤكد حرصها على الوحدة وهي قليله وتشترط وحده في إطار دستوري يتخذ الشكل الفدرالي، فالتحشيد الشعبي باتجاه الانفصال يؤرق بعض القاده الجنوبيين ويقلقهم،خاصه و أنه قد يدفع بعض السياسيين المعتدلين إلى التطرف لمواكبة الشارع , و البعض يعتقد ان قرارت الرئيس عبد ربه منصور هادي الخاصة بهيكلة الجيش هي الطريق المؤدي إلى القضية الجنوب وامتصاص احتقان الشارع هناك قبل بدء مؤتمر الحوار، إلا أن التحشيد الشعبي القائم في الجنوب ، توحي بأن دعاة الانفصال غير مبالين بهذه التطورات، وانها قضيه تخص الشمال ولاعلاقه لهم بها , فقد الشارع الجنوبي الثقة في الثورة والوحدة، ولذلك الان هو يطالب بإرجاع الحقوق واولها الانفصال ومظاهرة ٣٠ من نوفمبر كانت رساله قويه الى الداخل والخارج على ان قواعد اللعبه في اليمن وفي الجنوب خاصه قد تغيرت وعلى المجتمع الدولي ان يسمع الى مطالب الجنوبيين قبل ان يفرضها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل جندي تونسي في هجوم على دورية عسكرية قرب الحدود الليبية


.. فرنسا: لـماذا تـوصف الانـتـخـابـات الـتـشريـعية بالتاريخية؟




.. خسارة لا يمكن تصورها.. عائلة في غزة تروي الكابوس الذي عاشته


.. د. حسن حماد: البعض يعيد إحياء الخلاف القديم بين المعتزلة وال




.. التصعيد في لبنان.. تحذيرات دولية ومساع اقليمية لمحاولة تجنب