الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإخوان أزمة تاريخية

مرعي حسن أبازيد

2012 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


الإخوان أزمة تاريخية
يواجه الإخوان المسلمون عبر تاريخهم في العالم العربي، وخصوصاً في مصر وسوريا، مشكلات وتحديات جوهرية، من أهمها، أزمة امتلاك القرار، وذلك لارتباطهم دائماً بأجندات خارجية. والغريب، أنهم يطمحون دائماً للوصول إلى السلطة بشتى السبل، على الرغم من عدم امتلاكهم لبرنامج وطني وسياسي لبناء الدولة و بناء مجتمع مدني ديموقراطي أو رؤية واضحة لمستقبل مزدهر للبلاد. وهاهي مصر، دليلاً على ذلك، حيث وجد الاخوان أنفسهم بعد أن استلموا السلطة، أمام مشكلات متراكمة، أبرزها اقتصادية واجتماعية، من الصعب عليهم حلّها، حتى في الظروف الطبيعية، ولنفس الأسباب.
وفي هذا الجانب، لا يخفي الأخوان في سورية في حال وصولهم إلى السلطة، من تطلعاتهم نحو المؤسسات المالية الدولية ودول غربية بعينها، للحصول على منح وقروض خيالية من الممكن أن تتعدى عشرات المليارات من الدولارات، وذلك لإعادة الاعمار وسد العجز المحتمل في الميزانية، الناتج عن الحرب المدمرة التي تشهدها البلاد. مما يعني أن التحديات الحقيقية لم تبدأ بعد. فهذا يشير إلى حالة الارتباك والتخبط التي مرّ ويمر بها المجلس الوطني السوري منذ تأسيه، و الائتلاف الوطني الوليد من بعده، نتيجة للعشوائية والسبحانية في قرارات هذه الكيانات، بزعامة الإخوان المسلمين، وبعض قوى المعارضة الناشئة، أو ما يسمى بـ"معارضات اللحظات الأخيرة".
وعلى الرغم من ذلك، لا يتوانى الأخوان من طرح أنفسهم على الساحة كقوة رئيسية على الأرض، برفعهم شعار تطبيق الشريعة الاسلامية، لكسب ود البسطاء من أبناء الشعب، للتحضير للمنافسة الكبرى من أجل السيطرة على البلاد بعد سقوط النظام. وهذا مايعاني منه الشعب السوري بكافة أطيافه السياسية وغير السياسية بشكل يومي منذ أن دخل الاخوان على خط الثورة السورية. وأصبح الجميع يدرك، أن التكوين الفكري لهذه الجماعة، يتأسس على تجميع أكبر عدد ممكن من الأنصار عبر رفع شعارات دينية وعاطفية يتم تغييرها واللعب عليها، بناء على المتطلبات اليومية و عبر ضخ أموال طائلة إلى الداخل السوري لشراء الذمم والولاءات و لرفع الشعارات التي تناسبهم و لمنع الشعارات التي لاتناسبهم، بالإضافة إلى استبعاد أشخاص وتيارات سياسية بعينها من المشاركة في المظاهرات السلمية وفي صفوف الجيش الحر، بحجة أن هؤلاء يحاربون توجهاتهم الفكرية ولا يريدون أن يُحْكم بشرع الله.
من هنا، تظهر تحديات كبيرة أمام المجتمع السوري عموماً، تحديات حالية، وتحديات مستقبلية!!! التحديات الحالية تكمن في قدرة السوريين على ابعاد الاخوان المسلمين عن القرارين السياسي والعسكري للمعارضة السورية وللثورة، عن طريق دخول تيارات وشخصيات يسارية وليبرالية إلى هيئات المعارضة المتشكلة، وتنظيم عملية الكفاح المسلح، تحت قيادة عسكرية واحدة بأهداف وطنية واضحة دون إدخال عنصر الدين كعامل رئيسي وعدم اقصاء أي أحد من العملية الثورية. أما التحديات المستقبلية، فإنها ستكون مركزة بشكل أساسي على مسألة إعادة الاعمار وتعويض الخسائر للمتضررين، والبدء في عملية بناء الانسان الحقيقي، الذي يقع على عاتقه بناء الوطن والنهوض به إلى مصاف الدول المتقدمة، لأن سورية تحتوي على نسبة أمية ليست بسيطة. بناء الانسان المتطور والمتقدم، الذي باستطاعته مواكبة التطور العالمي، وذلك عبر اعطائه حريته وإعادة كرامته المسلوبة منذ عقود، وتمكينه من التحصيل العلمي المجاني والطبابة المجانية ضمن أسس من العدالة الاجتماعية يحفظها القانون. وهذا لا يمكن أن يقدمه الاخوان أو أية جهة دينية أو سلفية، وهاهي مصر وتونس مثالاً ساطعاً على ذلك، حيث ما أن وصلت القوى الدينية إلى الحكم، حتى بدأت بالاستئثار بالسلطة وتركيز الصلاحيات بأيديها لتتحكم بكل مقاليد المجتمع، مما أثار الشارع الثائر مرة أخرى ضد هؤلاء، ولا نريد لهذا السيناريو أن يتكرر مرة أخرى في سوريا. وهنا لا بد من الإشارة، إلى أن الأحزاب الفاشية والنازية في أوروبا، وصلت إلى الحكم أيضاً بهذه الطريقة، مستغلّة الظروف التي كانت تمر بها أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى، والأزمات الاقتصادية الكبيرة، وحالة العبثية التي سيطرت في تلك الفترة. لكن ما ان وصلت هذه الأحزاب إلى السلطة، حتى بدأت بالتعسف وقمع الحريات وكبت المجتمعات للانصياع لأفكارها.
أما التحديات الخارجية، فهي ليست اقل خطورة من التحديات الأخرى، إن لم نقل أكبر!!! إذ أن جميع الأجسام المعارضة التي تم تأسيسها بعد انطلاقة الثورة السورية المباركة، سعت جاهدة للحصول على رضى بعض الدول الغربية والاقليمية، للحصول على الدعم والتأييد، الذي تم توظيفه بالطريقة الخطأ. إلا أن ذلك قوبل بحالة من اللامبالاة من هذه الدول الداعمة، لأن ما يهمها هو الحصول على ثمن هذا الدعم!!!! وأوَّله، ضمان أمن اسرائيل. وهذا ماقام به الرئيس المصري محمد مرسي مباشرة منذ توليه المنصب، حيث ضبط حدود اسرائيل عن طريق السيطرة على شبه جزيرة سيناء ومنع تواجد أية عناصر تقض مضاجع الاسرائيليين، الأمر الذي نال عليه مرسي رضى اليمين الاسرائيلي حين خاطبه شمعون بيريز رئيس اسرائيل، بالصديق الوفي، بالإضافة إلى المخاطبات الدبلوماسية الغربية الأخرى المليئة بالاحترام والتبجيل، للمضي قدماً في الانخرط مع الدول الإقليمية، الأقرب إلى أمريكا، وهي تركيا وقطر، لتنفيذ المشروع الأمريكي في المنطقة في نهاية المطاف. وهذا الدور، سيقوم به الأخوان المسلمون في سوريا لاحقاً، وإلا لن يكون لهم أي دور فاعل، والدلائل والتصريحات تفيد، بأن إخوان سورية بالفعل ماضون في هذا الطريق، عبر تعهدات شفهية و ربما مكتوبة، بضمان سلامة اسرائيل والمصالح الغربية في سوريا مابعد الأسد، ناهيك عن عدم المطالبة بالأراضي المغتصبة كالجولان ولواء اسكندرون. مما يعني، أننا سنرزح ردحاً آخر من الزمن تحت وطأة التبعية للآخر، وكأننا نعيد عصر الاستعمار من جديد، وذلك بفضل سياسات الاخوان المسلمين الأنانية الضيقية.
وعلى الرغم من التجاوب الإخواني بهذه الطريقة، إلا أن واشنطن والدول الغربية، لا تستطيع أن تغض الطرف عن حالة الاستعصاء التي وصل إليها الإخوان في مصر وتونس، وأزّموا البلاد معهم!!!
من الواضح، أن أزمة الإخوان المسلمين، تتعمق أكثر فأكثر، عندما يتعلق الأمر في قيادة الجماهير، إذ أن أفكارهم لن تكون مقبولة أو متبناة من قبل الأكثرية لحسم الأمور في البلاد، وهذه مصر وتونس وما تشهداه لخير شاهد على ذلك. وخطورة ذلك تكمن، في أن الإخوان قد يضطرون للاستجابة أكثر للمطالب الدولية والأمريكية خصوصاً، للتغطية على عيوبهم الداخلية، وضمان عدم تخلي الغرب عنهم. من المؤكد أن أمريكا تحاول الاستفادة من هذه الأوضاع، لجعل الأخوان المسلمين بحاجة أكبر لدعمها الدائم.
هنا لا بد من الإشارة، إلى أن الغرب والولايات المتحدة واسرائيل، وبعض الدول العربية والاقليمية، يريدون أن يحققوا أهدافهم في تفكيك الجيشين المصري والسوري، التي سعوا إليها منذ عقود، وذلك عبر استراتيجية الاخوان الثابتة الهادفة إلى ذلك في كلا البلدين، رغم التباين في الظروف وملابسات الأحداث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يستطيع بايدن ان يجذب الناخبين مرة اخرى؟


.. القصف الإسرائيلي يدمر بلدة كفر حمام جنوبي لبنان




.. إيران.. المرشح المحافظ سعيد جليلي يتقدم على منافسيه بعد فرز


.. بعد أدائه -الضغيف-.. مطالبات داخل الحزب الديمقراطي بانسحاب ب




.. إسرائيل تعاقب السلطة الفلسطينية وتوسع استيطانها في الضفة الغ