الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولعل البعض يتعظ

رفعت السعيد

2012 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية



كثيراً ما يحدث أن يتصور البعض فى الماضى وفى الحاضر وفى المستقبل أن بإمكانهم الوثوق فى وعود الحاكم الظالم، وأن بإمكانهم الانقلاب على بعضهم البعض تملقاً له، ناسين أن الحاكم إذ يراهم ألعوبة فى يده يحتقرهم، ويدوس عليهم واحداً تلو الآخر.

ويروى لنا الشيخ عبدالرحمن الجبرتى، وكان عين مصر الساهرة، قصة الشيخ الدواخلى، وكان نقيباً للأشراف، وهو منصب مهيب فى زمن محمد على باشا، وكان نائباً عن نقيب الأشراف فى الأستانة، ولا يجوز عزله من منصبه إلا بقرار سلطانى، ونقرأ «ولما حصلت واقعة قيام العسكر على محمد على، وأقام الباشا فى القلعة ليدبر أمره، ألزم الأعيان بالطلوع إليه فى كل ليلة، ومنهم الشيخ الدواخلى، لكونه معدوداً من كبار العلماء،

ونقيباً عن الأشراف، ولاحظ الجميع أن الوالى يسترسل معه فى المسامرة والمسايرة ولين الخطاب والمذاكرة والمضاحكة»، ونمضى مع رواية الجبرتى أنه بعد انتهاء تمرد العسكر، واستعادة محمد على قوته كاملة «انتهز الشيخ الدواخلى تقرب الباشا منه ومسامرته معه فقال له: الله يحفظ حضرة أفندينا وينصره على أعدائه والمخالفين له، ونرجو من إحسانه بعد هدوء سره وسكون الفتنة أن ينعم علينا ويجرينا على عوائدنا، فأجابه الباشا: نعم يكون ذلك إنشاء الله، ولابد من الراحة لكم ولكل الناس، فدعا له واستقر فؤاده، وقال: الله تعالى يحفظ أفندينا، وينصره على أعدائه، ويكون تمام ما أمرتم به من الراحة لكل الناس، والإفراج عن الأوقاف على المساجد والفقراء.

فقال الباشا نعم «ونزل الدواخلى من القلعة ليأمر أتباعه بالمناداة فى حوارى القاهرة بما كان من وعد الباشا»، لكن محمد على وبعد أن قضى على الفتنة، غضب من أن الدواخلى قد وضعه فى حرج مع الناس بأن أعلن وعود الباشا، والباشا لا يفى بالوعود والناس تسأل الدواخلى، والدواخلى، لم يعد مسموحاً له بمقابلة الباشا فلم يجد أمامه سوى الكتخدا، والكتخدا يراوغه بكلمة واحدة «إنشاء الله يكون خير» حتى ضج الناس، وانصرف غضبهم إلى الدواخلى الذى لم يجد أمامه إلا أن صرخ فى وجه الكتخدا «أنتم تكذبون علينا ونحن نكذب على الناس»، وردد الجميع هذه العبارة. فأمر محمد على بعزل الشيخ الدواخلى.

لكن المشكلة أن محمد على لم يكن يملك حق العزل فنقيب الأشراف يمتلك حصانة، ولا يجوز عزله إلا بقرار من نقيب أشراف الأستانة، وكان لابد من سبب فلم يجدوا سبباً معقولاً فقالوا إنه سبق أن اشترى منذ عامين بضاعة من شيخ رواق الترك بقدر من النقود الفرانسة، لكنه لم يجدها فسدد الثمن قروشاً فرطاً، ثم «وجمع الباشا المشايخ ليكتبوا عرضحالا لنقيب أشراف السلطنة يطعنون فيه بالدواخلى، ويؤكدون أن العزل قد تم بناء على ترجيهم والتماسهم»، وبعدها بدأ الباشا فى اللعب بالمشايخ الواحد بعد الآخر، حتى يحكم قبضته على حكم مصر دون منازع.

ويحكى الجبرتى فى حسرة أن المشايخ منذ خضوعهم للحاكم «زالت هيبتهم ووقارهم من النفوس، وانهمكوا فى الأمور الدنيوية، والحظوظ النفسانية والوساوس الشيطانية، ومشاركة الجهال فى المآتم والمسارعة إلى الولائم»، وهكذا يتكرر الأمر وسيتكرر حتى زماننا غير السعيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر