الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمطار من نعمة الى نقمة... اللامبالاة بدلاً عن صرامة القانون

عبد علي عوض

2012 / 12 / 26
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


في إحدى المرّات كنتُ أتابع فلماً على شاشة التلفزيون، يبيّن ذلك الفلم كيف أنّ الإنسان في مجاهيل أفريقيا يحاول التغلّب على قساوة الطبيعة الجغرافية من أجل بقائه على قيد الحياة، حيث يُظهِر رجلاً يقطن منطقةً تخلو من المياه لكن تكثر فيها القرود. فكّرَ ذلك الإنسان البدائي بقطف ثمار طبيعية من الأشجار المحيطة به، تشابه تلك الثمار فاكهة المانگو بحجمها، ثمَّ قام بشطر كل واحدة منها الى نصفين، واضعاً في وسطها كميات كثيرة من الملح و وضعها في المكان الذي تتردّد عليه القرود حسب تقديره. عندما عثرَ أحد القرود على تلك الثمار، أخذَ يأكلها بشراهة ثمّ بعد فترة وجيزة شعرَ بالعطش!. هروَلَ القرد بحثاً عن الماء وكان الرجل يركض وراءه الى حين وصوله ودخوله الى كهف، عندما دخل الرجل الكهف وجَدَ بركة ماء والقرد ينهل منها !! نعم إنَّ الحاجة أم الإختراع. لايخفى على أحد أنّ المياه هي أحد عناصر ديمومة كل ما هو حي على الأرض لكونها تمثّل العامل الرئيس في توفير الأمن الغذائي، لكن عندما يصبح توافرها أكثرمن الحاجة وتتعدى كمياتها المعيار الطبيعي، حينذاك تتحول الى نقمة لأحد سببَين _ عدم تناسب القدرات المتوفرة لدى الإنسان والتي هي أقل بكثير من تأثير حجم الكوارث الطبيعية المدمّرة – كالأعاصير والزلازل والفيضانات ، أو اللامبالاة والجهل والإستخفاف بالطبيعة والإنسان من قِبَل الجهات المسؤولة. والسبب الثاني – ما شاء الله – هو المستفحل والمعشعِش في عراق الفساد المُباح، بسبب تبوّء أميّين وفاسدين لإدارة مفاصل الدولة، الذين جاء بهم قانون إنتخابات ممسوخ غير عادل، فَهَلْ سيعودون مرةً أخرى الى مواقعهم في الإنتخابات القادمة!؟.
بالأمس غرَقت شوارع بغداد وبابل و واسط ومدن أخرى بالمياه بسبب غزارة الأمطار، وهذا مردّه عدم قيام البلديات بإعداد وتهيئة المجاري لفصل الشتاء. إنّ حال سكان المدن هي أهوَن وأفضل بكثير من أولئك الفقراء القاطنين في القرى النائية التي فيها يسير تلاميذ المدارس عدة كيلومترات بطُرق موحِلة بالطين والمستنقعات لغرض الوصول الى مدارسهم الطينية... أية ضمائر حية تلك تبني البلد وتراعي حقوق الإنسان فيه!!.
الشيء بالشيء يُذكَر – تحديداً قبل عام وفي مثل هذه الأيام ،أعياد الميلاد، أظهرَتْ الفضائية الروسية بعض القرى في ريف موسكو كانت تعاني من إنقطاع التيار الكهربائي بسبب الأمطار الثلجية التي أدَّت الى قطع الأسلاك الكهربائية وبالتالي إنقطاع التيار الكهربائي في ظل درجات حرارة 20 تحت الصفر، فما كان من رئيس الوزراء حينذاك – فلاديمير پوتين – إلاّ أن إجتمعَ مع محافظ ريف موسكو والطاقم الذي معه وأمرَهم بالخروج من مكتبه فوراً الى العراء وتحت الصقيع وأنْ يقضوا ليلة رأس السنة 31/12 مع العمّال لحين إعادة التيار الكهربائي، وكان يجري نقل تلفزيوني حي لذلك اللقاء. إنّ مجالس محافظات المدن الروسية منتخَبَة من الشعب، لكن الدستور الروسي يمنح رئيس السلطة التنفيذية صلاحية محاسبة رؤساء الأقاليم ومجالس المحافظات وطردهم وإحالتهم الى القضاء إنْ شابَت سلوكياتهم شبهات الفساد وإستبدالهم بآخرين. الدستور العراقي – المهَلهل – يفتقد الى هذه النقطة، ولذلك يبقى أعضاء مجالس محافظاتنا والإقليم متربّعون على عروشهم آمنين مطمئنّين لأنّ السلطة التنفيذية الإتحادية لاتستطيع محاسبتهم أو تغييرهم. عندما يُمنَح رئيس السلطة التنفيذية صلاحيات المحاسبة والرقابة والمتابعة وإتخاذ القرارات المناسبة لمعالجة كل ماهو سلبي، فهذا لايعني أنْ نصنع منه دكتاتوراً، بَلْ الهدف من وراء ذلك هو ترسيخ دكتاتورية القانون التي يجب أنْ يخضع لها الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العاهل الأردني يستل سيفه تحية للأجهزة الأمنية والعسكرية


.. غانتس: يجب أن نعمل معا من أجل الوصول إلى انتخابات نشكل بعدها




.. وزير الخارجية الأميركي يبدأ جولة جديدة في المنطقة لبحث سبل ا


.. مصادر يمنية: مهمة إيصال الأسلحة إلى الحوثيين تنفذ عبر جماعات




.. تحقيق أمريكي يفضح فظائع الاحتلال في معتقل سدي تيمان