الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التربية و التعليم في المغرب

حميد المصباحي

2012 / 12 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


في تاريخ التعليم المغربي,الكثير من اللحظات التاريخية,المشرقة من حيث العطاءات والمساهمات الفكرية وحتى العلمية,سرعان ما يتم نسيانها في حمأة الصراعات وكثرة الإجراءات التي اعتمدت لتحديد المشاكل قبل مباشرة الإصلاحات المقترحة من طرف وزارة التعليم والتربية,والحقيقة أن تلك الإشراقات التي تبدو مدوية مقارنة مع ما يعيشه نظام التربية والتعليم,لم تكن بسبب فعالية التعليم وحده,ولا جدية رجالاته وإداراته التربوية بشكل عام,بل هناك عوامل أخرى,تجاهلها,حتما يؤثر على عملية تحديد المعيقات وكذا حتى الإجراءات المقترحة للنهوض بالعملية التربوية التعليمية,فما هي هذه العوامل المتجاهلة,وما مدى تأثيرها على فعالية النظام التعليمي؟؟؟
1فعالية الأسرة
كانت الأسر المغربية,بفعل تعطشها للمعرفة وحاجتها إليها,محركا أساسيا لتعليم الصغار,فحتى الأسر الفقيرة كانت تضحي بدخلها من أجل تلبية حاجيات المتعلمين,ويتساوى في ذلك الأب و الأم,ويشترك الأعمام والخالات,فيشعر التلميذ أنه المعبر عن رغبات أسرة بامتداداتها الكبيرة,وهنا تشتد التنافسية بين أبناء الأسرة الواحدة وحتى باقي الأسر الأخرى,وقد كانت للأسرة هيبتها ورقابتها العامة على السلكات الفردية,ومعاقبة الماسين من أبنائها بقيم الجماعة,المدنية وحتى القروية التي حضرت داخل المدينة وتكيفت معها,بل صارت حاثا على التنافس بين مختلف الإنتماءات بما فيها القبلية نفسها,وبذلك,فقد كان الحافز مزدوجا,الأخلاقي,فالمتعلم يستشار وينصت لاقتراحاته,وهو محاسب الأسرة والمدقق في ماليتها وكل خطوات التغيير التي تريد الإقدام عليها,أما الحافز الثاني,فقد كان ماديا,و يتمثل في كون الشهادات,كانت مدخلا لتحسين الموقع الإجتماعي,و تحصيل دخل لفرد من أفراد الأسرة,يساعد به الباقين على تحصيل الشهادات أو الإستثمار في المجالات التجارية,التي كانت مفتوحة نسبيا في القرن الماضي,وأخذت تضيق مع السياسات الحكومية التي عرفت بسياسة التقويم الهيكلي,الذي من تبعاته الحد من التوظيفات.
2هيبة مؤسسات التعليم
كانت المؤسسة التعليمية,بناية محترمة جدا,ومحمية في الوقت نفسه من سكان الحي والقرية التي توجد بها,وكل تطاول عليها,يعتبر مسا خطيرا بسياسة الدولة,وهنا كانت مؤسسات التعليم بمثابة حرم معرفي وعلمي,أخلاقيا الإقتراب منه يثير نقمة الحي والدوار والقبيلة,فتلك خدمة اجتماعية ينبغي تأمينها والدفاع عنها إن اقتضى الأمر ذلك,و التلاميذ كانوا يدركون ه الحقائق ويتعاملون معها,
وتشكل الأسرة سلطة داعمة للتربية,إيمانا أو حتى في حالات أخرى خوفا,من المؤسسات الأخرى,الممثلة لسيادة الدولة,وبذلك كانت مؤسسات التربية والتعليم مدعومة أخلاقيا وماديا,مما أهلها لاكتساب هيبة رمزية و مادية,سهلت عليهاتخليق التلميذ بما يلزم للتعلم,من انضباط واحترام لمواعيد الدراسة و توقير لرجالات التعليم والإدارة التربوية,مع احترام المؤسسات لمنطق التنافس بين التلاميذ,بدون إجحاف,إلا في حالات نادرة.
3ندرة التعليم الخصوصي
كان ينظر للتعليم الخصوصي,كمؤسسات لإعادة تعليم الفاشلين,أو خطوة استدراكية لمن فاتهم الركب,و عجزوا عن مسايرة العملية التعليمية السؤيعة للتعليم العمومي,بحيث كان التلميذ يدرك,حتى قبل ظهور التكوين المهني,أن مآله سوف يظل معلقا إن خسر فرصة النجاح في التعليم العمومي,فالأسرة كانت لها وسائلها العقابية للفاشلين,الذين تحرمهم من كل الإمتيازات التي كانت لهم عندما كانوا تلاميذ,مما يضطر التلاميذ لبذل مجهودات مضاعفة,للإستمرار في أسلاك التعلم العمومي والتفكير في الحصول على أعلى الشهادات,بعيدا عن اختيارات أخرى ,سوف يفتحها التعليم الخصوصي وتدافع عنها الدولة نفسها,التي تعاملت فيما بعد مع التعليم تعاملا أمنيا,كما فعلت في الكثير من القضايا الأخرى.
خلاصات
إن تجاهل هذه الحوافز,حول الكثير من مشاكل التعليم بالمغرب,إلى عوائق تقنية,إن صح بعضها,فلا يجوز لأن يحجب قضايا أخرى,يتم تجاهلها,لأنها في نظر وزراء التعليم بعيدة عن مجال تدخلاتهم,وهنا تصير الأجوبة تقنية محدودة في تصورها للأجوبة,والحقيقة أن علاج التعليم ينبغي أن يكون اختيارا حضاريا للمجتمع برمته وكل مؤسسات الدولة,وأن تعطاهالأولوية في جل الإختيارات التي تقدم عليها الدولة,لتحوله إلى موضوح جوهري في كل السياسات الحكومية,كيفما كانت تركيباتها السياسية,وبعيدا عن المزايدات الحزبية وصراعات السياسيين لتسجيل نقاط على حساب غيرهم في المعارض أو الحكومة.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ