الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ركلُ نعيق.. فركون

ابراهيم سمو

2012 / 12 / 24
الادب والفن



ركلُ نعيق.. فـركون





قصة قصيرة

بَـذْرُها واقعٌ وبَثيرُها خيالٌ



ابراهيم سمو

[email protected]









هذا الصوت البهيُّ ،تلك الكلماتُ الاثيرية ،الرقيقة ،التي سالتْ تتدفق برفق ـ واها لدفئها !!ـ عبر الهاتف ،عن شفتيه الى أذني ..تسحرني هي الكلمات،حتى أرسم بل ترسم مخيلتي ملامح صاحبها ...هو بدين . أجزم أو اكاد ثم أتراجع...لا.لا فهذا الصوت الرخيم لا ينبع الا عن ذي قدٍّ ممشوق ...لابد انه رفيع مثل القلم ظريف . فأستبعد كلَّ طول مؤذٍ عن قامته او قصر، ثم تلوكني أسئلة،أسئلة حائرة عن الوجه، والشفاه، والخد ،والعيون،والمنكبين ،والاصابع ؛بحيث لاأتردد... اركب رأس ملاك بكل ما يحمل من تفاصيل أنيقة على قامته التي اشتهي ..لا اطلاقا ،لا أتردد :أقيس كل ذلك على صوته ،واجتهد بل يجتهد الخيال ، الى حد أخالـُني فيه مليكة ،لوما ان الخيال عينه يتقهقر، ينفعل في قهقرته حتى يشرذم كل جمال عن تصوري ، فتعتريني دفقات من شؤم ... ألا يُحتـَمـَل ان يكون أعرجَ مثلا او أعورَ ؟! أؤنـِّبُ نفسي ...كيف أقيس الشكل على الصوت ..كيف أتعجل هكذا جزافا ؟! .

ثم تقتحمني ملامح مقيتة، تخص وجهَهُ والانفَ والصلعَ والقامة َ ،وأخيرا البشرة َ التي استحضرها قاتمة مثل بشرة "جنكو" الذي كان يجوب سوح قرية "الداودية " وأزقتها بكل خبل ومهبولية ..أقدُّ رأسَ "جنكو" بكل ما فيه من عيوب خلقية ،وأقعده أصيلعَ على بدن قزم ٍ أسقط َ ،ولا يفوتني ـ كي أكون دقيقَ الوصف ـ العوارَ الذي ـ يا كم ـ يزين العيون، فأنبس ب .. جنكو أجمل .

ـ من جنكو ؟ يعلوه استغراب

ـ شخص لا تعرفه . أغيّر الموضوع حيث انتبه، فأشاركه التحادث بجملتين أو ثلاث ،في مسألة لا يحضرني الآن نطاقها ،وانقطع مرة أخرى عن التواصل ،مع عدم نفييّ ان حصل وسايرته نقلة ًأو نقلاتٍ قليلة ً ب.. نعم ..صحيح ..محتمل . دون ان أكون قد فهمتُ محتوىً لمراد قوله؛ ذلك لإن بحرا من تيه شرع يراقصني .....كيف هي أخلاقه، سلوكه وصحته النفسية ...هل سيقدّر الرومانسية التي انا عليها ويمدني تاليا بدواوين محمود دروش ونزار قباني ..هل سيفهم مقاصد جبران اذا جادلته فيها ويندمج كما هو حالي عليه مع الصور والعواطف والخيالات،التي في بطون بلاغته ..هل قرأ يوما عن مجنون ليلى ،او سمع ب " عدولي ودوريِش" ..هل سيثمن الزنبقة النفيسة ،التي نسختها على الجزء العلوي من صفحتي في الفيسبوك حق تثمينها ...هل يفهم أصلا في الإتيكيت والتواصل الاجتماعي ،ام انه فظٌ مثل الدُّب غليظ ..هل قرأ شيئا لماركس ولينين وغيفارا ،بل هل يعرف ولو على السماع والدي الساطع في السياسة والقانون والشيوعية ، ام ان ساحته من العلم والفكر والسياسة لاتتعدى سوية جنكو والدببة ؟!

لا داعي ـ حيث أحسم ـ للاغراق كثيرا في التخمينات والتساؤل ،فلقد فضحته زلاتٌ لسانية في المهاتفة السابقة ،وتكشف انه كان ارتبط قبلا من الآن بخطبة احداهن ،ثم انقلب مثل السعدان عليها ، ففسخ ... اي قلب أرعنَ عليه هذا الطائش ..كيف قبلتُ أصلا ان يهاتفني ؟! كان علي ان أغلق الهاتف منذ المرة الأولى في وجهه النتن ..ما كان ينبغي ان أتركه يكررها حتى هذه .. أنا! كم انا (....؟!)؟. أزفر ويرد ...ما الخطب !!.

انرشق عليه ... كم كان عمرك ؟

يقول بنبرة مدهوش ... انا في الأربعين !!!

ـ"أربعيـــــــــــــــــــــــن"!....."أربعيـــــــــــــــــــــــن!. أكرر الكلمة ممطوطة واستفزه.... ما الضامن انك لست في الستين مثلا او الخمسين ؟!

فيجاوب محافظا على توازنه ....أمي ....كذلك الداية "زركة"التي ولـّدتني.. ثم لديّ شهادة تعريف مذيّلة بخاتم مختار محلـّتنا .

اتمادى ..المخاتير مرتشون وشهاداتهم كلها " تزوير في تزوير" . أشوط في التمادي ..ثم فالأمهات يصغّرن اعمار أولادهن ..كيف أصدّق ؟!! أطعنه بسؤالي المسموم هذا ، اتقصّد ايلامه ..هذا الابله احتالَ على تلك المسكينة حتى هبّطـَ روحها ويبتغي الآن بكلامه المعسول عليّ ...سأنتقمُ لها ..لنفسي :لانه تجرأ على مفاتحتي . ....ولكل ابنة حواء تأذت من أبن آدم.

أشنجُ بتباغت عليه ...أغلقْ الهاتف ..لاتصلح كي ادرسك رفيقا لحياتي ..اغلقْ يا ياخائن !

اقذفُ السماعة في الهواء اركلـُها بل اركلُ نعيقـَهُ مرددة ..خائن!

انعتـُه بالخيانة دون ان اتحرّى تفاصيلَ فسخ الخطبة والاسبابَ.. بلى أركل السماعة مثل لاعب جودو، وأنسى ان عمري كذلك قاب قوسين أو أدنى من أربعينه ،وان آخرا سواه قد لايكرر الطلب عليَّ ..بلى ـــ نعم أنسى مدركة تعجـّلي ـ هيهاتِ ـ بعد ركون .. فهيهات!!




بيليفيلد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري