الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفية ومظاهرات اهل السنة

مالوم ابو رغيف

2012 / 12 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


بعيدا عن الرياء والنفاق ولمسات الرتوش لتجميل صورة الواقع السياسي العراقي المشوه نقول، بان المظاهرات التي شهدتها مدن الانبار وسامراء ونينوى هي مظاهرات طائفية بامتياز، اكان من حيث الشعارات او الهتافات او من حيث المطالب والاهداف، او من حيث التنظيم.
و عندما نصف هذه النشاطات التظاهرية وننعتها بالطائفية، فاننا لا نعني الاتهام بقدر ما نود ان نشير الى حقيقة ملموسة معمول بها في العراق. فالطائفية لم تعد عيبا في السياسة العراقية، اذ ان على قاعدتها ووفق اسسها تم توزيع المناصب والدرجات الحكومية وتخصيص المقاعد النيابية وتعين المراكز الرئاسية، ووفق توازناتها تقر الانظمة والقوانين.
هذه المظاهرات التي اتخذت من اعتقال حماية رافع العيساوي ذريعة لها، والتي انطلقت بهذا الزخم الملفت، ملوحة باعلام عهد صدام البائد، مطالبة بتخطي القضاء وتجاوز القوانين واطلاق سراح الجميع في عفو عام وشامل، مهددة باعلان الاقليم السني وتشكيل الجيش الحر لتحرير بغداد من محتليها الايرانيين، لم يكن من بين مطالبها تحسين الحالة المعيشية وتوفير الخدمات الاساسية والضرورية للناس التي تدعي الدفاع عنهم، الذين كانوا مثل غيرهم، تسقط الامطار سقوف بيوتهم على رؤوسهم وتحيلها الى ما يشبه الزرائب وتغرق شوارعهم وطرقهم وتحيلها الى برك الراكدة.
اذا كانت مظاهرات الفلوجة الاولى اندلعت كرد فعل حزبي منظم على اعتقال حماية العيساوي، فان ما لحقها وتلاها من مظاهرات واعتصامات واحتجاجات وترديد هتافات مغرقة في الطائفية، لم تكن بريئة اطلاقا، ولا تحمل في ملامحها علائم ردات وتطورات فعل على حدث ، بل كانت واضحة الهوية، لها سيمات تدل على تدخل خارجي لا يصعب على الفاحص رؤية بصمات وبراثن وكالات تجنيد الارهابين لاسقاط الانظمة، قطر والسعودية وتركيا خانم، على شعاراتها، ولا يفوته فهم مغزى حرص فضائية العربية والجزيرة على نقل التظاهرات بكل تفاصيلها وعرضها على شاشة الجزيرة مباشر بالارتباط مع الاحداث في سوريا تحت عنوان الربيع العربي في العراق..
من المهم هنا ان نشير ان الطائفية في العراق، ليست من صنف واحد، اذ علينا التمييز بين طائفيتين، بين طائفية محلية، وهي عبارة عن جملة تصورات دينية ومذهبية ونشاطات لا تحركها اصابع خارجية، انما تحركها مطامح ومطامع تتخذ من الدفاع عن مصالح اتباع الطائفة شعارا للوصول الى اهداف مصلحية، كـ تحاصص السلطة والسيطرة على اكبر عدد من المناصب وجني الثروات والامتيازات، وبين طائفية هي بحقيقتها ايدلوجيا لمشروع خارجي يتجاوز مرحلة تقسيم وتحاصص السلطة الى مرحلة الاستيلاء عليها واحتكارها واقامة حكم ينسجم وتصورات التطرف والجموح الديني الاسلامي بهدف تأسيس دولة الاخوان المسلمين الكبرى، او ربما احياء مشروع دولة الخلافة الكبرى، خاصة بعد سيطرة الاخوان على السلطة في تونس ومصر وليبيا وكذلك طموحهم للسيطرة عليها في سوريا.
ان هذه الطائفية الجديدة تنظر الى مكونات الطوائف والاديان المختلفة عنها كنظرتها الى المهملات والتفاهات التي لا تستحق الاعتبار ولا الاخذ بالحسبان مهما كان ثقل هذه المكونات النوعي والكمي، فهي تحتقرها دينيا واجتماعيا.

ان الطائفية التي ترتبط بمشروع خارجي ليس لها علاقة بحياة اتباع طائفتها، افلاهتمام بالاوضاع المعيشية وبالمعاناة اليومية ليست من ضمن برامجها السياسية، اذ ان جل اهتمامها منصب على تنفيذ المشروع الطائفي الكبير في فرض الدين الاسلامي بنموذجه الاخواني ـ السلفي على الجميع.
هذه الاديولوجيا ومشروعها الطائفي ممول ومنظم ومدعوم من السعوية ومن قطر ومسنود من تركيا وبعض من الدول الغربية.
فان دققنا بشكل حصيف في المظاهرات الطائفية التي شهدتها الانبار والفلوجة وسامراء ونينوى، فاننا سنميز بوضوح بين نوعين من حشود المتظاهرين، فقسم منهم يطرح شعارات تحمل حيزا ومجالات للتحاور والنقاش، تحمل هوى طائفيا وليس توجها طائفيا، مثل لا للتهميش واقصاء اهل السنة، بينما الاخر يحمل ايدلوجيا لمشروع واضح ويتضمن اتهاما مبطننا بالتكفير المخالف، مثل الله ربي لن اشرك به شيئا ، و تهديدا بتشكيل الجيش الحر لتحرير بغداد من محتليها والطعن بالولاءات والاتهام بالخيانة الوطنية.
لكن لا يفوتنا هنا الاشارة، بان هذان النوعان من الطائفية، موجودان ايضا عند الشيعة ، وان اختلف المقدار والقوة. فبعض السياسيين الشيعة مثل اضرابهم السنة، يدعون الدفاع عن اتباع الطائفة ويطلقون عليهم اسم اتباع اهل البيت، لكنهم وكما يشاهد من واقع الحال البائس، لا يهتمون الا بمصلحتهم وتكبير حجم ثرواتهم.
كما ان هناك توجه اخر يشابه توجه اهل السنة باحياء دولة الخلافة الاسلامية الكبرى، اذ ان البعض يعتقد ان ايران هي العمق الاستراتيجي للمذهب الشيعي ويسعى الى نوع من الاتحاد الاسلامي الشيعي معها.

على الاحزاب الاسلامية الحاكمة والتي تسيطر على السلطة، والتي تشكوا من الطائفيين ان تدرك بانها لن تستطيع القضاء على الطائفية مهما حاولت وعملت، فحتى لو استجابت لجميع المطالب وافرجت عن جميع المعتقلين والغت قانون المسائلة والعدالة،لكن ان هي استمرت على اتباع نفس النهج باسلمة الدولة وجعلت من ايدلوجيتها وتصوراتها الدينية وهواها المذهبي قوانينا مفروضة و ملزمة عرفيا واجتماعيا، فانها لا تزرع سوى الطائفية ولا تحصد الا اياها.
ان اسلمة الدولة اجتماعيا وثقافيا وقانونيا وحقوقيا لا ينتج غير الطائفية بمختلف انواعها وتفتيت الشعور الوطني الذي هو الرابط الذي لا غنى عنه للوحدة الوطنية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الطرفين على خطاء
كنعان شـــــــــماس ( 2012 / 12 / 29 - 15:46 )
تحية يا استاذ مالوم ابو رغيف على هذا التبصير الامين ... يعرف الجميع ان لاوجود للمعارضة في الشريعة الاسلامية وانما فرقة ناجية واحدة والاخرين في النــــــــار ... لايوجد محامـــي في المحاكم الاسلامية ولايوجد استئناف . استغرب من المطالبة ب حكم الخلافــة او اعادتها ... احد القاب ملك المغرب هو امير المومنين ولقب الحاكم الايراني هو المرشـــــد ومن ينتقد الاخير في ايران يحاكم قانونا بالاعــــدام اما الملك السعودي فهو اكبر من خليفة فهنا يا استاذ مالوم على الاقل ثلاثة خلفاء هل يريدون مئة خليفـــة والامر يقال اذا بويع خليفتين فاقتلوا احدهما ... اما جماعتنا في العراق فاعتقد اكثرهم يعاني من الهذيـــــــان والا لماذا قطع الطرق في وقت يستطيعون اسقاط المالكي برلمانيــــــا فالرجل لايملك اغلبية برلمانية فلا داعي للصراخ وقطع الطرق واهدار الجهود والاموال ان كانوا صادقين تحية


2 - الاخ كنعان شماس: الاسلام لا يصلح اساسا لحكم وطني
مالوم ابو رغيف ( 2012 / 12 / 29 - 16:59 )
الاخ العزيز كنعان شماس المحترم
الاسلام لا يمكن ان يكون اساسا لحكم وطني ، اذ ان الوطن ليس مفهوم ديني بل هو مفهوم علماني، في الاسلام رعايا وخليفة، كجكومين وحاكم، ليس وطن انما دولة الحاكمية التي يثاب ويعاقب فيها الناس حسب طاعتهم او عدمها لله و لللسلطان، والله وان كان له نفس الاسم، لكنه مختلف من حيث الهوى المذهبي، فالله السنة هو ليس الله{ اله} الشيعة، كل الله لهو سمات وصفات واختيارات مختلفة.. لذلك من الصعب جمع السنة والشيعة في دولة يحكمها طرف من عندهم دون توقع اصطدامات واتهامات وتظلمات، الاسلاميون ان سطووا بغوا، هذا على الاقل ما نقله لنا التاريخ..ـ
الصراع الان هو صراع طائفي وليس سياسي اطلاقا، فلو كان سياسي، وكان الاتجاه هو اسقاط الحكومة، لكان من السهل تحقيق ذلك، لينسحبوا من الحكومة ومن البرلمان، فتسقط الحكومة وتنهار على رؤوس اصحابها،، لكن السياسيون الذين يتمتعون بمناصب ويملكون قوة السلطة والقرار ويجنون ثروات هائلة، لا يريدون اسقاطا الحكومة الا بالقول، لأانهم هم ايضا الجكومة، انهم يريدون ابعاد المالكي واستبداله فقط،
تحياتي


3 - وهل هذه هي مطالبهم حقا ؟؟
يوسف ألو ( 2012 / 12 / 30 - 00:32 )
تطرقت في مقالتك الى امور مهمة جدا استجدت قبل ايام على الساحة العراقية بشكل علني علما انها كانت موجودة منذ سقوط النظام لكن كن يتستر عليها أصحاب القرار ممن كانوا مستفيدين من مناصبهم والأموال الطائلة التي كانت تدر عليهم من خلالها ولكن بعد أن أنكشفت حقيقة أولئك المعروفين بشكل واضح والذين كانوا يخططون وبمهارة لقتل أكبر عدد من العراقيين لخلق البلبلة وعدم الأستقرار كي يتمكنوا من الأنقضاض على فريستهم التي بأعتقادي أصبح من الصعب الأنقضاض عليها كل ما يتمكنوا من فعله هو أثارة بعضالحاقدين على العراق وشعبه من دول الخليج كقطر وبعض الدول المجاورة كتركيا التي تحتضن الهاشمي المحكوم بالأعدام من قبل القضاء العراقي وبأعتقادي وهذا ما لم تتطرق اليه يا سيدي الكريم هو ما شاهدناه من محاولة أعادة البعث المهزوم ومجرميه القتلة الى الواجهة من خلال رفع أعلام البعث ذو الثلاث نجمات الملغي وأيضا الغاء المسائلة والعدالة وهذا ما تم ذكره في مقالتك , أذن ما يحدث الآن هو محاولة بأعتقادي هي يائسة لأعادة بعض رموز النظام الدكتاتوري البائد الى الواجهة وقد يكونوا في السلطة من خلال أزلامهم في السلطة كالعيساوي وآل نجيف ومشعان


4 - ما هو الحل
نيسان سمو الهوزي ( 2012 / 12 / 30 - 10:03 )
لك سيدي وللمتداخلين كل التحية والاحترام ولي سؤال مهم وخطير جداً وهو : ما هو الحل إذاً ؟؟ موضوع العراق هو من اعقد الأمور واصعب الحلول ولهذا طالبت قبل اكثرمن سنة في التقسيم وكررت المطالبة وعلى هذا الموقع من جديد قبل اسبوع .. انني لا ارى حل لمشاكل العراق ألا في الانفصال وتشكيل على الاقل ( انا طالبت بأربعة ) ثلاثة دويلات وكل دويلة تأكل من احلامها الوهمية الى ان تشبع وتتعلم وتعلم بان الانفصال والمذهب والدين ماهو إلا خراب الدار ومن ثم سيفكرون بالإندماج من جديد ولكن في فكر جديد وفلسفة جديدة بعد ان يكونوا قد لعنوا وطردوا المذهبية .. هذا رأي الشخصي ولكنني سأستمع وانتظر الرد منك ومن الاخوة على سؤالي إذا كنت مخطأ في طلبي ..ماهو الحل إذاً ؟؟ نصف المجتمع قد قُتِل وشُرّد فما هو الحل ؟؟ كل التحية


5 - الزميل يوسف آلو : شراء الولاءات
مالوم ابو رغيف ( 2012 / 12 / 30 - 10:13 )
الزميل يوسف الو: شكرا لك على التقييم وعلى الاضافة بانها ايضا محاولة لارجاع البعث الى السلطة،
لكن الا تعتقد ايها الزميل ان البعث موجود الان في السلطة، ليس كوجوه فقط، انما كنهج وممارسة وسلوك؟
اليس شراء الولاءات هو اسلوب بعثي بامتياز؟
الا ترى ان حكومة المالكي تحاول عقد صفقات سياسية مع البعث تحت غطاء المصالحة الوطنية، قرات اليوم خبرا مفاده بان وزير المصالحة الوطنية قد التقى من المرأة رغد صدام حسين في عمان تحت رعاية ملكية اردنية؟
الا تنظر الى التقارب الغريب بين الحكومة العراقية والحكومة الاردنية ، مع ما نعرفه من تضييق على العراقيين الموجودين في الاردن وما نسمع عنه من الاستفزازات الطائفية ضد العراقيين؟
وكما تررى لم تعد شراء الولاءات عملية تقتصر في الاخل العراقي، بل تعدتها الى الخارج، بما فيهم البعث.ـ
انا اعتقد ايضا ان المالكي مستعد الى عقد اي صفقة والاقدام على اي تنازل مقابل ضمان بقاءه في السلطة.ـ
اكرر شكر وتحيتي


6 - الزميل نيسان سمو: حول تقسيم العراق
مالوم ابو رغيف ( 2012 / 12 / 30 - 10:27 )
الزميل العزيز نيسان سموا:ـ
التقسيم ليس حلا يا عزيزي، انه مشكلة عويصة جدا، بل انه طامة كبرى، ليس ما اقصده اهمية الحفاظ على تراب الوطن وعلى وحدته، انما اقصد ما يعقب هذا التقسيم من صراع على الثروة النفطية وعلى المياه والاماكن المقدسة وعلى الارض.. انا اعتقد ان الحل هو اقامة فدرلايات متعددة ومنع اي استخدام للدين في السياسة، اي الغاء الاحزاب الاسلامية الجرباء جميعها دون استثناء، ومنع اي معمم من المشاركة في السياسة او تبوؤ منصبا حكوميا، اذ ان واجبه خدمة الرب فقط فليبقى في صومعته ما شاء له البقاء..ـ
تحياتي لك ولسؤالك الصائب


7 - هذا ما قصدته تماماً
نيسان سمو الهوزي ( 2012 / 12 / 30 - 11:27 )
نعم سيدي هذا ما قصدته وما ذكرته في كلمتي في هذا الموقع والتي كانت تحت عنوان ( لماذا لا ينقسم العراق ويرتاح المواطن الفقير ) لقد طالبت بالفدرالية كما هو حاصل في كثير من الدول العظمى في العالم وبعد ان يُجرب كل قسم فدراليته ومذهبيتة قد يأتي اليوم بأنهم يطالبون بالتوحد من جديد ولكن في حينها ستكون المذهبية والطائفية قد ولّت وبهذا سنتمكن من بناء عراق جديد على قاعدة علمية .. هذا ما ذكرته ولكنني من شدة الالم والحصرة استعمل كلمات قد تبدو قاسية ولكن القصد غير مهتوك العرض .. تحية وتقدير


8 - الاخ نيسان سمو: حول الهوية الوطنية
مالوم ابو رغيف ( 2012 / 12 / 30 - 19:53 )
الاخ نيسان سمو
انا افهم قصدك النبيل واحس بألمك وانت تشهد هذا الضياع الكبير للهوية الوطنية.. اعتقد ان الهوية الوطنية اصبحت مثل جواز سفر غسلته ربة البيت سهوا، ، بقت صورة حامله وانمسحت وتشوهت كل بياناته، كذلك الهوية الوطنية، انمسح كل شيء عنها ولم يبقى الا صورة وطن ممزق
لجميع الاخوة اقول كل سنة وانتم طبيون وعاما سعيدا للجميع

اخر الافلام

.. تسارع وتيرة الترشح للرئاسة في إيران، انتظار لترشح الرئيس الا


.. نبض أوروبا: ما أسباب صعود اليمين المتشدد وما حظوظه في الانتخ




.. سبعة عشر مرشحا لانتخابات الرئاسة في إيران والحسم لمجلس الصيا


.. المغرب.. مظاهرة في مدينة الدار البيضاء دعما لغزة




.. مظاهرات في تل أبيب ومدن أخرى تطالب بالإطاحة بنتنياهو