الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإصلاح ليس ضرورة

سلامة كيلة

2005 / 3 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ككل موضة يجري تناول قضية الإصلاح في الوطن العربي، و يجري عقد المؤتمر تلو الآخر من أجل ذلك. كما أن كلمة إصلاح باتت تتكرّر بشكل مرهق، بعدما كانت الديمقراطية ( هكذا حاف ) هي الموضة و الكلمة السحر، و الحلّ الرؤيوي، و المدخل لسعادة دائمة.
فالنظم تتحدّث عن الإصلاح و تقول أنها تعمل من أجله. و الساسة كذلك أصبحت مسألة الإصلاح هي برنامجهم. لكن إذا تأملنا قليلاً سنلحظ بأن كل هذا " الحشد الإعلامي " يحدث بعد أن وصلت الأمور إلى حدّ الخراب، و إلى إكتشاف أن كل مشروع للإصلاح لن يفعل سوى زيادة ذاك الخراب. و حين يحلّ الخراب فإن منطق الإصلاح لا يفيد سوى في " الترقيع " الذي يجلب خراباً جديداً. لأن الإصلاح هو لبنية تمتلك أسساً سليمة أو قابلة للإستمرار، بينما يشير الخراب إلى فقدان كل الأسس التي تسمح بالإستمرار.
و الترقيع هو ما يبدو أنه يجري وسط هذه الضجّة حول الإصلاح. رغم أنه يعطي شهادة " الديمقراطية العليا " للدولة الأميركية، التي تبادر في تقديم مشاريع الإصلاح أو تفرض على النظم تقديمها. و تفرض " الديمقراطية " ، و أيضاً تعطي الأوامر لإلتزام أجندة معدّة في واشنطن، يقال أنها تعبّر عن مطامح الشعب الذي أُرهق من العنف السلطوي. و بالتالي تستخدم كل الألفاظ الحربية من أجل تطبيق كل ذلك. بمعنى أن الإصلاح يجب أن يجري تحت الهراوة الأميركية، و وفق الرؤية الأميركية، و بالتالي وفق ما ترى الدولة الأميركية أنه إصلاح، و أنه ديمقراطية، بغضّ النظر عن رؤية الشعب ، و عن الحراك السياسي العربي.
فالديمقراطية كهدف، طُرحت منذ ربع قرن أو أكثر، و منظمات حقوق الإنسان تشكّلت في زمن مقارب، أي حينما كانت الدولة الأميركية غارقة في دعم الدكتاتوريات و الأصولية و الإرهاب. و إصلاح الأوضاع العربية همٌّ يؤرّق العرب مذّاك. لكن الأوضاع العربية كانت تتدهور بفعل دعم الدولة الأميركية للنظم العربية، و مقاومتها التحرّر و الدمقرطة و التطوّر. و سعيها لتأسيس نمط إقتصاديّ لا يقود سوى إلى إفقار الشعب، و بالتالي إلى تمرُّده. الأمر الذي كان يدفعها إلى تعزيز النظم و تقوية قبضتها الأمنية تحديداً.
و لقد بات الوضع العربي في لحظة ربما نُطلق عليها أنها لحظة " إنفجارية "، نتيجة الإفقار و الإستبداد و تحويل الديمقراطية إلى كاريكاتور و ديكور يسمح بنشاط فئة ضئيلة من الساسة، لكنه يحجر الحركة المجتمعية التي تعبّر عن ذاتها في إضرابات و مظاهرات إحتجاجية مطلبية، و يهيمن على النقابات. و بالتالي تُحصر الديمقراطية في إنتخابات تصاغ نتائجها مسبقاً، عبر قوانين متخلّفة تنفي الديمقراطية ذاتها، و عبر تزوير فظ. بحيث باتت الديمقراطية بعيدة عن أن تعبّر عن مشكلات الشعب، و تحوّلت إلى " ثرثرة مثقفين ".
هذا الوضع يجعل أحلام الشعب أكبر من الإصلاح، و أعمق من ديمقراطية شكلية، و أبعد من إعادة إنتاج النظم ذاتها في شكل جديد.
الدولة الأميركية ترغب في إعادة صياغة المنطقة التي باتت تسميها " الشرق الأوسط الكبير " في سياق إستراتيجيتها الإحتلالية الهيمنية الهادفة إلى النهب. و النظم العربية تسعى لإعادة صياغة سيطرتها بما يسمح بتحقيق إستمرارها هي ذاتها، لتكريس نهبها و إستغلالها و إستبدادها كذلك. و الإصلاح هو العنوان الكبير لتحقيق هذه العملية المزدوجة، بينما مشكلات الشعب هي في السيطرة الإمبريالية و في النظم ذاتها، و هذه لا يحلّها الإصلاح المطروح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إغلاق مراكز التصويت في الانتخابات البريطانية| #عاجل


.. إيران.. تعرف على مواقف جليلي وبزشكيان في ملفات السياسة الخار




.. مقابلة خاصة مع نائب وزير الخارجية التركي ياسين أكرم سرم


.. أوضاع الشرق الأوسط وحرب غزة تحظى باهتمام كبير في قمة شانغهاي




.. نتنياهو بين ضغط عائلات المحتجزين وتهديدات ائتلافه اليميني