الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجبهة الشعبية:حصان خاسر في السباق الفلسطيني

طلال ابو شاويش

2012 / 12 / 25
الادب والفن


الجبهة الشعبية / حصان الخاسر في السباق الفلسطيني!
بقلم / طلال أبو شاويش

لم تتمكن الجبهة الشعبيةـ هذا العام وخلال إحياء حفل انطلاقتها ال"45" أن تعيد رسم المشهد المهيب الذي تم صناعته قبل سنتين في ملعب فلسطين بغزة... ذلك المشهد الذي اعتز به كل إنسان جبهاوي أو أي إنسان يساريّ تقدمي. ولا أدري ما هي الأسباب الداخلية التي حالت دون ذلك، غير أني أشعر بالأسى والألم أن يقتصر مشهد الاحتفالات بذكرى الانطلاقة على حركة حماس أو الجهاد الإسلامي الطارئتين على زمن النضال الفلسطيني رغم مراكمتهما لكم ونوع تحترمان عليه في خلال أقل من عقدين من الزمن. واقتصرت الاحتفالات على مسيرة في غزة وحفل آخر في البريج وآخر في خانيونس وبحضور عضو المكتب السياسي ليلى خالد ... ولم تنتبه لها جميع وسائل الإعلام كما حدث يوم ملعب فلسطين – ذلك اليوم المشهود!
إنني أرى أن الفرصة التاريخية لا تأتي إلا مرة واحدة، وقد جاءت هذه المرة لتفرش الأرض أمام الجبهة خصوصاً ولليسار عموماً للقفز على هذه الأرض بخيار ثالث لا بديل عنه بعد الانقسام الفلسطيني الذي أعلن فشل مشروع حركة فتح ومن ثم بعد سنوات من سيطرة حماس على غزة وفشل برنامجها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بصورة صارخة.
فلماذا تترنح الجبهة الشعبيةـ ، هذا الجسد القديم والمكتنز بتجارب نضالية ربما لم تتوفر لكافة الأحزاب والحركات الأخرى على الساحة الفلسطينية وربما المنطقة العربية برمتها.
ولماذا لم يستطع هذا الوجود الأصيل أن يملأ الفراغ الذي خلفه فشل فتح وحماس في قيادة الجماهير نحو أحلامها كخيار ثالث لا بد منه ؟!

• أولاً: - وهذا هو الأهم – غابت الهوية الجبهاوية الثورية تماماً خلال السنوات المنصرمة وتاهت في خضمّ التحولات الهائلة التي جرت في فلسطين وفي المحيط العربي ... فلم يعد أحد يرى أن الجبهة حزباً ماركسياً لينياً ثورياً صاحب هوية واضحة وانما حزب تاريخي يتكئ على الموروث النضالي ومصاب بالشلل بل والنكوص في أحيان كثيرة وبتنا نرى رموز هذا الحزب الماركسي اللينيني وكادرات الوسط والقاعدين لا يبرحون المساجد بل وينشرون صورهم على الفيس بوك وهم في "مكة المكرمة" -الاسم الحركي للتخلف العربي- أثناء حجيجهم باعتزاز وفخر! بل إن أحد هذه الكادرات ومن الصف الأول أقام وليمة يوم أعلن توبته وإسلامه وصلى في المسجد حيث دعى كبار مشايخ القوم ليباركوا إسلامه!!!
وإذا كان هذا التشوه للهوية قد حصل ، فما الذي أصبح يميز الجبهة عن غيرها من الحركات والقوى الفلسطينية الأخرى ، بل ما هو مبرر وجودها أصلاً إن لم تكن حزباً ماركسياً لينينيا؟!
أما من يحاول تبرير بالتهدلات البلاغية و المصطلحات البراقة كالتكتيك والاستراتيجية وعقيدة المجتمع والذكاء الجماهيري وغير ذلك ، فأقول له : هذا هراء ! فالمؤسسين أنفسهم لم يخجلوا أو يترددوا أن يعلنوا على الملأ تبنيهم للماركسية اللينينية وفي السستينيات وكان ذلك قولاً نظرياً وممارسة في السلوك !
وحقيقة الأمر هو ضعف القناعة بالنظرية العلمية وتراجعها وتراجعها والعجز أمام الردة والانجراف لليساريين باتجاه قناعات الطين والتخلف والرجعية الدينية ، واللوم الكبير هنا موجه للقادة والرموز وكوادر الوسط أكثر من القاعدين الذين لم يجدوا النموذج اليساري الماركسي اللينيني الثوري الحقيقي بين صفوف قياداتهم!

• ثانياً: جمود البرنامج السياسي وتحجره ، وعدم امتلاك زمام المبادرة لإعلان المواقف الضرورية وإن حدث ذلك فيكون دائماً متأخراً وليس في اللحظة الثورية المناسبة ، فنحن لم نعد نعرف بشكل حاسم إن كانت الجبهة ـ مع المفاوضات أم ضدها ، مع الكفاح المسلح في الضفة أم ضده ، مع الهدنة أم ضدها ، مع خطوة أبو مازن في الأمم المتحدة أم ضدها ، مع المقاومة في غزة أم ضدها ... ومن يدعي أن كل هذه الأسئلة قد أجابت الجبهة عنها ، أقول له أن الإجابات إما لم تكن شافية وإما كانت متأخرة أو أنها تعلن ثم تطوى في الأدراج تحت مبررات المصلحة الوطنية العليا وعدوم الخروج على الاجتماع الوطني !

• ثالثاً: البنى التنظيمية البالية والمهترة والمستندة إلى نظام داخلي يحتاج إلى التطوير المستمر ، فلا يجوز بأي حال أن تبقى الهيكليات التنظيمية للجبهة هي نفسها التي تسببت في تآكلها ونكوصها وتأخرها عن الركب ... مؤتمرات ... لجان ... فروع ... مناطق ... روابط ... خلايا ... حلقات غير قادرة على استيعاب أعضائها وأنصارها ، وخصوصاً مع توالي الأجيال واختلاف الطاقات والرغبات والقدرات للكادرات المختلفة ... ولهذا نرى مشهد الجبهة الخارجي وأقصد من هم من الأعضاء والأنصار خارجها أو ما يحلوللبعض تسميتهم ب" المستنكفين" هذا المشهد أغنى وأوسع وأكثر عدداً ونزعا ممن يكونون المشهد الداخلي لها ...

ففي المشهد الخارجي هناك الاطباء و المهندسون والإعلاميون والكتاب والمعلمون ومدراء المدارس والمحاسبون والصناع والعمال وو..... الكثير من الشرائح التي لا تتسع بنى الجبهة التقليدية لاستيعابهم ، ودائماً يصيب الفشل كل المحاولات والمبادرات التي تسعى لتحرير الحزب من انشداده الأعمى لبُناه القديمة والتي تخدم بقاء البعض في مناصبهم فقط!

• رابعاً: الأزمة المالية وآثارها المدمرة ... وهي من القضايا الخطيرة التي أساءت الجبهة إدارتها والتعامل معها بصورة علمية ومهنية ... فلا يمكن للمتأمل أن يفهم أو يتفهم وجود هذا العدد الكبير من مؤسسات وجمعيات ومراكز الجبهة المتنوعة ، ثم يتحدث عن أزمة مالية !
غير أن سوء الإدارة وعدم رسم العلاقة بين الحزب والمؤسسات بصورة محددة وحاسمة يسهم وبصورة واضحة وحاسمة بانتشار الفساد وتدمير هذه المؤسسات دون أن يستفيد الحزب منها بصورة تحفظ آفاق تطوره ، واسناده بما يلزم بصورة منظمة.
إن فشل الجبهة في توفير احتياجاتها المالية هو فشل قيادة وليس قاعدة أو مؤسسة ... إنه التدخل السافر من قبل هذه القيادة في سياسات المؤسسات في التوظيف والصرف والاستثمار والتوجيه وفرض ( السياسية والعنصر ) الحزبيين على هذه المؤسسات وربما هذا ما دفع الكثير من الكادرات النوعية إلى تبني مواقف حادة تجاه جبهتهم وانحازوا إلى دائرة ( الأنجزة ) وقبعوا فيها أسرى لرواتبهم المتضخمة وباتت أولوياتهم المصلحة الشخصية والمؤسسية بعيداً عن تدخلات الحزب وقياداته وأدواته فيها !
إن من يرى واقع الجبهة الحالي يصاب بالألم ويحس بالغصة والمرارة ، وإن المتأمل لحالة التردي والتراجع يكاد يشعر وكأن هناك مؤامرة مركبة تنفذها أصابع من الداخل والخارج لتدمير هذا الإرث الثوري الهائل وإبقاءه مجرد جسد هزيل يتغنى بأمجاده وتاريخه دون أن يقوى على أي فعل في الظرف الراهن ...
أقول ذلك وأملٌ ما يغمرني بأن الجبهةـ لابد وأن يعبرها الربيع الثوري بعد حين لينفض غبار وصدأ السنوات المنصرمة ويعلن بحسم ووضوح استعادة الهوية الثورية الماركسية اللينينية والتي تمتلك تفسيراً حاسماً لقضية الأديان برمتها نظرياً وممارسه ... وتعيد تشكيل الجيل الجديد ذو القدرة الثورية الجبهوية الأصيلة التي تؤمن بحرية الإنسان وانفتاح عقله على آفاق العلم والتكنولوجيا دون أية قيود.
الربيع الذي سيعيد إلى هذا الحزب الهوية والوضوح والصلابة لبرنامجه السياسي ، والاحترام والالتفاف الجماهيري حوله وكذلك ستفتح الأبواب على مصراعيها لعودة كل رجال الجبهة الذين لم يجدوا المواقع الكريمة لهم وكلٌ في إطار انتمائه الوظيفي والمهني المناسب ، ليصنع كل ذلك حزب الغد – الحصان الرابح في معارك المستقبل !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا