الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبادرة عربية جديدة للسلام ... أية مهزلة هذه ؟

عليان عليان

2012 / 12 / 26
القضية الفلسطينية



من يرصد الإجراءات ، والمواقف الإسرائيلية بعد انتصار المقاومة غير المسبوق على العدو الصهيوني ، وبعد قبول فلسطين ، دولة غير عضو في الأمم المتحدة ، والاستحقاقات والمزايا المترتبة على هذا القبول ، ومن يرصد كذلك مواقف معظم الدول العربية ، بعد الإنجازين الفلسطينيين يتبدى أمانه ذات المشهد ، منذ أكثر من عقدين من الزمن ، وبهذا الصدد نشير إلى ما يلي :
أولاً : أن حكومة نتنياهو ، بمصادقتها على بناء ما يزيد عن عشرة آلاف وحدة إستيطانية ، في القدس ومحيطها ، وفي مناطق من الضفة الغربية وبقيامها بحملة اعتقالات جديدة ، وبحجز أموال الضرائب والجمارك الفلسطينية ، ردت على التطورات سالفة الذكر بعدم الاكتراث للشرعية الدولية ، ولا بموقف الرأي العالمي ، ولا بموقف الدول الغربية المندد بالاستيطان ، وأنها تتصرف " كدولة فوق القانون " ، وهي منسجمة مع نفسها في سلوكها الثابت هذا منذ قيام الكيان الغاصب على أرض فلسطين منذ عام 1948 ، بدعم غير محدود من الولايات المتحدة .
وأصبحت مهمة النظام العربي ، والجانب الرسمي الفلسطيني المتابعة الإحصائية ، لإجراءات العدو الاستيطانية ، وعدد الوحدات الاستيطانية التي جرت المصادقة عليها ، والحديث عن تحول الضفة الغربية إلى معازل ، مفصولة عن بعضها البعض ، بالمستوطنات والبؤر الاستيطانية وعزل شمال الضفة ، عن جنوبها عبر استكمال مخطط E1 الاستيطاني ألخ.
و نعيد التأكيد هنا ، على أنه ما كان بوسع الكيان الصهيوني أن يستمر في سلوكه الإغتصابي الاستعماري ، لولا الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة له ، ولولا الحماية التي توفرها له في مجلس الأمن ، ولولا التواطؤ العربي الرسمي ، وهذا القدر الكبير من الارتهان للإرادة الأمريكية .
ثانيا : وهذا هو الأهم ، أن أطراف عديدة في النظام العربي بدلاً من أن ترد على هذه الغطرسة الصهيو – أميركية ، بدعم الجانب الفلسطيني في مواجهة البطش الصهيوني ، وبدلاً من أن تراكم مادياً ومعنوياً على الانتصار التاريخي ، الذي حققته المقاومة ، في ردها على العدوان الصهيوني تحت مسمى " عامود السحاب " نراها تعمل العكس ، عبر العمل على إذلال الجانب الفلسطيني ، وجلبه لبيت الطاعة الصهيو أميركي.
معلوم لدى الجميع أن رئيس السلطة الفلسطينية ، عندما ذهب للأمم المتحدة كان يتوقع مثل هذه الإجراءات الإسرائيلية ، وطلب من لجنة المتابعة العربية ، توفير شبكة أمان مالية عربية ، ووافقت دول الجامعة العربية على توفير هذه الشبكة ، لكن هذه الدول في السياق العملي تنكرت لوعودها نزولاً عند الاملاءات الأمريكية ، وما قاله عضو اللجنة التنفيذية واصل أبو يوسف ، بأن عدم دفع الحكومات العربية لما التزمت به ، جاء نتيجةً للضغوط الأمريكية صحيح جداً.
وبات واضحاً أن الجانب العربي الرسمي ، في مفاصله العديدة المرتهنة لواشنطن ، يسعى وعن قصد ، لتبديد أية إمكانية ، لتثمير انتصار المقاومة سياسيا ، ولتبديد أية إمكانية ، لتثمير حصول فلسطين على وضعية " دولة غير عضو " في مختلف المجالات .
باختصار شديد يريدون من قيادة منظمة التحرير ، العودة للمفاوضات المباشرة ، في سياق مبادرة عربية جديدة للسلام ، وهجوم عربي جديد للسلام ، بدلاً من استثمار الوضع الجديد الناشئ ، بعد انتصار المقاومة وبعد قبول فلسطين " دولة غير عضو " الذي يصحح نسبيا ً ثغرة أوسلو القاتلة - التي اعتبرت الضفة والقطاع ، أراض متنازع عليها - ، بحيث نصبح أمام دولة فلسطينية محتلة ، خاضعة لاحتلال دولة أخرى .
والمبادرة العربية الجديدة – كما أعلن عنها - تقوم " على إطلاق المفاوضات لمدة ستة شهور ، بعد الانتخابات الإسرائيلية ، يرافقها تجميد الاستيطان خلال هذه الفترة " ووفق مصادر لجنة المتابعة العربية ، فإن وفداً منها ، سيتوجه الشهر المقبل ، إلى الدول والجهات الأعضاء في اللجنة الرباعية الدولية ، الخاصة بالسلام في الشرق الأوسط ، بالاضافة إلى الصين لعرض المبادرة عليها .
ومعظم أطراف النظام العربي ، تدرك في الصميم ، أن طرح المبادرة الجديدة مضيعة للوقت ، وأنها تسهل مهمة الكيان الصهيوني في الاستمرار في عمليات التهويد والاستيطان ، وفرض سياسة الأمر الواقع ، وأن الهدف من طرحها هو تفريغ الإنجازين الفلسطينيين الأخيرين ، من محتواههما لكنها لا تستطيع أن تفعل غير ذلك ، لأن قرارها ليس بيدها ، بل بيد الإدارة الأمريكية .
إن المتغيرين الرئيسين " انتصار المقاومة ، والحصول على صفة دولة غير عضو " أربكا معظم أطراف النظام العربي ، فانتصار المقاومة أعلن بقوة عن إمكانية هزيمة العدو - في الوقت الذي كانت معظم هذه الأطراف تتبجح باستحالة ذلك ، وأن الحل يكمن ، في التخندق في خندق المفاوضات والمبادرات التسووية.
ناهيك أن انتصار المقاومة ، يعري ويفضح ، مقولات الاستسلام وأصحابها الذين استمروا في لوك عبارات ، وشعارات مكشوفة ، من نوع " أن هجوم السلام يعري إسرائيل أمام المجتمع الدولي " " والسلام خيار استراتيجي ".
وتتناسى معظم أطراف النظام العربي الرسمي ، كيف تعامل العدو الصهيوني مع المبادرة العربية للسلام ، التي جرى إقرارها في قمة بيروت عام 2002 ، حين رفضها واستمر في رفضها ، حتى اللحظة الراهنة ملقياً بها في سلة المهملات .
وتناسى النظام العربي ، كيف بهدل نفسه ، عندما عمل على تلخيصها في قمة الجزائر عام 2004 ، حتى يسهل على الإسرائيلي فهمها ! ، وتناسى عندما أساء لنفسه وللأمة العربية جمعاء ، عندما نشر هذه المبادرة في وسائل الإعلام الصهيونية ، مزينة بأعلام الدول العربية والإسلامية حتى يقبل بها اليهود في الكيان الغاصب ، على قاعدة أن كافة العواصم العربية ستعترف ( بإسرائيل ) ، لو قبلت بمبدأ الأرض مقابل السلام .
كفى مبادرات هزيلة ، وكفى استسلام للمشيئة الأمريكية ، بعد انتصار غزة غير المسبوق ، وبعد الانجاز الهام في الأمم المتحدة ، ويتوجب على القيادة الفلسطينية ، أن لا ترضخ لابتزاز المال العربي الرسمي ، " فالحرة تجوع ولا تأكل بثدييها " والشعب الفلسطيني المعطاء ، مستعد أن يضحي دائماً وأن يشد الأحزمة على البطون ، إذا ما أدرك أن قيادته مصممة على تحدي الضغوط ، التي تستهدف النيل ، من حقوقه وثوابته الوطنية ، في إطار إستراتجية للمقاومة واضحة المعالم .
وعلى قيادة السلطة أن تترجم مقولاتها " بأن الاستيطان خط أحمر ولن تسمح به " بتطوير المقاومة ، داخل الأراضي المحتلة بكل أشكالها وطرح موضوع الاستيطان مجدداً في مجلس الأمن ، وبوقف التنسيق الأمني نهائياً مع العدو الصهيوني ، وبسرعة التوجه ، للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية لتقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين للعدالة الدولية .
ولا بد من طي صفحة الانقسام وتطبيق اتفاق المصالحة ، عبر تنفيذ كل الملفات بالتوازي وليس بالتوالي ، ليس على قاعدة " بوس اللحى " بل على قاعدة برنامج وطني ، مرتكز على إستراتيجية المقاومة ، ومن ثم تثمير هذه الإستراتيجية سياسياً .
وبدون ذلك تذهب الانجازات الفلسطينية أدراج الرياح ، " وكأنك يا أبو زيد ما غزيت !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. صلاحيات وسلطات المرشد والرئيس


.. أمم أوروبا.. إسبانيا تكرس عقدة ألمانيا على أرضها | #هجمة_مرت




.. إغلاق مراكز الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الإ


.. توقيف مسؤولين سابقين بالكرة الجزائرية في قضايا فساد.. هل هو




.. مراسل الجزيرة يرصد سير المفاوضات بين حماس وإسرائيل في العاصم