الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا عن الخيار الثالث

ماجد رشيد العويد

2005 / 3 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الضغوط الأمريكية على المنطقة، حتى صار كل طرف يشدّ الأمر إلى ناحيته. فالأنظمة تريد من وراء هذه الضغوط الإعلان عن " وطنيتها " و " قوميتها " بأبلغ ما تستطيعه من القول... وأنها لو لم تكن أنظمة " وطنية " وتخشى على البلد وأمنه، وتذهب إلى مصلحة مواطنيها ما أمكنها الذهاب بكل طاقاتها، لما وقفت منها أمريكا هذا الموقف الضاغط إلى الحد الذي يدفع بها إلى منازلتها أو الخضوع لها. ومعارضو هذه الأنظمة وموقفهم المعلن منها، والذي لم يؤسس بعد على قاعدة شعبية عريضة، يسعون للاستفادة من العامل الخارجي، ويمكن حصر عملهم في طائفة من المثقفين والمهتمين بحقوق الإنسان.... وهنا يوجد أنموذجان، أنموذج القذافي، وأنموذج صدام حسين. وأما الأول فلقد ذهب إلى حد الانبطاح الكامل، وأما الثاني فلقد أضاع نظامه وبلده بسوء سياسته وعداواته على جيرانه. وأما الحديث عن طريق ثالث، طريق المصالحة مع الجماهير وإطلاق أيدي الناس في المشاركة في صنع القرار فهذا ليس بوارد فكر الأنظمة المدعية للوطنية، والحاملة للشعارات الوطنية والعابرة إلى القومية. وبين هذين الأنموذجين تكاد تذهب جهود المثقفين والعاملين في الحقل الإنساني، أقول تكاد تذهب سدى خوفاً من اتهامها بموالاة أمريكا أو الغرب عموماً. ومن هذا تستفيد أنظمة الطغيان الفائدة الكبرى فيأتي العمل السياسي للمثقف والعامل في الحقل الإنساني ببياناته وعرائضه، متردداً، خائفاً، وبالتالي يصاب بنوع من الشلل، فلا تؤتي حركاته الثمار المرجوة. من هنا يمكن فهم الأسباب وراء ضآلة العدد " 200 إلى 300 " الذي اعتصم في دمشق أمام القصر العدلي، برغم مرور ما يزيد على أربع سنوات على الحديث في التطوير والتحديث. فتقاطع مصلحة هؤلاء مع " الدعوات الأمريكية " إلى الديمقراطية والحرية قيّد حركة الناس وكذلك فعل مع بعض قادة الأحزاب في المعارضة خوفاً من الاتهام بالوقوف مع العدو " الأمريكي "، إلى جانب بالطبع حالة الخوف المتأصلة في النفوس من قمع سريع يودي إلى مهالك سجون لا ترحم. وبالنسبة لسوريا فهي تقع بين نظامي القذافي وصدام حسين، فلا هي استسلمت للأمريكان على شاكلة النظام الليبي، ولا تصلّبت على طريقة النظام العراقي السابق، واختارت منطقة " وسطى " بين هالكين وهذه المنطقة هالكة أيضاً. ذلك أن الوسط هنا ليس اعتدالاً، بقدر ما هو لالتقاط الأنفاس وتبين الدرب باتجاه ما ينفع. لكن أمريكا وتحت ما يسمى بمحاربة الإرهاب لا تقبل بغير المنهج " الليبي " فهي تريد أنظمة منبطحة مكممة الفم، وهي إرادة آنية محددة بزمن معين، ما تلبث أن تنتقل منه السياسة الأمريكية إلى الإطاحة بها بعد ما أطاحت بدورها في منطقتها.
منطقتنا العربية تميزت بتفشي أنظمة شمولية مستبدة، عانت منها شعوبها، وما تزال، وإن بدرجات، أعلاها في القهر تمثّل في حكومات الحزب الواحد المسيّج بدروع أمنية، لا تفهم غير لغة واحدة تتمثل في المحافظة على الحاكم " الإله " ومصالحها. هذا النهج موجود في ليبيا وفي العراق السابق، كما هو موجود في سوريا. وبرغم سقوط أوربا الشرقية بأنظمتها ذات الصناعة السوفيتية، إلا أن الدرس لم يتم استيعابه في منطقتنا، وعلى خلفية هذا الغباء وهذه الغطرسة سقط النظام العراقي. وقبله تهاوى " العرش اليوغسلافي " و" الروماني "، وفي الطريق إلى جهنم تنتظر أنظمة كثيرة دورها. ولأن الجحيم يريد المزيد حتى تتقد النار وتزداد استعاراً تتصلب هذه النظم، وتعاند. وحتى تنعم هذه الأخيرة بدورة حياتية جديدة ليس أمامها سوى طريق الشعوب تحميها من صلفها أولاً ومن الكاوبوي الأمريكي ثانياًَ، الذي رفع مسدسه، والمصيبة أنه هنا حاملات الطائرات والصواريخ عابرة القارات وما إليهما من أسلحة تفكك الدماغ، بوجه " حكومات " قام هو بتسويقها في العالم.
وبالنسبة لسوريا فما يزال الوقت أمامنا لصناعة خيارنا الثالث، وهو خيار بهيج، ومثمر، يكون فيه السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد صاحب النقلة النوعية، في منطقة تأبى غير الكذب والفداء بالروح وبالدم والتأليه المجاني، في الانفتاح على الناس والدخول في صفوفهم، ومغادرة أساليب التخويف والتخوين إلى الأبد. بهذه الاستقامة، وبهذا النهج يستقيم له شعبه وينصره ويحميه، ولا تكون فنزويلا وحدها في ميدان إعادة رئيسها إلى الحكم برغم إرادة الأمريكان ومواليهم.
وفي سوريا من الطاقات الغيورة على البلد، ما يشكّل ألف وزارة، وعشرات البرلمانات الوطنية التي لا تكذب، ولا تتزلف. فلتقترب السلطة من المعارضة التي أبدت نزاهة في التعامل مع بلدها، ولتتحاور مع الأخوان المسلمين على خلفية تصفية الماضي البغيض. ولتقرّب سجناء الأمس وهم من الشرفاء. إن سوريا تملك برئاسة رئيسها الشاب أن تدخل العالم من بابه الواسع بالاقتراب التام من الجماهير المبعدة عن دائرة القرار. إن الناس ولدوا أحراراً، ولا يملك أحد إلى الأبد انتزاع حق الحرية منهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة الاختراق الأمني الإسرائيلي للجزائر؟| المسائية


.. 5 ا?شكال غريبة للتسول ستجدها على تيك توك ?????? مع بدر صالح




.. الجيش الإسرائيلي يشن غارات على رفح ويعيد فتح معبر كرم أبو سا


.. دعما لغزة.. أبرز محطات الحركة الاحتجاجية الطلابية في الجامعا




.. كيف يبدو الوضع في شمال إسرائيل.. وبالتحديد في عرب العرامشة؟