الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوجه الحقيقي للصراع: طبقي – وطني

شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي

(Shakir Kitab)

2012 / 12 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اشتدت في الأيام الأخيرة التجاذبات ذات الطابع الطائفي لتأخذ أشكالا بدائية متخلفة تتلاءم مع طبيعتها كونها تخلو من أي مغزى حقيقي فاعل ومنبثق من حاجات صميمة للوطن أو المواطن. وربما لهذا السبب لم يتمكن أصحاب النعرة الطائفية ومن كل الأطراف من لف الجماهير الشعبية وراءهم وإقناعهم في الإسهام في المنازلات المفتعلة والتي تقوم على أسس باطلة من حيث الجوهر.
إن عتاة الفكر الطائفي يحاولون جر البلاد مرة أخرى إلى أتون حرب أهلية خطيرة مستخدمين شتى أساليب الخداع ومستندين على دعم وتدخل سافرين من دول الجوار التي ما فتأت تمد أياديها في الشأن العراقي ليس دفاعا عن مكون يتفق معها طائفيا بل حفاظا على مصالحها المادية وعلى أمنها هي بالذات وما التباكي على " أبناء " طوائفها إلا غطاء ما عاد ينطلي على أحد.
وعتاة الفكر الطائفي يحاولون جاهدين إيهام شعبنا بأن أس الصراع هو طائفي متعمدين طمس حقيقة الإشكال العراقي. لكنهم إذا كانوا قد تمكنوا من خداع الناس في المرة السابقة وجروا البلاد إلى مجازر طائفية أعوام 2006- 2008 فإن شعبنا هذه المرة يقف لهم بالمرصاد ويتحداهم ويتصدى لمؤامرتهم الخبيثة ولتدخل أسيادهم من وراء الحدود. والدليل على ذلك إن مطالب أهلنا المتظاهرين في الأنبار لم تتوقف عند المعاملة بعدالة وإنصاف لأهل المحافظة وسكانها لكنها تعدت المطالب الضيقة لتتسع وتشمل ما هو وطني وإنساني بالرغم من محاولات البعض تسييسها وتحويلها إلى طائفية. والدليل الآخر هو هذا التعاطف والتأييد الذي تحظى به هذه المظاهرات من قبل أبناء المحافظات الأخرى.
إننا نعلنها صراحة وبلا تردد:-
1- إن الأساس الجوهري الأول للصراع في العراق هو صراع وطني بين من يعمل بلا حياء ولا خجل على ربط العراق ومصيره ومستقبله بدول الجوار ويستسلم بخنوع لتدخلاتها الفظة في شؤوننا الداخلية وما تفاعلهم مع هذه التدخلات إلا حفاظا على مصالحهم الأنانية الضيقة وأرصدتهم وتسلطهم وتلاعبهم بمصير العباد والبلاد وبين الوطنيين الأبرار والأحرار من أبناء شعبنا البطل الذين يدعون إلى استكمال تحرير العراق واسترداد سيادته الوطنية والمباشرة في بناء دولة المواطنة لا دولة المكونات والدولة الراعية الضامنة لحياة ومستقبل أبناءها جميعهم بلا استثناء أو تفرقة لأي سبب كان وبناء اقتصاد عراقي متكامل يقوم على أساس الصناعة والزراعة والتجارة والخدمات والسياسة المالية الرشيدة والضرب بيد من حديد على رؤوس سارقي المال العام واسترداد حقوق العراقيين المهدورة أينما كانت.
2- كما أن الأساس الجوهري الثاني هو صراع طبقي إذ أن الغالبية العظمى من أبناء شعبنا هم من الفقراء المعدومين والمحرومين من أبسط أسباب العيش الكريم والحياة الآمنة. فلدينا الملايين من العاطلين عن العمل من شباب خريجي الكليات والمعاهد والمدارس لا بل حتى الدراسات العليا التي حصرت لتصبح من نصيب أعضاء الأحزاب المتسلطة والمتنفذة فقط. أضف إلى هؤلاء أرامل وأيتام ومعوقي الحروب بما فيها الحروب الطائفية التي أشعل نيرانها من يلوح بها اليوم من جديد. وهناك العمال الكادحون ذوو الأجور اليومية الذين ترتبط مصائرهم ومصائر عوائلهم على ما يجنونه من أجر وهذا يرتبط أيضا بإرادة أرباب العمل وبقدرتهم الجسدية على القيام بالأعمال الشاقة والمضنية وهم بلا أي ضمان صحي أو اجتماعي. وتعاني الطبقة العاملة العراقية من أسباب ضنك العيش الكثير وليس هناك في الأفق ما يشير إلى أي تحسن في أحوال أبنائها. والأمر نفسه يقال بالنسبة للفلاحين وصغار التجار والجنود والطلبة والمعلمين والموظفين وغيرهم من شرائح المجتمع.
3- إن التفاوت الطبقي الحاد وانقسام المجتمع إلى فقراء وأغنياء داخل الطائفة الواحدة والدين الواحد والعلاقات المصيرية بين أغنياء العراق والدول الخارجية التي تدعمهم ضد أبناء وطنهم في مقابل رهنه لهم يجعل هوية الصراع واحدة لا تقبل التأويل ولا الخداع. فهو صراع وطني – طبقي في آن واحد.
4- وبناء على هذا فأن تلبيس الصراعات الأخيرة لبوسا طائفيا هو ليس فقط خطأ بل خطيئة. وهو ليس توهما بل تعمد يرتكبه الطائفيون لأسباب عديدة منها ولاءهم الخارجي ومنها مصالحهم الأنانية الضيقة التي تزين لهم استغلال عواطف الناس والتلاعب بمقدراتهم ومنها أيضا ما جنوه من فوائد في المجازر الطائفية السابقة.
لذلك نتوجه بالنداء لكل أبناء شعبنا العظيم بالوقوف صفا واحدا من أجل الوطن وفقراء الوطن ومن أجل تعرية وفضح المتلاعبين بأفئدة المواطنين ومصائرهم لنبدأ بالمطالبة الشجاعة الجريئة من استكمال تحرير العراق وبناء دولة المواطنة المدنية وتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة التامة بين الناس أبناء المجتمع الواحد.
هذه هو قدر الثوار المخلصين: العمل من أجل الوطن كل الوطن والعمل من أجل الناس كل الناس.
عاش العراق وعاشت قواه الوطنية الديمقراطية والنصر المؤزر لشعبنا الصامد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد الكتاب
فؤاد النمري ( 2012 / 12 / 26 - 21:55 )
ما يميز الطبقة ليس هو ما تملك من أموال بل وسيلة الإنتاج
في طبقة الفلاحين هناك فقراء وهناك أغنياء لكنهم جميعاً فلاحون
مع التحية


2 - رد
د. شاكر كتاب ( 2012 / 12 / 27 - 03:36 )
الأستاذ فؤاد النمري
العلاقة بوسائل الإنتاج تقود إلى نوع الملكية التي يملكها الفرد وبالتالي الطبقة كلها ولم أشأ الخوض في مصطلحات متخصصة في وقت أوجه مقالي لأغلبية الناس الذين لا علاقة لهم أبدا بأية وسيلة إنتاج وبالتالي لا يعرفونها ولا يملكون اي شيء
مع خالص الشكر على الإهتمام والتعليق

اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح