الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدستور المغربي.تأويل التنزيل

حميد المصباحي

2012 / 12 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


يعرف الحقل السياسي المغربي,غرابة في إنتاج المفاهيم السياسية,ينم عن الكثير من التداخلات و الإلتباسات,التي تعود في أغلبها لغياب الجدية في المراجعة الفكرية لهذه الملفوظات,التي لا يمكن اعتبارها مفاهيم,لا في علم السياسة ولا الفكر السياسي,فما هي هذه المفاهيم التي تأسس عليها الخطاب السياسي المغربي,و ما هي أجه اللبس والغموض فيها؟ثم ما هي أبعاد هذا الخلط والغاية منه؟
1فكرة الدستور
احتل الدستور,كفكرة في التاريخ السياسي المغربي,حيزا مهما,بحيث خاضت الحركة الوطنية جل صراعاتها السياسيية ضد النظام المغربي,حول الدستور,بحيث وصفته بالممنوح,إشارة منها إلى أهمية الإتفاق حول الدستور,باعتباره القانون المنظم للممارسة السياسية للدولة,التي كان الملك يمثلها وحده ويسعى لاحتكارها,وعدم تفويض القليل منها لأية مؤسسة أخرى,حتى لو كانت البرلمان أو الحكومة,التي لم يكن لها أي دور تقرير في كل الدساتير التي عرفها المغرب في مرحلة حكم الحسن الثاني,بحيث اشتدت المنافسة حول مقتضيات الدستور وثوابته,ولم يكن الحكم يثق في الديمقراطية كما هي في الغرب,بل كان لابد من أسلوب حكم ينسجم مع طبيعة البنى الخاصة بالتركيبة المغربية كما تصورها آنذاك نظام الحكم المخزني القديم,وبذلك فقد احتلت فكرة الدستور دورا محوريا في التفكير السياسي المغربي,معارضة وحكما,و ربما شكل بؤرة التفكير الأساسية,بما عرفته من تهديدات ومزايدات دفع ثمنها المغرب من تطوره الإقتصادي والثقافي وحتى السياسي العام,وقد اعتبر الدستور في نظر فئات واسعة,من المتعاطفين مع القوى السياسية الديمقراطية,مدخلا جوهريا للإصلاحات الديمقراطية,وتوسيع صلاحيات الحكومة,لتكون قادرة على تنفيذ برامجها مما يقود لتحقيق إقلاع اقتصادي ونمو ضامن للتطور والتخلص من التخلف.
2فكرة التنزيل
هناك دستور,منظم لعلاقة السلطة بالمجتمع,دستور 2011,كاستجابة لحراك سياسي,بل تتويج لصراعات الحركة الوطنية في دفاعها عن الديمقراطية,لكن الغريب,هو أن الدستور المكتوب والمتفق حول محتوياته,يحتاج إلى تنزيل,فهل هو وحي يحتاج لنبي,مما يعني قداسة النص,كإيحاء للقديم والمكتوب منذ أيام النبوة؟؟
أم هي مجرد مصادفات,و سوء اختيار لمصطلح اتفق حوله اعتباطيا؟؟؟
فكل دستور,لمجرد اعتباره كذلك,فقد صار قانونا ملزما للكل,وإليه يحتكم في كل الصراعات السياسية والإجراءات الإقتصادية,و غيرها من الإجراءات,رغم القول بأن هناك تفاصيل مدققة في الكثير من القوانين التنظيمية,التي لن تكون مخالفة لما هو دستوري,من منطلق سمو القوانين الدستورية,وانعدام وجود ما يتعارض معها من القوانين التنظيمية,بعيدا عن الأعراف والرغبات والميولات,التي تبتغي إرضاء هذه الفئة أو تلك كما اعتادت المجتمعات المتخلفة أن تفعل,فعن أي تنزيل يتحدث الساسة؟؟؟
وهنا نجد الخلفية السياسية التي تتحكم في مثل هذه المفاهيم والتلفظات,فالدستور الديمقراطي,لا يمكن أن تسهر على تطبيقه إلا قوى سياسية ديمقراطية,وما دامت الحكومة الحالية بقيادة حزب ديني,فهناك خطر سوء التنزيل من خلال التأويل غير الديمقراطي للدستور الديمقراطي.
3فكرة التأويل
لا يخفى على أحد الحمولة الدينية لهذا المصطلح أيضا,فالتأويل معناه إضفاء المعنى على ما يناسب اللفظ تهربا من تفسير النصوص وفق الموروث و المأثور الذي اعتمده الفكر الفقهي تهربا من استخدام القياسات العقلية لفهم النصوص الدينية المقدسة,وبذلك,فإن الدستور قابل للتأويلات غير الديمقراطية,تلك التي تحوله لقوانين تحكمية,تحرم المعارضة تدريجيا من آليات الرقابة وحصرها فيما هو تقني وشكلي,بل إن المعارضة ذهبت حد اعتبار التأويلات المغرضة الغاية منها التراجع عن السلطات التي تنازل عنها الملك لصالح رئيس الحكومة,الذي لن يخسر شيئا إذا تنازل عنها مقابل خنق المعارض وتصويرها كمزاحمة للملك في توزيع المهام وخصوصا تلك التي عرفت نزاعات تاريخية مع المعارضة الإشتراكية بالخصوص,أو ما سوف يعرف بالملكية البرلمانية,التي تريد تقوية البرلمان لتكون سلطته متوازنة مع سلطات الملك,بدون اللجوء إلى صلاحيات غامضة,مستمدة مما هو ديني,كسلطة إمارة المؤمنين,التي لجات إليها الملكية في المغرب لتكفير المعارضة والتشكيك في إيمانها لأنها شقت وحدة صف الأمة.
خلاصات
إن التلفظات الغامضة التي تنتج بالحقل السياسي المغربي,ناتجة أولا عن غياب تدقيق فكر سياسي يتابع وينتقد تلك الخرجات الغريبة للساسة المغاربة,الذين فقد الكثير منهم الريادة الفكرية والمتابعة الجدية لما تعرفه الحقول المعرفية من اجتهادات وأفكار,كما أن غموض بعض بنود الدستور تحتم اللجوء إلى الغموض في التفسير والتأويل,إضافة إلى تأخر المؤسسات التشريعية في سن القوانين المنظمة وفق المتفق حوله دستوريا بعيدا عن سياسات جر الحبل بين الحكومة والمعارضة,التي عرفت تشنجات انفعالية غيبت التفكير وجردته من فعالية التعمق .
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ