الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتور العيساوي،، وتطييف السياسة

سعد سامي نادر

2012 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الدكتور العيساوي،، وتطييف السياسة

لا شك ان صناعة سلسلة الأزمات و إدارة توقيتاتها أمر محير، وتعد قمة ما قدمته لنا نخبنا السياسية من انجاز ومهارة لديمومة وبقاء نظامنا الفاشل حياً، وهي واحدة من آليات تكليف شرعي لموت سريري يرعاه الله.. فإدارة الأزمات حزمة واحدة، يحتاج لمنظومة "ربانية" معقدة تحافظ بأمانه على ركام الفشل والخراب وتقاسم المنهوبات والغنائم وتوزيع الفقر والموت على الناس بالعدل. إنهم يذكروننا بعربة خربة تسير كتب على مؤخرتها : سيري وعين الله ترعاكِ !!
أزمتنا الأخيرة، ظاهرها، ملابسات طريقة اعتقال حماية وزير المالية صابر العيساوي, وباطنها أثارة اللغط والانقسام في الشارع لتعتيم ملفات أخرى. وكأن العراق كان بحاجة لأزمة.
في ظرف متأزم وحرج بلا منظور، حققت هذه الأزمة هدفها الخفي و غرضها السياسي و الطائفي والانتخابي على أكمل وجه. فخلال مؤتمر صحفي ذو نكهته سنية مفضوحة، حقق نواب العراقية (جماعة جبهة التوافق) ما عجز عن تحقيقه لسنوات، التحالف الوطني ودولة القانون والحكومة معا. أقصد اتهامهم العراقية بوصفها "قائمة سنية"، وكذلك تبرئة التحالف الشيعي من تهمة الطائفية. فهل حقاً العراقية سنية.؟
جاء الجواب من العراقية نفسها ومن مؤتمرها الصحفي، فهناك من تطوع ليمنح التحالف الشيعي نوط الوطنية والنصر, جائزة تحسين سمعة نهجه الطائفي المعلن والمبطن، ولوصم منافسه العتيد"العراقية " كـ"قائمة سنية"!! فهل تم تطييف جميع الفرقاء حتى العلمانيين منهم ؟
بخطاب متشنج غير محسوب العواقب، لا يليق بشخص الدكتور العيساوي تم التنازل عن المشروع الوطني للقائمة، راجعا بها للأصول، للجذر ، للرمز السيادي ! السني المتمثل بوزارة المالية ! محركا بذلك الحس و النزعة السنية الطائفية و"الفتنة النائمة" في شارعه. بخطاب طائفي أفرغ العراقية والسيد علاوي من اهم ما يميزهما ، شعار : الوطنية العابرة للطوائف!. فهل كانت دعوة مقصودة للتحشيد الانتحابي الطائفي قدمت مجانا لخدمة المتحاصصين معا؟ يا لخيبة العلمانيين !

خلاف الساسة، يعرف الجميع ان السنة بلا مرجعية وتقليد اصلا . فمظاهرات التأييد و التهديد والمؤتمرات الصحفية "السنية " النكهة، لم تصل بمستوى عقلانية ووعي ومسئولية ما صرح به الشيخ مهدي الصميدعي (رئيس هيئة افتاء السنة). لقد حذر الصميدعي الجميع من خطورة تحريك الشارع السني المهمش (الأخيرة لم يقلها)، محذرا من فتنة طافية دموية يديرها الساسة. انه يذكرنا بهول الأحداث الدامية ، ويرى المشهد السياسي بوضوح أكثر من ساستنا المنتفعين..لقد حذر من حرب طائفية يقودها ساسة الطرفين، طالبا من كل الاطراف التهدئة. فهل صناع الازمات يهتمون بالتهدئة فعلا!؟
لا شك ان اسلوب الاعتقال وتزامنه مع وضعنا الحرج يثير الريبة والخوف، وهو لا يبرر التعسف بتطبيق القانون ولا يبرئ الحكومة ولا القضاء العراقي من نفس طائفي وتسييس مبيّت .
فقضاءنا "المستقل" ما زال يواجه تهم عديدة من كل الأطراف، فازدواجية معايير تعامله مع ملفات الإرهاب والفساد أصبحت مفضوحة ومخجلة، و تجاوزات الحكومة المستمرة للدستور صارت كيفية وحسب ومتى ما تشتهي دون رقيب، وأزمات هروب الإرهابيين من السجون تتم وتغطى بلا حياء..
ان انتقائية تنفيذ القانون هو مفتاح تحريك حس المظلومية الطائفي والعرقي والطبقي . فهل وعت الحكومة دورها العادل؟ أم ننتظر من دولة القانون حكم الشريعة وقانون العشائر ؟
عدم استقلالية القضاء وازدواجية التعامل بملف الإرهاب والأمن(ملفات قيس الخزعلى وحاكم الزاملي كمثال ) وحده كافيا للشعور بالغبن والمظلومية، و في ذات الوقت يؤكد وجود نهج طائفي تمارسة السلطة التنفيذية. ولعل خروق دستورية وازدواجية معايير مفضوحة كهذه، ستنسي الناس عدالة ! دولة القانون وصولات فرسانها الشجعان.! فالانتخابات قادمة، وعلى أي أزمة سيكون الرهان إذن ؟ أظنها إدارة الحرب الأهلية !!
هل حقا ان حكومة دولة القانون لم تجد غير هذا الأسلوب المنافي للقانون لتنفيذ القانون ضد حماية وزير؟ أمر مخجل ان تطالب شريكك السياسي التعقل والصبر والتهدئة والعودة الى القضاء والقانون، وانت تمارس التعسف والانتقائية باستخدامه، والأمَر ! ان تنسي في الوقت ذاته، ان شريكك هذا يشبهك تماما بالنهج والسيرة والسلوك وحب المنافع، ويشاركك الذنوب ايضا !
يا سادة لا تذهبوا بعيدا، فالفاسدون هم شيوخ وقادة الإرهاب وقتلة الفقراء، لماذا هم طلقاء ؟ لماذا لم يعتقل واحد منهم بهذه الطريقة الحضارية لدولة القانون..؟؟
كان على من يمتلك حسا وطنيا ، اتخاذ موقف سياسي موحد للتهدئة ، وفي نفس الوقت، شجب الأسلوب اللا ديمقراطي والا مسئول واللا أخلاقي لكيفية اعتقال فوج حماية العيساوي ، دون غلو وتصعيد باستعراض القوة.
يقينا سيبقى نظامنا السياسي بلا متغيرات حاسمة، يصنع أزماتنا ويديرها بعون الله. فقوى الفساد المهيمنة، هي وحدها من تمتلك القوة والثروة والإعلام والميليشيات وسياسات التعمية وتجهيل الناس، وهي كفيلة لإقامة حلمها: يوتوبيات الإسلام الفاضلة في كربلاء والانبار وحمرين !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر