الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القانون وحماية العيساوي

مالوم ابو رغيف

2012 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


تطبيق القانون والالتجاء للقضاء في الانظمة الديمقراطية عند حدوث النزاعات السياسية او الاجتماعية او الاقتصادية، والامتثال والالتزام بالاحكام القضائية الصادرة مع الاحتفاظ بحق تميزها والطعن بصحتها، دون ان يكون هذا الطعن موجها ضد نزاهة القاضي او عدالة القضاء، هو الاسلوب الوحيد المتبع في الدول التي تعيش حياة حزبية وديمقراطية واجتماعية سليمة، لايجاد الحلول للمشاكل التي، ورغم كل المفاوضات، لم يُفلح بالوصول لحلول لها او الوصول الى اتفاق على مساومة تضمن للجميع بعض من حقوقهم وتحتوي على جزء من تصوراتهم.

القاضي هو الوحيد الذي يتمتع بحصانة لا يمكن لاي سلطة سحبها منه، وهو الوحيد الذي لا يمكن محاسبته على احكامه وقرارته حتى وان اخطأ. يمكن تعديل الحكم القضائي باخر قد يكون اكثر انصافا لطرف ما، لكن لا يمكن محاسبة القاضي على نوعية الحكم. من الممكن الادعاء بان القاضي تغافل او لم ينظر بجدية او قدر كاف من التمعن بالادلة، لكن لا يجو اتهامه بتسيس القضية ولا بالتحيز لطرف ما.
ولان القاضي يتمتع بهذه الحصانة الكبيرة، ولان القانون ملزم ومفروض على الكل بنفس درجة القوة، ولأن الجميع له مصلحة بان تكون قرارات القضاة بعيدة عن التأثيرات السياسية والطائفية والدينية والكتلوية، تراهم يحرصون على ان لا يتدخلون في شؤون القضاء ولا ان يتعرض القضاة الى تهديد ولا الى ضغوط ولا الى تشهير، نرى القضاء عندهم نزيها وشفافا. الجميع يعرف ان السلطة غير دائمة، فمن كان اليوم داخلها قد يكون غدا خارجها وقد يجد نفسه وجه لوجه امام القاضي.
في الانظمة الديمقراطية، عندما تحوم شبهات الفساد او اساءة استخدام السلطة حول عضو او كادر متقدم لحزب حاكم او كتلة متنفذة، لن يسارع الكبار لنجدته ويبررون له غلطته، بل يتركون ذلك الى القضاء، فان اسائت اجهزة التحقيق استخدام السلطة او تجاوزت على القانون، او لم تراع قواعد السلوك الصحيح في اجراءاتها، آكان قبل او في اثناء التحقيق، عندها ستشكل لجان مختصة للتاكد من صحة الادعات، لكنها، اي الاطراف المتضررة، لن تلجأ مطلقا الى الشارع ولا الى المرجعيات الدينية ولا الى امراء الطوائف، ولا تتبع اسلوب التهييج الاعلامي لفرض ارادة او الغاء قرار او الطعن بحكم. في الانظمة الديمقراطية لن تقف الاحزاب مع اعضائها المتهمين طويلا، لانها تعرف ان ذلك سيضر بسمعتها وسيظهرها بمظهر المدافع عن الباطل، كما انها لن تقف حائلا دون استكمال كافة مجريات واجراءات التحقيق، ولا يحق لها المطالبة باطلاق سراح المتهمين دون قيد او شرط، فذلك يخلق تمايزا اجتماعيا وطبقيا ويضع البعض في منزلة هي فوق القانون.

في الديمقراطيات السطحية او الطارئة، والعراق من ضمنها، نرى ان الاجراءات القانونية واوامر القاء القبض، لا تشمل الاشخاص المحسوبين على الحزب الحاكم او الجهات المتنفذة، مع ان الفساد شامل وكامل.
فمن غير المعقول، والفساد ينخر في عظام الدولة ويفتك باوصالها، ان يكون وزراء ومدراء وسفراء واعضاء كتلة الحزب الحاكم بشكل خاص والآتلاف الوطني بشكل عام، بمعزل عن هذا الفساد العام، فلماذا لا تطالهم يد القانون ولا تحاسبهم اجهزته، مع ان اعراضه تبدو عليهم بشكل انتفاخات مالية واورام استثمارية وحمى شرائية؟
فهم مثل جميع الفاسدين لهم الحسابات البنكية المتخمة والفضائيات المتعددة يملكون القصور والعمارات والشركات ويتقاضون الرشاوى والعمولات، ويحتلون مناصيا تدرعليهم حليبا وعسلا، ويزاوجون بين السلطة ورأس المال، ويغسلون الاموال كانهم يغسلون ايديهم عند الوضوء، لهم ميليشيات فاتكة هاتكة على اهبة الاستعداد ليلا ونهارا، واخرى نائمة متى ما شائوا ايقضوها، ابنائهم وبناتهم يتمتعون بما يتمتع به اولاد الامراء والملوك من امتيازات وحمايات وتبذير.
من سيق من اعضائهم الى ساحات القضاء، وتحت ضغط اللغط وتصاعد دخان الفضيحة، وهو مثقلا باتهامات الفساد، خرج منها خفيفا كخروج الخيط من العجين، مهرعا مسرعا لمغادرة العراق الى حيث اودع ملايينه التي نهبها من اموال الناس، وستصله رواتبه التقاعدية بالاف الدولارات وهو في بلده الاجنبي الثاني، عبد الفلاح السوداني واخوانه مثالا صارخا للانتهاك و التهتك القانوني.

اننا لا نطعن بنزاهة القضاء العراقي، لكننا نطعن باجراءات التحقيق وكفائتها، بتقصيرها المتعمد في تقديم القضية مجتزأة غير كاملة، وبالتقاعس عن تقديم كل ما يثبت الادانة، وبذل الجهود لاثبات البراءة بتستر المسؤليين على الفاسدين المقربين.

في قضية القاء القبض على حماية المجاهد الاسلامي السابق في زمن الارهاب وربيع القاعدة، وزير المالية الحالي رافع العيساوي، بتهمة 4 ارهاب، يمكن انتقاد التعامل الفظ في عملية القاء القبض على المتهمين، اذ ان هذه الاجراءت التعسفية الموروثة من الثقافة البعثية السابقة، والتي ينتسب اليها قادة متميزون من القائمة العراقية، هي ميزة الاجهزة الامنية الحالية، التي رأينا سماجتها وهمجيتها وعنفها في التعامل مع المتظاهرين في ساحة التحرير، الذين كانوا يطالبون بالقضاء على الفساد ووضع حد لانتشاره، راينا كيف ان عددا من نواب كتلة القانون وابناء القادة كانوا يتفرجون من اعالي البنايات بالمناظير المكبرة، وكيف كانوا يتبادلون الضحكات والنكات وكانهم في مهرجان احتفالي وليس في معركة يضرب فيها الناس ويهانون .

لكن لا يمكن تقبل استخدام القائمة العراقية للتلميحات الطائفية، ولا تبرير الاساليب الغوغائية وتحريض الناس على المشاركة بمظاهرات عدائية طائفية، طاعنة بالقضاء والقضاة مطالبة بكل غباء وحماقة باطلاق سرح المتهمين بالارهاب.
ان ذلك ليس تجاوزا على القضاء والقانون فقط، بل هو استخفافا بالشعب واسترخاصا لدماء الضحايا ايضا.
ان مطالبة قادة القائمة العراقية باطلاق سراح حماية المجاهد الاسلامي وقائد مليشيات حماس العراق الارهابية السابق، وزير المالية الحالي رافع العيساوي، دون ان تخالج قلوبهم ولو ذرة شك واحدة بامكانية صدق التهمة، ودون ان يعتريهم ولو شيء من الخوف ومن التوجس، بان الغدر شيمة الارهابيين الغالبة، لذا من مصلحتهم معرفة الحقيقة للضمان سلامتهم على الاقل، يرجح لدينا الاعتقاد، بان رافع العيساوي وغيره من قادة العراقية ليس على جهل وغفلة من نشاط مجموعة الحماية الارهابي بل قد يكونون على معرفة واطلاع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيضانات عارمة تتسبب بفوضى كبيرة في جنوب ألمانيا


.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات




.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش


.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس




.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة