الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية الاشياء

رجاء رنتيسي

2012 / 12 / 24
الادب والفن


لماذا تبدو الاشياء, كل الاشياء حتى الزعتر والزعفران, حتى القمح وقصب السكر ومياه الشرب واحذية المارين على الطرقات ووجوه من احبهم ومن لا ادري ان نفذ رصيدهم في بقعة احتلوها من قلبي وكل ما مر امام ناظري خلال سنوات عمر ليست بالقليلة وكل الصور التي ابكتني واضحكتني والافلام التي جذبتني فشاهدتها حتى النهاية وتلك التي اطلت النظر محاولة استجماع تركيزي ومتابعتها دون جدوى. كلها نفذت كلها نفقت كلها تلك الاشياء تتدحرج باتجاه نهاية ما .
اشعر بقوة بنهاية الاشياء, احساس جارف ببرودة وصقيع وغياب كامل لشمس صباحية تاتي محملة بغناء فيروزي يوحي بحب قديم وباب عتيق يغلق على فتاة صغيرة تمتهن غناء الحنين لحياة خارج البوابة. لم تعد هناك وشايات ببدايات جديدة. ليس ما يوحي باي قادم مبتسم او اية مراة تعكس قواما رشيقا لفتاة عشرينيه تحتفل بعينيها تنكشفان على عالم من المتعة والحلم. هي النهايات فقط تحتل المرايا والبوابات والمساحات والحلم.
نهاية الاشياء لا بدايتها. نهاية الغرام المزمن والمبادئ المقدسة والمحرمات والممنوعات والخطايا. نهاية الحب العذري ولهفة اللقاء بقصاصة ورق معطرة تحتوي كلمه اوكلمتين . نهاية الحتميات والايمان المطلق بدورة التاريخ ونظريات الجدلية الديالكتيكية, نهاية الحق المطلق , نهاية الفضيلة والمدافعون عنها بقوة. نهاية كل ما له علاقة بما استيقظت يوما وظننت انه ابيض فاتضح ان السواد يحتفي في طياته. هناك نهايات تتدحرج امامي, احاول التقاطها لعلي امسك باي منها لامنع تدحرجها لكنها جميعها تتدحرج الىالمجهول بتسارع غريب.
هي نهاية لضحكات خارجة من القلب ونظرات بريئه طيبة توحي بامان وثقة.. نهاية لخصلات شعر طبيعية تتدلى بحرية على كتف مرفوع وتطير بفرح في سماء مدينة لا زالت تقطر بندى صباحي رطب يبلل الخصلات ويزيدها لمعانا. نهاية العيون المتلصصة للنظر الشبق دون الايحاء به. نهاية لامان في عيون من تشكي لهم هما طارءا ومن تناقش معهم فقرة من كتاب نال اعجابك. نهاية لوجبة طعام اعدت بشغف لقاء يجمع الجميع فردا, فردا دون استثناءات. نهاية رنين هاتف قديم يصلك بصوت من الماضي يعلن عن اشتياق لجلسة طاولة مستطيلة في مطبخ صغير كل محتوياته في متناول اليد. نهاية عمر مضى برومانسية انتصار الخير, انهزام الشر.
الاشياء, كل الاشياء تخرج من قشرتها, تعلن انتهائها وتدحرجها الى مجهول ما. هي نهاية ما لما كان يوما عندما ظهرت اسمائنا في سجل المواليد بدايات لاشياء ازاحت عن كاهلها نهايات اخرى كانت تبدو اكثر جمالا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف