الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السوريون بين سندان الصراع السياسي ومطرقة الأزمة الاقتصادية

معتز حيسو

2012 / 12 / 29
مواضيع وابحاث سياسية



(السوريون يعانقون السماء صبراً)
لم تكن أوضاع المواطن السوري قبل الأزمة الراهنة مقبولة أو حتى جيدة، حتى يصرح الدكتور قدري جميل بضرورة تغيير نمط معيشة المواطن وتحمّل مزيداً من التقشف في ظل الأزمة الراهنة، فنحن نعلم وكذلك د: قدري،أن معاناة المواطن السوري لم تبدأ لحظة الأزمة الراهنة، ولن تنتهي مع نهايتها، بل تضاعفت لحظة الأزمة، لدرجة بات فيها الإنسان السوري يحسد سكان الكهوف في عصور الظلام على معيشتهم، ومع هذا فإن قدرة الإنسان السوري على الصبر والتحمل والتكيف مع الأزمات لا يدانيه فيها إنسان آخر.وإذا كانت الدراسات الاقتصادية الإستراتيجية تحدد للنهوض بالاقتصاد السوري قرابة العقدين، فإنها الآن تحتاج لإعادة الإعمار ولإنجاز المشاريع التنموية الإستراتيجية الاقتصادية والبشرية لأضعاف هذه الفترة، ولمئات المليارات من الدولارات.
وللتذكير فقط، فإن السياسات الاقتصادية والمالية طيلة العقد المنصرم، كانت تنبئ بالأزمة التي تمر بها سورية الآن، لكنها تسارعت وتفاقمت بفعل الصراع المسلح الذي استطالت تداعياته على المنشآت الاقتصادية تهديماً أو إغلاقاً بفعل الأزمة المتعددة المستويات والأشكال. وكانت تنبئ أيضاً بأن الإنسان السوري سوف ينتفض ضد الفقر والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية وهيمنة الاحتكار السياسي وتعميم الفساد( تراكب الأزمة السياسية والاقتصادية في سياق تحولها لأزمة عامة ومركبة). ولن نضيف جديداً إذا أكدنا أن اعتماد سياسات اقتصادية نيو ليبرالية، عمق الفقر والبطالة والفساد والاستقطاب الاجتماعي بفعل هيمنة بعض المتنفذين وأصحاب الرساميل الذين تحكّموا في فرض سياسات وتوجهات اقتصادية رعتها وأشرفت عليها الحكومات السابقة، وتحديداً حكومة د : عبد الله الدردري. التي عبّرت وبامتياز عن بنية السلطة في سياق تحولاتها البنيوية التي تجلت من خلال تحرير الاقتصاد ( التجارة الخارجية والداخلية، الصناعة و الزراعة، حركة الرساميل، الاستثمار، الأسعار ....).
إن التحول في السياسات الاقتصادية كان تعبيراً حقيقياً عن التغيرات والتحولات في بنية وتركيبة السلطة المسيطرة، إذ لم تعد مصالح الفئات الاجتماعية الفقيرة هي المعيار الذي على أساسه ومن منظوره يتم تحديد وضبط السياسات الاقتصادية، بل إن مصالح المتنفذين والتجار وأصحاب الرساميل والمستثمرين كان لها الدور الأبرز والمحدد في وضع السياسات الاقتصادية الكلية والجزئية. ومن هنا كان بداية التخلي عن الحواضن والحوامل الاجتماعية للدولة، إذ أن السلطة وفي سياق هذه التحولات دخلت في تناقض صارخ مع غالبية الفئات الاجتماعية التي كانت تزداد فقراً وتهميشاً ... بفعل السياسات الاحتكارية التي دفعت المستفيدين منها إلى تحرير الاقتصاد بشكل شبه كامل وفي سياق احتكار القرار السياسي من قبل فئة ضيقة تحولت في سياق التحولات النيو ليبرالية إلى طغمة مغلقة على ذاتها تتحكم في الصناعة القرار السياسي والاقتصادي بما يعبّر عن مصالحها الذاتية، مما قاد المجتمع السوري إلى ما نحن فيه من تناقض واستقطاب اجتماعي واقتصادي وسياسي.ومن الأسباب التي ساهمت في تعميق حدة التناقض الاجتماعي تراجع الدولة بكافة مؤسساتها عن دورها الاجتماعي والتنموي. وليس هذا بمستغرب، لأن التحولات الاقتصادية كانت تعبيراً عن بنية السلطة التي فصّلت الدولة على مقاسها ومقاس شخوصها المسيطرين على كافة المفاصل والحلقات الأساسية فيها. بالتالي فإن السلطة المسيطرة والدولة انصهروا في بوتقة سلطة ذات تركيبة استثنائية بكل المقاييس والتجليات،حتى يمكننا القول بأن كافة المصطلحات السياسية والاقتصادية غير قادرة على التعبير عن بنية وتركيبة وتجليات هذه السلطة، وبدل أن تكون السلطة سلطة الدولة المدنية الديمقراطية المؤسساتية، فإن الدولة بكافة مؤسساتها تحولت إلى جهاز سلطوي يتحكم قهرياً بكافة تفاصيل الحياة الاجتماعية ومستوياتها وأشكالها،ويجتث في سياق تأبيد الهيمنة السلطوية أياً من تجليات الحياة المدنية والسياسية، معتمداً التطييف والترييف والتخليف والتخليع والتذرير الاجتماعي في سياق فرض الهيمنة الأحادية لفئة تتناقض مصالحها وميولها مع مصالح غالبية المجتمع السوري،ومن منظور تغييب مبدأ وحقوق المواطنة، مما كرّس الاستقطاب والتناقض الاجتماعي على قاعدة الولاء والانتماء والاستزلام والتبعية والارتهان، وكان هذا أحد أسباب زيادة تغوّل الفساد بكافة مستوياته وأشكاله. لذا فإن كل التحولات والتغيرات السياسية والاقتصادية كانت تعبيراً عن بنية وجوهر(دولة السلطة) في سياق تحولاتها البنيوية.
إن تزامن تراجع دور الدولة الاجتماعي والتنموي مع تحرير الاقتصاد، كان سبباً في تعميق مستوى الفقر: خط الفقر الأعلى يُعبّر عن قيمة الإنفاق اللازم على أمور مثل السكن والمعيشة، و خط الفقر الأدنى ُيعرّف بأنه قيمة الإنفاق اللازم لحصول الفرد على احتياجاته الأساسية الغذائية. وتقدر نسبة الفقر وفق الخط الوطني الأعلى بـ 33،2% .وتشير التقديرات إلى أن 7,6 مليون سوري يقعون بين خطي الفقر الأعلى والأدنى. وتشير بعض التقارير بأن مليون عامل سوري من أصل قوة العمل البالغة نحو /6/ مليون عامل يعملون بأجر لا يزيد عن الحد الأدنى للأجور،أي/9765/ ليرة سورية شهريا،ويقدر عدد العاملين في الدولة بحدود /1.2/ مليون عامل و نسبة الإعالة بحدود /5/ أشخاص، أي أن نحو /6/ ملايين مواطن، يعيشون على دخل لا يغطي تكاليف الحياة المعيشية.إضافة إلى أن /18/ مليون مواطن دون إضافة العاطلين عن العمل البالغة نسبتهم أكثر من /12،3%/ من قوة العمل يحصلون على /25%/ من الدخل الوطني،بينما تتحكم 7% من المجتمع السوري بنسبة75% من الدخل الوطني. وخلال الفترة الممتدة بين أعوام 1997و ،2003 قدر عدد السكان ممن يعيشون تحت خط الفقر الأعلى الذي يقدر بـ 2052 ل.س شهرياً للفرد، خمسة ملايين و300 ألف مواطن، أي نحو 31% من عدد السكان، وارتفع إلى 6ر33% في عام ،2007 ثم إلى 6ر41 % في عام ،2008 وبلغ عدد من يعيشون تحت خط الفقر الأدنى أو المدقع، وهو 1485 ل.س مليونين ونصف مليون نسمة، أي نحو 13% من عدد السكان.
وقد ساهم إهمال التنمية الاستثمارية في قطاعي الزراعة والصناعة مقابل اعتماد التجارة بكونها قاطرة النمو الاقتصادي، كما يتصور من يضع السياسات الاقتصادية، في زيادة الناتج الإجمالي وفي زيادة التبعية الاقتصادية والارتهان السياسي للخارج مما عمق الفقر والبطالة والتقشف والركود. ويعلم الجميع بأن حوامل التطور الاجتماعي والاقتصادي الإنتاج السلعي وليس التجارة في الحالة السورية. وقد ساهمت سياسة الخصخصة في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة التي تجاوزت معدل 24% وفق بعض التقديرات، وتشكل نسبة البطالة في أوساط الشباب والخريجين حوالي الـ 70% من هذه النسبة. وفيما يتعلق باقتصاد الظل( القطاعات الحرفية والورش والمنشآت غير المرخصة) فإن حجمه الذي تجاوز حسب تقديرات تقرير المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال المقدم للمجلس العام بدورته السابعة 40% يساهم في تشويه بنية الاقتصاد السوري وزيادة تناقضاته،ولفت التقرير إلى أن انتشار هذا القطاع سبّب العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وفي مقدمتها عدم إمكانية تقدير حجم الثروة السورية الحقيقية وحجم الناتج المحلي الإجمالي،بالتالي عدم القدرة على ضبط الخطط التنموية المختلفة مع الحاجات والإمكانيات الفعلية،وتفويت مبالغ كبيرة على خزانة الدولة،ومن أبرز النتائج السلبية لاستمرار وجود هذا القطاع هو تهميش جزء مهم من قوة العمل السورية التي تُشغّل12ساعة يومياً في وقت يُحرم العمال من حقوقهم في التأمين والصحة والعمل النقابي،إضافة إلى أنهم يُجبرون على توقيع عقود الذل..و يعانون من تدني مرعب في مستوى الأجور،ويعيشون حياة قلقة بسبب التسريح التعسفي المسلط على رؤوسهم وتقاطعت هذه النتائج مع السياسات الاقتصادية التي كرست إطلاق حرية الاستثمار،تخفيض الإنفاق العام،تخفيض الإنفاق الاستثماري،ارتفاع سعر المحروقات وتحرير أسعار الأسمدة عدم القدرة على ضبط الخطط التنموية مع الحاجات والإمكانيات الفعلية،..إن جملة هذه الأسباب أدت إلى تراجع معدلات التنمية الاقتصادية والبشرية الحقيقية. ومن الواضح بأن ازدياد حصة القطاع الخاص بالناتج المحلي الإجمالي إلى 66% منه لا يقابلها ازدياد بحجم مساهمته في الضرائب والرسوم،ويساهم بـ 83 % من الإنتاج الصناعي ويوظف بين 1.2 و1.5 مليون شخص مقارنة مع 75 ألفاً في المصانع المملوكة للدولة..وتقدر نسبة العمالة في القطاع الخاص بخمسة ملايين عامل يعيشون وأسرهم على خط الفقر الأدنى ومحرومون من معظم حقوقهم. ونؤكد إن إلزام القطاع الخاص بتشغيل العمال ثماني ساعات يوفر قُرابة مليون فرصة عمل،وتحتل الأجور 25% من الفائض الاقتصادي،والأرباح 75% منه، ويقدر التهرب الضريبي أكثر من 200 مليار ليرة سورية.؟؟...ونتيجة للسياسات الاقتصادية الجديدة،فقد عانت غالبية الفئات الاجتماعية من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة،ارتفاع ومعدلات التضخم،انخفاض القدرة الشرائية،انخفاض قيمة الليرة السورية، ارتفاع الأسعار، تراجع مستوى المعيشة،تراجع مستوى الخدمات الصحية والتعليمية.. زيادة حدة الاستقطاب الاجتماعي نتيجة لزيادة حدة الاحتكار والذي يتجلى من خلال زيادة معدل تراكم الكتل النقدية والمالية لدى فئات اجتماعية لا تتجاوز 10% من المجتمع السوري( 7% من السكان يتحكمون بـ 75% من الدخل الوطني) .
وقد ركزت السياسيات الاقتصادية أيضاً على اعتماد مبدأ التخفيضات والإعفاءات الضريبية للمستثمرين تحت ذريعة تشجيع الاستثمار، مع علم واضعي هذه السياسات بأن تشجيع الاستثمار وتطويره وتفعيله، لا يكمن فقط في الإعفاءات الضريبية بل في توفير المناخ المناسب وتطوير البنى التحتية( القانونية، الخدمية، المالية..)، وقد ركزت هذه السياسات على إطلاق حرية الحركة والاشتغال والتوظيف لرأس المال دون أي ضوابط تفترضها الخطط التنموية الإستراتيجية التي كان من المفترض التقيد بها لرفع كفاءة الاقتصاد الوطني. ونشدد على أن السياسات الاستثمارية لم تكن تعبّر عن مشروع تنموي استراتيجي، بل كانت خاضعة لتوجهات تُعبّر عن مصالح أفراد بعينهم.
إن كل ما تناولناه كان قبل الحراك الشعبي، وقبل أن تتعاظم حدة الأزمة التي باتت تأثيراتها تنعكس على كافة مستويات وأشكال وتفاصيل الحياة اليومية.
ونشدد على أن إطلاق حرية التبادل التجاري واشتغال رأس المال، دون وضع أي ضوابط أو ضمانات تُحّصن الصناعات الوطنية من انفتاح الأسواق السورية أمام السلع المستوردة التي تتمتع بكثافة رأس المال وميزات تنافسية عالية ... كان من أسباب إقفال وإفلاس أكثر من ( 1350) ورشة ومصنع وحرفة) أواسط عام 2011/، والنزاع الدائر أتى على البقية الباقية من الصناعات الوطنية. فمن لم يطاوله الإفلاس في أسواق المنافسة غير المتكافئة، طاوله الدمار، وتحديداً الدمار الذي استهدف الريف الدمشقي، ومحافظة حلب العاصمة الاقتصادية لسورية، مما ساهم في تدمير البنية التحتية للاقتصاد السوري، وهروب الرساميل للخارج، وعطالة مئات الآلاف من العمال، وتشرد ملايين من الأسر التي لم تعد تجد مأوى أو مصدراً للعيش نتيجة لفقدانها وظائفها، وفقدانها إمكانية تأمين فرصة عمل. ومما زاد من أزمة الصناعيين والمزارعين والحرفيين.. والتي انعكست سريعاً على معيشة المواطن( فقراً وبطالة وتقشف وتشرد ...) العقوبات الاقتصادية التي ساهمت في عدم توفّر المواد الأولية اللازمة للصناعات، هذا إضافة للارتفاع الكبير وغير الطبيعي للأسعار كونها أحد تجليات ارتفاع معدلات التضخم،عدم توفر القطع الأجنبي اللازم للاستيراد، وتحكّم السوق السوداء( الحر) في أهم عمليات التبادل التجاري. جميع هذه العوامل تقاطعت مع سياسات اقتصادية ومالية ساهمت في تدمير ليس فقط كيانية الإنسان بل أدميتيه.
لقد بات من الواضح ونتيجة لمفاعيل الأزمة التي تنعكس بأشد الأشكال والمستويات مأساوية على المواطن السوري إن الزراعة و الصناعة الصغيرة منها وحتى الكبيرة والصناعات الاستخراجية، تضررت إن لم نقل بأنها توقفت. وانعكس هذا بداهة على مستوى معيشة المواطن من خلال زيادة نسبة التضخم التي تجاوز الـ 51% ، وانخفاض قيمة العملة إلى أكثر من 50%، وبالتالي تدهور القيمة الشرائية، وما يضاعف من الانعكاس السلبي لزيادة معدل التضخم هو انتشار ظاهرة الاحتكار، وهيمنة السوق السوداء غير المضبوطة بأي ضابط وغير خاضعة لأية رقابة من الجهات الرسمية، وتحديداً المواد الأساسية ( الغذائية ، المحروقات..) مما أدى لارتفاع مرعب في أسعار هذه المواد إن وجدت، وطبعاً وجود هذه المواد في لحظة غياب الدولة وأجهزة الرقابة والمتابعة والمحاسبة، ينحصر في الأسواق السوداء ومحتكري المواد الأساسية اللازمة لحياته اليومية. ومن الواضح أن هؤلاء الاحتكاريين يعملون بكافة الأساليب والأشكال لشفط ما يمتلكه المواطن المسحوق، فهؤلاء شركاء في قتل المواطن السوري، وفي امتصاص دمه.
فحوامل الطاقة ( الغاز،المازوت، البنزين...) شبه مفقودة، و لا يحصل عليها المواطن إلا بشق الأنفس، والكهرباء بالكاد يبصر نورها الإنسان، وحتى الماء تحول في بعض الأوقات، لحلم عند المواطن السوري.وبحكم الترابط حلقات حوامل الطاقة والكهرباء، فإن أي خيار بديل عنها غير مجدي، وهذا ينعكس بأشكال كارثية على الصناعة والزراعة والقطاعات الخدمية ( النقل المشافي التعليم..)، وتأزم هذه القطاعات تنعكس بداهة على مستوى استقرار المواطن ومستوى معيشته، مما شكّل عند المواطن هاجس البحث عن كافة أشكال التكيّف مع الأزمة الراهنة. ولنا أن نتساءل عن قدرة المواطن في إيجاد حلول ومخارج لأزماته المعاشية، وأيضاً قدرته على التكيّف مع الأزمة الراهنة وتداعياتها التي تنعكس على كافة تفصيل الحياة اليومية. إن ثبات أجور العاملين في قطاع الخاص ومؤسسات الدولة في سياق ارتفاع معدل التضخم وانخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية وارتفاع الأسعار بشكل جنوني مع فقدان المواد الأساسية للمعيشة أجبر المواطن للخضوع لأعلى درجات التقشف. وإذا كان العامل بأجر لا يمكنه إيجاد قوت يومه وتحصيل الحد الأدنى من المواد الأساسية لحياته اليومية،فكيف حال من هم دون عمل، وما أكثرهم في اللحظة الراهنة، إذا يصعب تحديد نسبتهم، ولا ينحصر ازدياد معدلات البطالة وبالتالي الفقر والتقشف الذي يصل لحد المجاعة في إغلاق أبواب الصناعات الحرفية والورش الصناعية وهجر المزارعين لأرضهم.. بل أن المدنيون الذين يهجرون منازلهم نتيجة للصراع المسلح والقصف يعانون أزمات إنسانية، ومهددون بكوارث إنسانية على بكافة المستويات والأشكال، وتحديداً ونحن في ظل فصل الشتاء. و(تقدر الإحصائيات تدمير حوالي ثلاثة ملايين منزل)، ومن فقدوا منازلهم وعملهم إضافة إلى عمليات النزوح حوالي ثلاثة ملايين أسرة، ومن يحتاج لمساعدات إنسانية تجاوز عددهم الخمسة ملايين. هذا دون إدراج من تم تهجيرهم إلى خارج سورية والذي تقدر أعدادهم بأكثر من خمسمائة ألف إنسان.
أخيراً نذّكر الدكتور قدري جميل ووزراء الحكومة الراهنة بقوله: أن الحد الأدنى للأجور يجب أن يتراوح بين 30000 ــ 40000 ألف ليرة سورية، والحد الأعلى 120000 ألف ليرة سورية ( حتى يعيش المواطن حياة كريمة) وكان هذا التصريح قبل الأزمة، وكان فيها الحد الأدنى لأجور العاملين في مؤسسات الدولة ( 9975 ليرة سورية) والحد الأعلى عند بلوغ العامل سن الإحالة على المعاش( التقاعد) يتراوح بين ( 28000 ليرة سورية للفئة ثانيةــ 32000 للفئة الأولى ليرة سورية) . في وقت كانت معظم السلع والمواد الاستهلاكية والأساسية متوفرة وبأسعار معقولة نسبياً، وكان بمقدور المواطن اختيار ما يناسب دخله ويقيه من الجوع والتسوّل. أما الآن، وفي ظل أزمة يمتد شبحها على كامل الشعب السوري،وعلى كافة تفاصيل حياته. وفي ظل احتكار تجّار الحرب للسلع الاستهلاكية والمواد الأساسية، وفي ظل خروج القطاعات الخدمية من الخدمة نتيجة للحرب الدائرة على الأرض السورية، فإن أزمة إنسانية تتربص بكل مواطن سوري. ويعلم الطاقم الحكومي كما يعلم كل مواطن سوري، لكن دون أن يعاني أفراد الحكومة وعموم المسؤولين أزمة الشعب السوري، بأن جرة الغاز إن وجدت فإن سعرها يتراوح بين /2000ـ5000 ليرة سورية / ويصل حتى 7000ليرة سورية . أما المازوت فإن سعر الليتر الواحد يتراوح بين / 75 ــ125 ليرة سورية / ويتجاوز / 175 ليرة /في مناطق الصراع، وكذلك البنزين فإن سعره يتجاوز في بعض اللحظات الـ 150 ليرة سورية. أما محاولات تأمين الكهرباء فحدّث ولا حرج، وكافة المحاولات لا تفي بالغرض بحكم انغلاق دائرة حوامل الطاقة، التي تعاني من أزمة مستعصية، وتأمينها أو تأمين أحدها إن وجددت فإن ارتفاع سعرها يحول دون شرائها. أما أسعار المواد الغذائية فإن احتكارها من قبل تجار الحروب جعل أسعارها تتضاعف عدة مرات، وارتفاع أسعارها يتم بشكل شبه يومي، أما كيس الدقيق فيصل سعره في السوق السوداء تجاوز في بعض اللحظات /4000 ليرة سورية/ وربطة الخبز إلى 250 ليرة سورية (في أماكن التوتر)، مع ظهور أزمة حقيقية في إمكانبية تأمين الخبز الذي يعتبر المادة الأساسية لمعيشة الإنسان، كذلك المواد الدوائية والتي لا تقل ضرورتها للمواطن عن باقي السلع الاستهلاكية الأساسية، فإنها أسعارها ترتفع بشكل مستمر.
إذاً : هل يستطيع الإنسان السوري في هكذا أزمة إنسانية الاستمرار في المحافظة على بقاءه البيولوجي؟؟؟ وهل يستطيع بكل ما يتمتع به من قدرات استثنائية على التكيف مع الظروف الطارئة والأزمات أن يحصّن نفسه من الإنهيار بكل ما تعنيه كلمة الإنهيار من معنى؟؟؟
أن معاناة الشعب السوري تدفعنا لمناشدة كافة أطراف الصراع إلى تجنيب المدنيين ( وتحديداً الأطفال النساء والشيوخ) تداعيات الصراع الدائر، وانعكاساتها المتعددة الجوانب والأشكال والمستويات. وكذلك تدفعنا إلى دعوة المنظمات الإنسانية لتأمين احتياجات الشعب السوري الأساسية، والدفاع عن حقوقه الأساسية وأولها حقها في الحياة ، والحياة الكريمة بشكل محدد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يكفى كلام من خلف المكاتب
حاتم عصام ( 2012 / 12 / 30 - 00:23 )
مع احترامى لك انا اعتبر ان كل ماذكرته فى مقالك كلام فارغ- عن اى دخل او اقتصاد تتكلم يارجل ان بلدكم ينهار ويتحطم وهذا الشعب المسكين يتحمل امور وحشية لاذنب له فيها يارجل انا اطرح عليك سؤال = المواطن العادى ماذا يفعل فهو محاصر اما من قوات النظام وطائرات النظام -واما محاصر من ما يسمى الجيش الحر وجبهة النصرة- انا عندما اشاهد محطات الاخبار كل يوم اشعر بحسرة ومرارة كبيرة على هذا الشعب المسكين -احياء مدمرة بالكامل عمارات سكنية يتم قصفها بلا رحمة لام يعد هناك اى خدمات او مشافى او دارسة او ماء او كهرباء- والانكى من ذلك ان ترى فتى سورى لم يتجاوز عمره 25 سنة بلحيته الصغيرة يتجول قى منطقة سكنية ما فى سوريا ومعه كاميرا قاعد يصور بها اثار التدمير الذى حل بها -لكى يطلع العرب على ماحدث -يعتقد هذا الفتى المسكين ذو25 سنة ان هذه الصور سوف تحرك فيهم ساكنا-الهذا الحد اصبح دم ولحم المواطن السورى رخيصا فى عين بشار اللاسد وفى عين الجيش الغير حر


2 - يتبع
حاتم عصام ( 2012 / 12 / 30 - 00:58 )
لقد رأيت منذ بضعة ساعات تقرير اعلامى من سوريا على احد المحطات الاخبارية يتكلم رجل مسكين بعد هدم بيته ومعه ابنته الطفلة التى لم يتجاوزعمرها عشر سنوات والدماء قد غطت وجهها البرىء ويقف بجوراهما مرتزق ذو لحية من الجيش الغير حر- ماذا يمكن ان يفعل هذا المرتزق لها او لاابيها بعد ان اصبحوا فى العراء فى هذا الشتاء القارص وماذا يمكنك انت شخصيا ان تقدم لها اى مساعدة اكيد لاتسطيع هذا وهل سوف يستطيع معاذ الخطيب ومن معه ان يفعل شيء لها او لسوريا هذا عو حال الناس فى الداخل اما فى الخارج فحدث ولاحرج هل فكر يشار والجيش الغير حر فى الناس الذين فى المخيمات -ارجوك ارحموا بلدكم كفاكم كلاما-ولن يرحم التاريخ بشار الاسد ولن يرحم هذا الجيش الحر-هذا الرجل وهؤلاء الناس سوف يدمرون سوريا

اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي