الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ساسون سوميخ .. الباحث في الأدب العربي

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2012 / 12 / 21
الادب والفن




يعتبر البروفسور العراقي ساسون سوميخ من كبار الباحثين في الأدب العربي , فقد مزج التحليل اللغوي العلمي والنقد الفني – الأسلوبي ,كما بحث في أغلب أعماله في لغة الإبداع القصصي والشعري المسرحي, في كتابات أغلب الأدباء المصريين واللبنانيين والعراقيين ومغربيين وفلسطينيين , لكنهُ استمر في كتاباته التي تخص الروائي الراحل نجيب محفوظ ويوسف إدريس , فقد أولى أهمية كبيرة لتعريف الجمهور العبري بنتاجات الأدب والشعر العربي ’ إذ ترجمها للغة العبرية وحررّ عدة مجموعات من الشعر العربي الحديث و كما أعتبر من ضمن مؤسسي قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة تل أبيب.
ولد البروفسور ساسون سوميخ في بغداد عام 1933 لعائلة يهودية علمانية من الطبقة الوسطى , فقد أكمل الدراسة الثانوية في جمعية الأليانس اليهودية الفرنسية , ونتيجة اهتمام والدهُ بالمطالعة والمتابعة للصحف والكتب, حيث قرأ سوميخ الأدبيات العربية وتعلم اللغات الفرنسية والانكليزية , وقد أكمل دراستهُ الثانوية عام 1950 في مدرسة شماش التابعة للطائفة اليهودية ,ولكن ترك العراق وهاجر عام 1950 بعد قرار حكومة توفيق السويدي الملكية بتسقيط الجنسية العراقية عن الطائفة اليهودية .
في مؤلف للبروفسور سوميخ( بغداد سيرة أمس ) يصف أيام صباه في اللعب مع زملاءه وأصدقاءه يعتبرها أياماً سعيدة صافية في الجزر الموجودة في دجلة أيام الصيف, ويدون سوميخ في ذكرياته " أنا أنتمي إلى الجيل الأخير من اليهود العراقيين الذين كانوا يعيشون جنباً إلى جنب مع العراقيين من أبناء الديانات الأخرى , إذ كانت لغتهم العربية المشتركة التي جعلتهم يساهمون إسهاماً فعالاً في الثقافة العراقية ", وقبل مغادرته العراق مضطراً كان سوميخ يتابع ما تعرضهُ مكتبة( مكنزي) في شارع الرشيد من كتب جديدة , مما وقع نظره على ديوان الشاعر الانكليزي (أديث سيتويل) , يخرج سوميخ من المكتبة حاملاً الديوان الصغير ويعرج في طريقه على مقهى حسن عجمي القريبة من شارع الرشيد , فيجد صديقهُ السياب جالساً هناك , فيسحر لون الديوان الأخضر عيون السياب ويكون الحديث:
السياب: شنو هذا ساسون ممكن أشوف رجاءً.
يبرد الصديق في بادئ الأمر ويريد تدارك الإحراج , فقد عزم على الهجرة إلى إسرائيل .
سوميخ: بكل سرور , بدر بس أرجوك ترجعة بأقرب فرصة .
السياب : طبعاً ...طبعاً.
يترك الشاعر السياب بغداد ذاهباً إلى جيكور ليعود بعد شهرين , فيرد الكتاب إلى صديقهُ شاكراً لهُ, فكان لهذا الديوان تأثير كبير على رائعة السياب ( انشودة المطر), ويغادر سوميخ بغداد إلى إسرائيل , لا يجد ما يحملهُ من الكتب معهُ غير ثلاثة أو أربعة من بينها ذلك الكتاب الذي لم يجرؤ على تركه , لنعومته ولغلافه الأخضر الجميل , واليوم يحتل ذلك الكتاب مكاناً خاصاً في مكتبة البروفسور ساسون سوميخ , إذ يحمل إشارات السياب نفسه بالقلم الرصاص.
أكمل سوميخ الدكتوراه في جامعة أكسفورد عام 1968 بعد إن قدم أطروحته عن مؤلفات نجيب محفوظ بإرشاد من الأستاذ المصري محمد مصطفى بدوي , فقد كتب سوميخ الكثير من المقالات في مجلة ( الجديد) ذات الفكر الماركسي وكذلك صحيفة (الإتحاد) ذات النهج الثوري,وفي مجلة جمعية (بيرت شالوم) التي سعت للتعايش السلمي بين العرب واليهود وصحيفة (قول هعام) أي "صوت الشعب "الناطقة باسم الحزب الشيوعي الإسرائيلي , فقد ساهم بكتاباته الأدبية منطلقاً من قناعات مكتسبة من وطنهُ الأول العراق , حيث نشر من المقالات ما يخص الشعر الجديد وشعر التفعيلة بسبب تأثر صديقه (بلند الحيدري) بهذا النوع من الشعر إضافة إلى الشاعر السياب رائد الشعر الحر أواخر أربعينات القرن الماضي , فهو يرى نفسه ابناً شرعياً للأدب العربي والنقد المبني على منهجية جديدة , فهو يؤكد على الأديب العربي أن يطلع على التيارات الأدبية , إضافة إلى مطالعة ما يخص الرواية والمسرح والشعر , إذ للشعر الكثير من المفاهيم النفسية و يعتبر سوميخ الآداب العربية مادة بحثية خصبة لدراسة الطبقات الاجتماعية العربية لكل بلد .
ساسون سوميخ والروائي الراحل نجيب محفوظ:

للبروفسور سوميخ علاقات وطيدة وصداقه قوية بعد ترجمته لثلاثية محفوظ وأهمها ( أولاد حارتنا) التي تعتبر كرواية فلسفية للدفاع عن الطائفة اليهودية أمام بطش نظام عبد الناصر عام1959 , فقد كانت لسوميخ زيارات متواصلة مع الروائي الراحل محفوظ , إذ يؤكد محفوظ برسالة يقول فيها لسوميخ (أنت أفضل ناقد درس أدب نجيب محفوظ) فهي شهادة رائعة من روائي عربي كبير, حيث التقى سوميخ بالكثير من المثقفين المصريين بعد توقيع اتفاقية أوسلوا , كما ترجم سوميخ ديوان الشاعرة المصرية المغتربة (إيمان مرسال ) وكتب المقدمة النقدية التعريفية للشاعرة , إذ تعتبر قصائد مرسال من الشعر الحر الذي لا يتقيد بالوزن أو القافية ويقترب بقوة من الشكل النثري , وتفتح قصائدها أفقاً وفضاءً واسعاً من التجارب التي عاشتها , فقصائدها تتمحور بين العلاقة بين الوطن والمهجر , عام 2005 حاز ساسون سوميخ على أرفع جائزة تعطيها الدولة للأدباء والعلماء تقديراً لخدماتهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الفلسطيني الكبير كامل الباشا يكشف لحظة حصوله على جائز


.. جدول ليالي مهرجان الموسيقى العربية?? #معكم_منى_الشاذلي




.. استقبال خاص من منى الشاذلي للفنان كامل الباشا الممثل العربي


.. محمود حميدة بصحبة ابنته في حفل افتتاح مهرجان وهران للفيلم ال




.. في ليلة لا تُنسى.. أوركسترا الموسيقى الغنائية تُشعل أجواء مس