الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساؤلات حول آراء الأستاذ محمد ارزقي فراد

عقبة بن سعد

2012 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


من المعلوم أن الأستاذ محمد ارزقي فراد له كتابات و بحوث في التاريخ و الفكر الامازيغي، و هو احد دعاة المصالحة مع تاريخ الجزائر و إعادة صياغته بما يخدم الأمة في حاضرها و مستقبلها، فما فتئ ينوه بهذا الجانب من الهوية الجزائرية و يعطى له صبغة إسلامية بدل أشكاله الكفرية و بعدا وطنيا بدل فروعه المحلية، فرغم انه بهذا التوجه حاول أن يصحح المفاهيم كي يتمكن المجتمع الجزائري من استرجاع جزءا مهما من تجانسه و تآلفه، و الذي فقده منذ زمن الوصاية العثمانية و حقبة الاستدمار الفرنسي، إلا أن أفكاره تعوزها الدقة و المفاهيم التي أراد أن يصححها تركها غير منسجمة و غير وفية.

الظاهر فيها تأكيد على ضرورة بقاء الامازيغية في دائرة الإسلام و جعلها رافد من رواد الثقافة الإسلامية و هذا مبدأ أصيل و غاية نبيلة، لكن محتواها مشحون بتشخيص خاطئ و غير موفق لأسباب انحراف القضية الامازيغية، حيث ألقى هذا الأستاذ باللائمة على ما سماهم بالمثقفين المعربين،لأنهم تخلوا حسب رأيه على القضية الامازيغية فتلقفها الغرب و جعلها مادتا ينفذ بها مشاريعه التي شتت الأمة، فأضحت الامازيغية لصيقتا بالتغريب و خادمتا له.
إن مصدر كل نجاح ظفرت به أية ثقافة عبر التاريخ، يكمن في أبناءها و إن اعتنى بها أقوام آخرون فان محركها الأول هم أبناءها و الذين ورثوها كما ورثوا دمائهم عن أجدادهم الأوائل، لكن مصيبة الامازيغية ليست وليدة اليوم، فإنني أتعجب لتحليل هذا الأستاذ و المبتور عن سياقه التاريخي و كما تقول النظرية ( الحاضر هو دالة للماضي) فالامازيغ هم الذين ظموا لغتهم و ثقافتهم منذ غابر الزمان، فكيف و قد كانت اللغة اللاتينية هي لغة الإدارة بلا منازع في زمن المماليك الامازيغية القديمة، و لعل ماسينيسا أراد تقليد الرومان في إدارتهم لشؤون البلاد، كما أن هذا الملك لم ترقه الوثنية الامازيغية فاجبر شعبه على عبادة آلهة تشابه آلهة الرومان مثل اله الجمال و اله العلم و اله الطبيعة و غيرهم، بحجة تهذيب الأذواق و لسنا ندري ما العيب إذا حافظ الامازيغ على آلهتهم و التي تعبر بدون شك عن خصوصيتهم القومية!!

إن أردت الإبحار في مجاهل التاريخ الامازيغي لوجدت زواياه تعج بأعلام الثقافة و الفن و العلم، لكنهم و للأسف لم يكونوا امازيغ إلا بدمائهم، و مؤلفاتهم و أعمالهم لم تكن امازيعية في يوم من الأيام، و حتى أسمائهم هي الأخرى لم تكن امازيغية، تجد منهم الفيلسوف أبولي ديمادور و المسرحي تيرانس والكاتب القديس سانت اغسطين و القديسة مونيكا و القديس دونات وغيرهم ممن يطول الحديث عنهم، أعمالهم و روائعهم كتبوها باللغة اللاتينية أما الامازيغية فرموها وراء ظهورهم و انغمسوا في الكتابة بلغة الآخرين، مأساة و محنة عاشتها هذه الهوية فأهملت اللغة الامازيغية لصالح اللغة اللاتينية في العصر القديم ثم أهملت لصالح اللغة العربية في العصر الوسيط و التي هي الأخرى اعتمدها المثقفون و العلماء الامازيغ كلغة للكتابة و تدوين البحوث و بقت الامازيغية ضحية أبناءها الذين أنجبتهم من رحمها من أمثال ابن بطوطة و ابن طفيل و ابن رشد و غيرهم، لقد أعطى العلماء الامازيغ للبشرية مثالا فريدا من نوعه في العقوق، ليس عقوق الوالدين بل عقوق اللغة و الهوية.

اعتقد بان تحميل الجيل المعرب من المثقفين هذه المسؤولية بثقلها و وزرها، يعتبر تبرئة للمقصرين الحقيقيين و تعليق لشماعة إهمالهم على أناس آخرين، كما أن هذا التشخيص يتسم بعدم الإنصاف لان الأجيال المعربة هي الأخرى كانت غارقة في مخلفات سياسة التجهيل، حيث كان الناس يتساءلون هل العلم هو العلم الشرعي فقط أم هو يشمل ايظا الطب و الفيزياء و الكيمياء...؟!! و كانت و لا زلت الأجيال المعربة تخوض حربا دروسا ضد أتباع الإدارة الجزائرية من اجل إقناعهم بضرورة استعمال اللغة العربية و إقناعهم بالحقيقة التاريخية القائلة بالانتماء العربي للجزائر، فان كانت هذه الأجيال غارقة و منهمكة في هذا الماراتون المتعب و المنهك، كيف يتاح لها الوقت و تعطى لها الفرصة في الدعوة للهوية الامازيغية؟!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة