الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الروسية بلا أستراتيجية وآفاق محدودة !!

محمد زكريا السقال

2012 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



من الواضح أن مرحلة الحرب الباردة التي سادت العالم لعقدين من الزمن ، مازالت عالقة بسياسي روسي ، الموروث الستاليني الشمولي ، تبدو معالمه ظلاله واضحة على كرميلن موسكو - وتبدو تجلياته على بنية السياسة الروسية حيث ينتابها الأنقراض والتآكل وتلاشي دورها الفاعل والمؤثر في عالم المصالح.
طبعت هذه السياسة وعلى طريقة الأنظمة الشمولية بتجيير كل حلفائها في العالم، كي تبقى متربعة على عرش يتقاسمه مركزان قيل يومها جباران ، ولا أعتقد ان حبروت السوفييت يومها تجلى إلا في ترك زمام المبادرة للولايات المتحدة الأمريكية حامية مصالح رأس المال العالمي وترسانته العسكرية.
حيث طغى الاستعراض على السياسة السوفيتية آنذاك وتضخيم منجزات الثورة وتمجيد قيادتها والتماهي مع فشلها .
وقمعها وسحقها ليس فقط لنظرية الإشتراكية وأسترداد الثروة من مستغلي الشركات والأسواق ، بل لجعل هذه النظرية شيطان رجيم، حيث مورس باسمها فظاعات واستخدمت للفتك والسحق والتشريد والنفي . مورس هذا كله وتلقفه صبيانها التلاميذ النبهاء بدول العالم الذين حملوا راية التحرر وتبنوا النضال لإنجاز التحرر الوطني والإقتصادي ، وباسم هذين المفهومين ،، على أحقيتهما وضرورتهما ،، إلا ان التطبيق والعقل المفوت والمسيطر عليه كل أخلاق السلطة القمعية البطريركية الشمولية، شلت المركز ، وفتكت به ومزقت إنسانه وبدأت رقعته تتشظى وينفلت عقدها لصالح المركز الثاني، مركز الرأسمالية ، مركز حقوق الإنسان والديمقراطية بكل ما فيها من الديماغوجيا التي بذلت وأسكتت الجياع وأمنت علاجهم وسمحت لأحزابهم بالعمل. الرأسمالية التي أصبحت حلم المقموعين والمسحوقين في دول العالم ، مسحوقين من أنظمتهم وواقع بؤسهم وممثلي الإيديولوجيا التي تبيح هذا السحق والذل وتهميش الأنسان كقيمة عليا ، تمجيدا لصالح الأب الجديد والحزب العتيد والأمين العام الذي يفكر عن الشعب والحزب والمجتمع .
هذه هي السمات العامة التي طبعت فترة الحرب الباردة التي كسرتها حناجر العمال التشيك في ربيعهم والذي كان الصرخة الأولى للحرية والإنعتاق ، ثم تتالت الحناجر البولندية بعد حين التي فجرت ربيع بدأ ينخر الجدار الحديدي ويتمدد حتى هدم السور واقتلع فرعون اوكرانيا ووصل قبر لينين وساحته الحمراء ، ربيع يشبه لحد ما ربيعنا العربي حيث الشرق كشرق لم يدخل الحداثة ولا خبر الحريات المتنورة ولا فلسفة التنوير ولا عقد روسوا.
الربيع الروسي انتج مجتمع منفلت ودهماء عطشى باعت النساء وأعضاء البشر بعد ان باعت كل المنجز السوفيتي الذي اثبت الواقع انه نمر من ورق ، وانتشرت عصابات المافيا والسرقات ووصلت أعمال المافية الروسية الناشئة لأوروبا ولعبوا دوراً لحين ، مجيء وانتاج بوتين الرهيب ، بوتين القادم من بنية القمع الروسي ، من أجهزة التخطيط الإستراتيجي لإدامة السلطة وترتيب البيوت وفرض السيطرة ،السيطرة التي تشظت وأعادت للحيات كل سمات المجتمع الماقبل حداثي الدين والقومية والعرق .
كثيرة وعميقة هي المشاكل والإشكالات التي تحاصر روسيا وتقض مضجعها ، تركة كبيرة لا تدري كيف تتصرف بها ، وكيف تسوق لمجدها الغابر. هي اليوم تحمل سمات المجتمع الرأسمالي وتبحث عن الأسواق وتطرح نفسها منافسا ، لكنها بنفس العقل السوفييتي وبنفس البلادة المتجمدة.
كيف تجلت نظرة السياسة الروسية في تعاطيها مع قضية الشعب السوري ومطالب حريته ، هل خرجت هذه السياسة من عباءة البلادة والفهم المتأخر للمتغيرات الحاصلة في المنطقة، هل يمكن تبرير استمرار الدعم الروسي للنظام حتى هذه اللحظة. كل هذا يمكن رؤيته في حركة السياسة الروسية المعلنة والتي يمكن اختصارها في النقاط التالية:
على مستوى السياسة الداخلية
1 ـ ترتيب سلطة أمنية ، تفتك بالمعارضة وتبقي على مافيا السلطة السروسية وتلغي نداء الحرية لدى الشعب.
2 ـ تقريب وتلميع الموالين ودس الشقاق بالمجتمع.
على مستوى السياسة الداخلية
3 ـ استمرار التماهي بالعلاقة وتقديم الدعم لدولة استبدادية والإصرار على الاصطفاف بجوار الطغاة.
4 ـ عدم الاكتراث لأي تحرك بالعالم المتفجر والذي أصبح يحس بوطأة الأزمات الأقتصادية والفقر ونهب الثروات .
5 ـ لم تسوق ولم تستفد من تاريخها كدولة غير استعمارية في منطقتنا، بل راكمت الخيبات من ردود فعلها وعدم فاعليتها.
لهذا نجد الروس يسمون سياستهم بالخسارة دائما ، مترددين ، يقفون بالجانب الخطأ بينما الدول الرأسمالية يقفون وبمراوغة مع الشعوب المنتفضة ويدعمون تطلعهم للحرية والأنعتاق من الأستبداد .
لا يمكن الأستغراب بأن السواد الأعظم من السوريين ، يكاد يجزم بعدم جدارة السياسة الروسية ، بل اصبح لديهم قناعة بأن الروس شركاء بقتلهم وتدميرهم وبوقوفهم لجانب النظام المجرم والفاسد.
عول الشعب السوري ان يقف الروس الى جانب مصالحهم ، حيث افترض ان روسيا ستدعم نضالهم لإنتزاع الحرية والكرامة وستساهم معهم في بناء دولتهم الحديثة الدولة الوطنية الديمقراطية دولة المواطنة ، حيث يمكن ان تكون بوابة الدخول للمنطقة من أجل فرض سياسة توازن واعادة ترتيب المنطقة التي استبيحت ومزقت ونهبت ثرواتها والروس يتفرجون بل غائبون بالمطلق عن السياسة .
ما الذي جناه الروس بهذه السياسة ، بعض الفتات الذي تمول به إيران صفقات السلاح للعراق وسوريا وحزب الله ، وبعض الأموال المودعة بالبنوك الروسية ، ما هي نظرتهم لمستقبل علاقتهم بالمنطقة ، ماذا يمكن ان يكون لوجودهم بعد ان ينهزم الطغاة ، هل ستبقى هذه الصفقات ، التي اثبتت وعلى عقود ان السلاح الروسي أو الأمريكي دون انسان ومواطن وحرية وكرامة ، هو سلاح بلا فاعلية ،،، بل سيكون عبئا مدمرا للشعوب .
روسيا تطلب من قوى المعارضة السورية زيارتها ، وتطلب لقاءات واجتماعات ، عامان والشعب السوري يتطلع لحل حقيقي ينهي مآساتهم مع هذا الطاغية ، عامان وكل القوى ذهبت لموسكو، وتكلمت عن تمتين العلاقات ودور روسيا بالمنطقة الذي سيقوى وسينموا اذا وقفت لجانب شعوب المنطقة الذين يتطلعون للحرية والخلاص والإنعتاق من المجرمين والقتلة الفاسدين ،، قالوا الكثير ، قالوا أكثر مما قاله مالك بالخمر ،، ومن الواضح ان الروس لايشربون الخمر المعتق، بل الفودكا التي لم تساهم لغاية الآن بأشعال عقلهم وقدحه ليعرفوا كيف يعمل بالسياسة عندما تهب رياج التغيير في العالم وتتولى الشعوب زمامها ،،.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد مصرع رئيسي.. هذه تحديات كبرى تواجه إيران ! | الأخبار


.. سر من أسرار محمود وبيسان.. كيف تطورت علاقتهم؟ ????




.. انتخابات مبكرة وإدارة انتقال مضطرب.. امتحان عسير ينتظر إيران


.. جنوب لبنان.. حزب الله ينعى 4 من عناصره ويهاجم مواقع إسرائيلي




.. إعصار الجنائية الدولية يعصف في إسرائيل | #التاسعة